الولايات المتحدة استعدت لأعلى مستويات الردع في الشرق الأوسط

غرفة الأخبار- نورث برس

جاء التحرك العسكري الأميركي في أعقاب الصراع في غزة، ليس دعماً لإسرائيل على وجه التحديد بقدر ما هو استعداد لتوسع محتمل للصراع، لاسيما وأن المواقع الأميركية في ذلك سوريا والعراق تتعرض بالفعل لهجمات متكررة بالصواريخ والمسيرات.

وبالرغم من أن الولايات المتحدة ترفض إعطاء تفاصيل كبيرة عن طبيعة الرد على أي هجوم محتمل على مصالحها في الشرق الأوسط، إلا أن ذلك ظهر جلياً عندما أغارت بتاريخ 27 تشرين الأول/ أكتوبر، على موقع في شرقي سوريا، قالت إنها تتبع للحرس الثوري الإيراني في سوريا.

بالتزامن مع التحركات العسكرية الكبرى التي شملت حاملات طائرات وأنظمة دفاع جوي، أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن جولة في الشرق الأوسط، شملت إسرائيل والأردن والعراق وقبرص وتركيا.

ولأن الجماعات التي تستهدف المواقع الأميركية تطلق على نفسها “المقاومة الإسلامية في العراق”، إلى جانب معطيات تفيد بأنها جماعات عراقية موالية لإيران، كان الحديث الأبرز للوزير بلينكن في هذه القضية قد جاء مع رئيس الوزراء العراق حيث أبلغه بلينكن، بضرورة محاسبة منفذي الهجمات.

لكن من وجهة نظر الباحث السياسي العراقي الدكتور إحسان الشمري، فإن حكومة السوداني غير قادرة على كبح جماح الفصائل المسلحة لأنها لا تملك زمام السيطرة الأمنية عليها، حتى لو كانت بعضاً منها تنضوي في الحشد الشعبي كقوة داخل المنظومة العسكرية العراقية.

ويعتقد الباحث العراقي أن الخطط العراقية فشلت حتى هذه اللحظة من ملاحقة الجماعات ولم تتمكن بغداد من إعطاء ضمانات قوية لواشنطن بعدم تكرر الهجمات.

وكانت الحكومة العراقية قالت الأسبوع الفائت، إنها توجه بملاحقة منفذي الهجمات التي تستهدف ما اعتبرتها “قواعد عراقية” تستضيف قوات التحالف الدولي.

ويقول المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر، بخصوص التعزيزات العسكرية لقيادة القوات المركزية، إن “الهدف المعلن هو ردع صراع إقليمي أوسع، بينما يقتصر الصراع حتى الآن على غزة وإسرائيل ومعركتهما ضد حماس.”

وأضاف رايدر:”نحن نرى هذه الهجمات المضايقة التي تشنها الجماعات الوكيلة لإيران في العراق وسوريا. ومرة أخرى، لن أقوم بإبلاغ العمليات المستقبلية المحتملة بشأن ما قد نفعله أو لا نفعله”.

 لكن بالرغم من عدم كشفه تفاصيل العمليات المستقبلية، أشار الجنرال الأميركي إلى ما وصفه “إجراءات ضرورية لحماية قواتنا”.

وأمس الثلاثاء، قالت السكرتيرة الصحفية في البنتاغون سابرينا سينغ، إن هدف الولايات المتحدة من التعزيز العسكري “هو ضمان عدم اتساع نطاق هذا الصراع خارج إسرائيل”.

أم بالنسبة لطبيعة الرد على الهجمات على مواقعها، قالت إن “الردع في الوقت الحالي هو قوي، وإننا نبعث برسالة تحذيرية قوية إلى أي دولة أو جهة فاعلة غير حكومية ترغب في التدخل في الصراع.”

وأضافت: “ليس هناك تردد، بل نحن نقرر الرد في الوقت والمكان الذي نختاره (..) نحن نتعامل بشكل استراتيجي عندما نقرر اتخاذ إجراء حركي، وقد رأيت ذلك في 26 أكتوبر عندما ضربنا نقاط البنية التحتية الرئيسية التي تستخدمها هذه المجموعات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني”.

