“بقينا تحت رحمة التجار”.. مزارعو الذرة الصفراء في الرقة يطالبون الإدارة باستلام محصولهم
قيس الحمود/ فياض محمد – الرقة
رغم خسارته خلال الموسم الماضي بمحصول من الذرة الصفراء، إلا أن فيصل قرر زراعتها هذا العام؛ على أمل استلامها من قبل الإدارة الذاتية.
خسارة المزارع وأقرانه في العام الماضي لخسائر فادحة بعد أن قررت الإدارة الذاتية عدم استلام محصول الذرة الصفراء، أدى لتدني أسعارها، ووقوع المزارعين عرضة لاستغلال التجّار.
فيصل التركي، في الثلاثينات من العمر، مزارع من قرية كسرة شيخ الجمعة جنوبي الرقة، شمالي سوريا، دفع تكاليفاً باهظة لزراعة موسم الذرة الصفراء، يقول إن التجّار يدفعون في الطن الواحد أسعاراً لا تغطي التكاليف التي دفعها.
يطالب مزارعون في الرقة الإدارة الذاتية، استلام محصولهم من الذرة الصفراء، لتشجيعهم على الزراعة، لا سيما أن سكان المنطقة ممن يزرعون المحاصيل الموسمية تتركز زراعتهم على القمح والقطن والذرة الصفراء، وهي أكثر المحاصيل انتشاراً.
يقول “التركي” لنورث برس، إنه قطف ثمار جزء من أرضه المزروعة بالذرة الصفراء (عرانيس) وهي خضراء وباعها في سوق الهال، تخفيفاً لخسارة متوقعة، في ظل امتناع الإدارة الذاتية عن استلام المحصول.
تكاليف باهظة
ويتكبد مزارعون الذرة الصفراء تكاليف باهظة من ثمن أكياس البذار التي تصل إلى 140 دولار أميركي للكيس الذي يزرع مساحة 5 دونمات، بالإضافة لليد العاملة لغرس البذور حيث يتقاضون 5 آلاف ليرة لقاء كل ساعة عمل.
يتوقع المزارع خسارة “عالية” هذا الموسم في حال لم تستلم الإدارة الذاتية المحصول، لا سيما أن الدنم الواحد من الذرة الصفراء يكلفه أيضاً أجرة حراثة تصل إلى 10 دولار أميركي، وسماد يقارب 30 دولاراً، عدا عن المبيدات والمخصبات وغيرها من ثمن أكياس وأجرة حصاد.
ويكلف الدونم الواحد من الذرة الصفراء بين 80 و90 دولار أميركي، بينما يدفع التجّار أسعاراً لا تتجاوز 170 دولار للطن، في حين يبلغ وسطي إنتاج الدونم الواحد نصف طن. وفق مزارعين.
يطالب “التركي” وأقرانه الإدارة الذاتية باستلام محصولهم، “إذا الإدارة الذاتية ما استلمت الموسم رح يكون في خسارة كبيرة، ويتحكم فينا التجّار مثل الموسم السابق”، حينها، باع المزارعون محصولهم للتجّار بثمن “بخس”.
ويتخوف المزارعون من تكرار سيناريو العام الماضي في ظل التكاليف الباهظة للمحصول، لا سيما أن الإدارة الذاتية لم تُصدر أي تعميم أو قرار بخصوص محصول الذرة الصفراء.
عزوف عن الزراعة
أسهم قرار عدم استلام محصول الذرة الصفراء العام الماضي، بعزوف مزارعين عن زراعتها والتوجّه نحو محاصيل جديدة كالنعناع والسمسم والبرسيم والأشجار المثمرة.
كذلك يطالب فواز الدرويش، وهو مزارع من قرية فخيخة جنوبي الرقة، الإدارة الذاتية باستلام محصول الذرة، يقول لنورث برس: “الإدارة أعطتها للتجار، والتجّار تحكمون بنا يدفعون 140 دولار، وبحد أقصى 150 دولار للطن الواحد”.
واستأجر “الدرويش” الدونم الواحد بـ 125 دولار، ودفع تكاليفاً فاقت الـ 75 دولار، “إذا ما بعنا المحصول بسعر جيد مارح نقدر نزرع شي بعده”، يقول.
وكما سابقيه، يرى أحمد العبار، وهو مزارع من قرية فخيخة جنوبي الرقة، أن “الخسارة ستكون كبيرة” إذا لم تستلم الإدارة الذاتية محصوله.
إذ إن المزارع دفع 3750 دولار، فقط لاستئجار 25 دونماً، عدا عن التكاليف التي دفعها والتي تقارب المبلغ الذي دفعه ثمناً لإيجار الدونم الواحد.
ويرى مزارعون، أن الإدارة الذاتية مسؤولة عن استلام محاصيلهم بأسعار جيدة لتشجيع الزراعة، والنهوض بالواقع الاقتصادي للسكان.
وبعد نضوج محصوله، فرش فيصل أبو بلال، محصوله على الطرقات لتجفيفه، قبل بيعه.
يقول إن التجّار يدفعون له 160 دولاراً للطن الواحد، بينما كلفته أرضه أكثر من ذلك، يحاول الرجل تجفيفها وتخزينها ريثما يتحسن سعرها.
ويضيف لنورث برس، أن العزوف عن الزراعة بات الحل الوحيد أمام المزارعين، في ظل عدم استلام الإدارة الذاتية المحاصيل منهم، حيث امتنعت هذا العام عن استلام محصول القطن الاستراتيجي من المزارعين.
“فتح المجفف”
ومن جهته، يطالب طلال العسكر، وهو مزارع من قرية ربيعة غربي الرقة، الإدارة الذاتية باستلام المحصول وفتح المجفف لاستلامه.
ويشير إلى أن مطالباته تلك تأتي في ظل مخاوف من العوامل الجوية التي تؤدي إلى كساد الموسم، مع إقبال فصل الشتاء، كما أن استلام الإدارة للمحصول يضع حداً للتجّار الذين يستغلون المزارعين.
ورغم افتتاح الإدارة الذاتية لمجفف الذرة الصفراء إلا أنها وضعت شروطاً لاستلام الذرة لتجفيفها، ما يجعله حكراً للتجّار.
لذا لم يجد معاذ الخاطر، وهو من قرية ربيعة أيضاً، سوى الطريقة البدائية لتجفيف محصول على الطرقات، حيث يفرشونها لتتعرض لأشعة الشمس، ثم تخزينها بأكياس لبيعها أو تخزينها.
ولا يختلف “الخاطر” عن سابقيه، إذ يتشاركون ذات المعاناة وجميعهم عرضة لخسائر فادحة، تدفعهم للتفكير ملياً بالعزوف عن الزراعة.