قيس الحمود – الرقة
مع بدء كل شتاء، يتخوف مصطفى من الأمطار إذ تهدد السيول التي تأتي من جهة الجنوب؛ خيمته، لا سيما أن المخيم الذي يقطنه، أسفل جرف الشامية.
مصطفى العوض (40 عاماً)، نازح من حمص، يقيم في مخيم المقص جنوبي الرقة، ويسكن جانب وادٍ يمثّل قناة تصريف لسيول تأتي من البادية المجاورة، يتخوف الرجل من جرف تلك المياه لخيمته.
يتخوف نازحون كما سكان القرى الواقعة أسفل جرف الشامية؛ من السيول، إذ إن منافذ مياه الأمطار التي تتجمّع في مسطح “هائل” تؤدي إليها. وتسببت فيضانات سابقة بخراب في الأراضي الزراعية ودمار منازل، وضحايا من سكان ونازحين.
يقول “العوض”، لنورث برس، إنه يسكن بجانب وادٍ يجر مياه الأمطار من الشامية إليهم، “غرقنا أكثر من مرة، نضطر للابتعاد عن خيامنا، إلى مكان مرتفع حيث الجبل والمبيت هناك كي نحمي أطفالنا ونسائنا من الغرق”.
يطالب الرجل بإكمال مجرى الوادي الذي يحد المخيم من جهة الشرق أو بناء ساتر ترابي لمنع مياه السيول عن مخيمهم. مستدركاً: “وضع المخيم تعبان لا يوجد دعم حقيقي للأطفال ولا النساء من قبل المنظمات حتى الخيم مهترئة”.
ويتخوّف عموم النازحين في مخيمات الرقة العشوائية من فصل الشتاء، في ظل انعدام وسائل الدفء، واهتراء خيامهم التي تحتاج لتبديل شوادر، لا سيما أنهم لم يحصلوا عليها منذ أكثر من ثلاث سنوات.
ويقطن في مخيم المقص، 260 عائلة أحصتهم لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني، غالبيتهم من ريف دير الزور، حيث تسيطر القوات الحكومية والفصائل الإيرانية الموالية لقوات دمشق.
ويقدّر عدد النازحين المقيمين في المخيمات المحاذية لجرف الشامية بنحو ألف عائلة، لا يختلفون في الحال عن النازحين في مخيم المقص.
ولا يختلف حال خلف الحسين (40 عاماً)، وهو نازح من دير الزور، عن حال جاره السابق، ويقول إنه يهرب من الخيمة مع هطول الأمطار، لأنها لا تمنع من تسربها إلى الداخل، إذ لم يبدّل شادر خيمته منذ أكثر من عامين.
ويعبّر “الحسين” في حديث لنورث برس، عن مخاوف من حلول الشتاء، لا سيما بعد تعرضهم لعدة سيول العام الماضي، “إننا مقبلون على فصل الشتاء وممكن أن يكون فصلاً قاسياً، وعندنا أطفال ضمن المخيم ونساء وكبار سن”.
ويطالب الرجل بخيام جديدة وحماية المخيم من السيول، خاصة أنه يقع ضمن نطاق تصريف الوديان التي تحمل مياه مسطحات واسعة من بادية الشامية.
ويشتكي النازح من تعب وأمراض، فيما لا يتجاوز عمر ابنه الأكبر 10 سنوات، أي أنه يفتقد لمعيل، ويزيد من معاناته انعدام الدعم عن المخيم منذ عامين، بالإضافة لعدم استلامهم مازت التدفئة الشتوية.
ومخيم المقص من المخيمات العشوائية المكتظ بالنازحين، ويمتد على طول 1 كم، وينقسم إلى ثلاثة أقسام وكلها تحاذي المرتفعات الجبلية (جرف الشامية)، والذي يشكل خطراً على النازحين والسكان.
وكما سابقيّه، يطالب أسعد الصالح (45 عاماً)، ويقطن في ذات المخيم، بإيجاد حل لتصريف مياه السيول دون أن تهدد حياة النازحين، خاصة أن مخيمهم في مكان منخفض.
إذ إن مياه السيول تصطدم بالطريق العام (المرتفع) لتشكل مستنقعاً مساحته مخيمهم، لذا يطالب الرجل بإيجاد مكان أفضل ينصبون فيه خيامهم بعيداً عن السيول.
ومطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قال مسؤول في مجلس الرقة المدني، إنهم أنجزوا 80 بالمئة من مخيم أُنشئ حديثاً، تمهيداً لجمع 8 مخيمات عشوائية فيه.
وبداية العام الجاري، بدأ مجلس الرقة المدني بتجهيز مخيم العدنانية، لدمج ثماني مخيمات من بين 58 مخيماً عشوائياً في الرقة، في خطة لتسهيل تقديم الدعم للنازحين فيها.
وفي الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2022، كشف مكتب المخيّمات وشؤون النازحين، في مجلس الرقة المدني، عن خطة لدمج المخيّمات العشوائية في الرقة، بأربع مخيّمات، لتسهيل تقديم الدعم بعد عملية إحصاء لـ 58 مخيّماً عشوائياً.
وتشكّل المخيمات العشوائية؛ معاناة بالنسبة لمجلس الرقة المدني، بسبب صعوبة الوصول لجميع النازحين وتقديم الدعم بشكل متكافئ، حيث يبلغ عدد العائلات في تلك المخيّمات أكثر من 10 آلاف عائلة، بعدد أفراد يصل إلى 70 ألف فرد.
ويسكن فيها نازحون من مناطق حماة، حمص، دير الزور، عفرين، إدلب، رأس العين/ سري كانيه، عين عيسى، تل أبيض، معدان، والسبخة، بحسب مكتب شؤون النازحين.