وتطلب الولايات المتحدة العراق بكبح جماح “المليشيات التي تشن الهجمات على مواقعها، وكانت معظم أهادفها في العراق هي قاعدتي  قاعدة حرير في أربيل وعين الأسد في الأنبار.

وتعرضت القاعدتان، إضافة إلى مواقع أخرى في سوريا، إلى ما لا يقل عن 40 هجوماً بالصواريخ والمسيرات منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر الفائت، أي بعد نحو عشرة أيام من هجوم حماس على غلاف غزة.

وأصيب نحو 45 جندياً أميركياً جراء تلك الهجمات حسب ما أعلنه المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر يوم الاثنين.

ويتهم البنتاغون جماعات موالية لإيران بتنفيذ الهجمات، وتحديداً تتبع للحرس الثوري الإيراني، بينما تنفي طهران ذلك وتقول إنها مستقلة في قرارها.

ويقول الشمري وهو رئيس مركز التفكير السياسي في العراق، إن الاتصالات الأميركية التي قادها بلينكن “هاتفياً أو ميدانياً” مع العراق حيث أن “حكومتها تمثل الفصائل المسلحة”، تبين أنها “عبارة عن رسائل صلبة إلى حكومة السوداني فحواها هو أن أي تحول أو انتقال بجعل العراق أرضاً عدائية للولايات المتحدة سيدفع إلى رد قوي.”

وتأتي هذه الرسائل بحسب الشمري، في وقت تعتقد فيه الفصائل المسلحة أنها لا تزال مطمئنة على أن الولايات المتحدة تتقبل ثنائية (الحكم- محور المقاومة).

وأضاف الشمري: “إلى جانب تغاض الحكومة، في حال تجاوزت الفصائل المسلحة قواعد الاشتباك وانتقلت إلى الاستهداف القاتل، أعتقد أن الأرض العراقية ستكون ساحة للنيران الأميركية بشكل مباشر.”

ويعتقد الباحث العراقي أن الانتشار الأميركي الضخم هو تجهيز للقيام بعمليات ردع كبرى لأي محاولة لاستهداف مصالحها.

لكن في الوقت الحالي، يستبعد الشمري حدوث عمليات ردع كبرى، ما إذا ظلت هذه الفصائل تنتهج سياسة الاستهداف غير القاتل.

و على الصعيد السوري، يقول الكاتب الصحفي حسان محمد، إنه من المتوقع أن تنفذ الطائرات الأمريكية ضربات ضد أهداف إيرانية في الجنوب السوري.

ولكنه لا يعتقد أن تمنع هذه الضربات التمدد الإيراني، فهي وإن حصلت فستكون “ضربات تحذيرية ومحدودة التأثير”، على حد وصفه.

وتشدد الولايات المتحدة على لسان مسؤوليها أنها تقف بالضد من توسع الصراع، لكن في الوقت نفسه تحسب حساب تمدد محتمل إلى جغرافية أوسع وبالتالي فإن ذلك يتطلب إعادة انتشار وتحرك عسكري وفق الاستراتيجية العسكرية الأميركية.

وأوضح الجنرال رايدر في تصريح سابق له أنه “في السياق الاستراتيجي ما نحاول القيام به هو التأكد من أن الصراع لا يتصاعد لا أعتقد أن أي شخص يريد أن يرى ذلك، وفي الوقت نفسه نتأكد من أننا نحمي قواتنا، وفي نفس الوقت نتأكد من أن لدينا خيارات وقدرات متاحة لنا إذا حاول شخص ما استغلال هذا الوضع وتوسيع نطاق هذا الصراع”.

ويبقى هناك احتمال أن تشهد المنطقة ضربات أشد ضد تدخل وكلاء إيران في الجنوب السوري في الحرب الدائرة في غزة بشكل مباشر، أو أن تتعرض قواعدها بالمنطقة لضربات قوية، وفقاً  للصحفي حسان محمد.

 إعداد وتحرير: هوزان زبير