إداريو منظمات محلية في كوباني: تهديدات التركية قوّضت وتقوّض جهود العمل

فتاح عيسى – كوباني

يرى إداريو منظمات مدنية محلية في كوباني، أن الهجوم التركي الأخير الذي استهدف البنية التحتية في المنطقة، أثّر سلباً على جهود المنظمات في استدامة الاستقرار بالمنطقة، بسبب توقف تنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية والخدمية التي تقوم بها.

ويقول إسحاق بوزي، وهو مدير تنفيذي لمنظمة كوباني للإغاثة والتنمية، إن الهجمات التركية الأخيرة على المنطقة، أثرت سلباً على عمل المنظمات الإنسانية وعلى مشاريعها التنموية في المنطقة.

ومنظمة كوباني للإغاثة والتنمية؛ منظمة محلية تأسست في عام 2015 بعد عودة سكان كوباني إلى منطقتهم؛ بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. عملت في البداية بالمجال الإغاثي، وانتقلت للعمل في المجال التنموي بعد عامي 2016 و2017 بدعم من منظمات دولية أجنبية، وخاصة منظمة (NPA) التي تقدم التمويل لمنظمة كوباني منذ عام 2017.

يضيف “بوزي” لنورث برس، أن الاستهداف الأخير أدى لتوقف نشاط معظم المنظمات العاملة في المنطقة ومن بينها منظمتهم التي توقفت أنشطتها بشكل “شبه كامل”.

مخاوف من التهديدات التركية

أدى القصف التركي المستمر على مناطق شمال شرقي سوريا، لنقص في التمويل ومخصصات المنطقة من قبل المنظمات والجهات المانحة، بسبب مخاوف من اجتياح للمنطقة.

ويشير “بوزي” إلى أن معظم المنظمات التي تعمل في كوباني، وخاصة المنظمات المحلية؛ تأثرت أساساً بشكل كبير بعد الاجتياح التركي لمنطقتي سري كانيه/ رأس العين، وتل أبيض في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

ويضيف أن تمويل المنظمات الدولية للمنظمات المحلية، “انخفض بسبب تخوف تلك المنظمات من تواجد طواقمها وموظفيها في المنطقة”، حيث انسحبت تلك المنظمات من المنطقة واقتصرت أعمال المنظمات المتبقية في المجال الإغاثي و”بعض الأنشطة البسيطة”.

وتعمل منظمة كوباني المحلية؛ حالياً، في مجال التنمية الاقتصادية ومشاريع سبل العيش من دعم الزراعة وتربية الثروة الحيوانية ومشاريع النقد مقابل العمل، إلا أن هذه المشاريع؛ تأثرت بشكل كبير بسبب الهجمات التركية الأخيرة، حيث أدت لنقص التمويل، وتراجع مشاريع المنظمات المحلية بشكل عام، وفقاً لـ “بوزي”.

ثم إن المنظمات المحلية العاملة في المنطقة تتعرض لضغوط من المانحين في حال حدوث أي قصف على المنطقة أو في حال وجود تهديدات، من أجل تأمين خطط بديلة واستجابة سريعة للانسحاب من المنطقة إلى مناطق أخرى وإيقاف المشاريع التي تنفذها، على حد قوله.

ويضيف “بوزي” أن توقف المشاريع التنموية أثر بشكل سلبي على فرص العمل وجعلها تتناقص في المنطقة، وأثّر بشكل مباشر على الوضع المعيشي لسكان المنطقة وتناقص الخدمات التي تقدم للسكان.

ويشير إلى أن المنظمات ورغم أنها لا تستطيع تقديم كامل الخدمات لسكان المنطقة، ولكنها تساهم بشكل كبير في تأمين بعض الخدمات الأساسية التي تمس حياة السكان بشكل رئيسي، وخاصة تأمين سبل العيش ودعم التنمية الزراعية والثروة الحيوانية.

وازداد عدد المنظمات الإنسانية العاملة في كوباني بين عامي 2015 و2019، إلا أن اجتياح تركيا لمنطقتي سري كانيه وتل أبيض، أدى لانسحاب تلك المنظمات بشكل تدريجي من كوباني وريفها باتجاه المناطق الأخرى.

العديد من المنظمات الدولية توجهت إلى مدينة كوباني بعد طرد “داعش” منها، حيث عملت نحو 30 منظمة دولية في مجال تأهيل البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي والمياه والمجال الإغاثي وإزالة الألغام، بدعم من التحالف الدولي.

لكن في الوقت الحالي، تتواجد ضمن مدينة كوباني سبع منظمات أجنبية، تعمل منها منظمتان فقط بشكل فعال، بينما كان عددها أكثر من 20 منظمة قبل سيطرة تركيا على سري كانيه، وتل أبيض عام 2019.

وتناقص عدد المنظمات الدولية العاملة في كوباني، من 30 منظمة قبل عام 2019 إلى خمس منظمات أجنبية فقط وست منظمات محلية بعد عام 2019.

وعدد المنظمات المحلية في كوباني يعتبر قليلاً جداً بالنسبة لعدد سكانها، كما أن المنظمات الأجنبية انخفض عددها بسبب توجهها للمناطق التي يتوفر فيها الأمن والاستقرار.

من جهتها، تقول مقبولة بركل، وهي مديرة منظمة “آرزو” لرعاية الأطفال والنساء، إن التهديدات التركية والقصف العشوائي على المنطقة يؤثر بشكل كبير على جهود المنظمات التي تعمل على تحقيق الاستقرار في المنطقة اقتصادياً واجتماعياً.

وتضيف لنورث برس، أن سكان المنطقة أيضاً يتأثرون بتلك التهديدات التي تؤدي إلى تهجيرهم وتشرديهم وعدم الاستقرار في المنطقة.

ومنظمة آرزو، هي منظمة محلية تأسست في مدينة كوباني عام 2021، وتعمل في مجال الرعاية وتقديم الحماية للنساء والأطفال والمراهقين، والذين تضرروا من الحروب التي تعرضت لها المنطقة.

حاجة ماسة للدعم

تشير “بركل” إلى أن عمل منظمتهم في كوباني، “تأثر كثيراً” بعد استهداف تركيا للبنى التحتية ومصادر معيشة السكان، حيث توقف تنفيذ المشاريع بسبب تلك التهديدات والاعتداءات على المنطقة.

وتضيف أن المانحين توقفوا عن دعم تنفيذ المشاريع بسبب التهديدات التي تتعرض لها المنطقة، وأن الدعم يوجه إلى مناطق بعيدة عن التهديدات التركية مثل مدينة الرقة وغيرها.

وترى المديرة أن كوباني بـ”حاجة ماسة” إلى تلك المشاريع في ظل الوضع المعيشي المتردي للسكان، وفي ظل قلة عدد المنظمات الإنسانية العاملة فيها.

تحرير: أحمد عثمان