“فتن ونزاعات عشائرية” تعيق استقرار دير الزور
إيمان الناصر – دير الزور
يرى وجهاء من سكان دير الزور، أن النزاعات العشائرية أثّرت بشكل كبير على المنطقة من حيث تقديم الخدمات والاستقرار، وجعلها في توتر دائم.
أثرت النزاعات العشائرية التي تصاعدت وتيرتها خلال الفترة الماضية، على بنية المجتمع من حيث الانقسام، وارتفاع حدة الخلافات، فضلاً عن عشرات الضحايا التي تخلّفها تلك النزاعات.
يقول عبد القادر الحميد، من سكان قرية الشهابات، غربي دير الزور، شرقي سوريا، إن النزاعات العشائرية أثّرت على تطوير المنطقة بشكل كبير، “هي عبارة عن فتن بين سكان دير الزور، يتم حياكتها لتدمير المنطقة، وإبقائها في حالة فوضى”.
وتشهد دير الزور اقتتالات عشائرية متكررة، ما يجعل المنطقة بحالة صراع وعدم استقرار، وتعود أسباب كثرة النزاعات لتعدد العشائر فيها، ويرى “الحميد” الذي يعتبر من وجهاء قريته، أن أسباب المشكلات العشائرية “غير معروفة”.
ويضيف لنورث برس، أن التنوع العشائري في دير الزور “يجعل من السهل إشعال فتنة بين السكان”، لافتاً إلى أن الجهات التي تعمل على الأمر ترى أن استمرار حالة الصراع “تخدم مصالحها”.
وتتعد أطراف السيطرة في دير الزور، حيث تسيطر القوات الحكومية وفصائل إيرانية وأخرى موالية لها على غربي الفرات، فيما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية “قسد” والتحالف الدولي، على شرقي النهر.
وتحاول كل من إيران، الراغبة بنقل حربها مع الولايات المتحدة إلى تهديد القواعد الأميركية، وحكومة دمشق الراغبة بالاستيلاء على آبار النفط، السيطرة على دير الزور، التي تعتبر منطقة استراتيجية للأولى، ومنقذ للثانية من أزمة اقتصادية ومحروقات.
وتتصاعد وتيرة الهجمات ضد “قسد” بريف دير الزور، مترافقة من نشاط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، واستهدافات تنفذها فصائل إيرانية ضد قواعد أميركية في دير الزور.
ولمواجهة الفتن، يعوّل “الحميد” على وعي سكان المنطقة من وجهاء وشيوخ وشباب ونساء، بعدم الانجرار وراء المشاكل، والتركيز على تطوير المنطقة.
ويقول أحمد المصطفى من سكان قرية حوايج بو مصعة، غربي دير الزور، إن “الوضع الأمني هذه الفترة غير مستقر بسبب الأحداث الأخيرة، كذلك بسبب المشاكل العشائرية، وانتشار حالات القتل”.
وارتفعت مؤخراً حوادث القتل، الأمر الذي زاد من حدة الخلافات العشائرية. ويحمّل “المصطفى” المسؤولية في ارتفاع الحوادث والواقع الأمني المتردي للقوات الأمنية التي تحكم المنطقة. ويقول: “لا يوجد سلطة حقيقية على أرض الواقع”.
بلغ عدد حالات الاقتتالات العشائرية في دير الزور منذ بداية العام الجاري 72 حالة، راح ضحيتها 110 أشخاص، منهم 54 قتيلاً، بينهم 7 أطفال وامرأتان، و56 مصاباً منهم 8 أطفال و3 نساء، وفق ما أحصى قسم الرصد والتوثيق في نورث برس.
وقبل أسبوعين، اعتقلت قوى الأمن الداخلي “الأسايش”، عنصراً في مجموعة “تخريبية يمولها النظام” بريف دير الزور.
وأضافت “الأسايش” على موقعها الرسمي، حينها، أنها اشتبكت مع إحدى المجموعات بعد رصد مكان اختبائها، وعلى إثرها “قُتل أحد العناصر وأُلقي القبض على آخر”.
ويضيف “المصطفى” لنورث برس، أن الأوضاع الاقتصادية “السيئة”، وعدم وجود خدمات بالشكل المطلوب، “له دور في نشر النزاعات بين السكان، خاصة أن الفقر أصبح من الأسباب الرئيسة في تلك المشاكل”.
ويشير إلى أنه بسبب كثرة الاقتتالات العشائرية، بات يركز أئمة المساجد على التوعية عبر خُطب الجمعة، بتوجيه من الوجهاء، لتحذير السكان من خطر هذه النزاعات وتأثيرها على المجتمع، وفقاً لقوله.
كذلك يشير عبد العزيز الجاسم، من سكان قرية حمار العلي غربي دير الزور، وأحد وجهاء المنطقة، إلى أن “جميع هذه النزاعات هي سياسية؛ ويتم نشرها في دير الزور لجعل المنطقة بحالة عدم استقرار، ونشر أفكار جديدة في المنطقة، وتهميش دور العشائر”.
ويقول “الجاسم” لنورث برس، إن الهدف من ذلك “تفرقة السكان بتغذية النزاعات والصراعات وجعل المنطقة بحالة عدم استقرار، لمنع تقديم الخدمات بالشكل المطلوب وبالتالي خلق حالة من الاستياء لدى سكان المنطقة”.
ويشدد الرجل على “أهمية توفير الاستقرار للمنطقة، والتعاون بين العشائر وعدم السماح لهذه النزاعات في تخريب وتدهور الأوضاع أكثر، وعقد اجتماعات عشائرية لتوعية السكان في دير الزور”.