التراث الإنساني وأغصان عفرين ضمن لوحة لفنان في حلب

آردو جويد ـ حلب

رغم بعده عنها إلا أن عفرين لم تغب عن ذاكرة أصلان، ليجسدها في لوحة فنية، تثبت حنينه وتشبثه بمسقط رأسه.

أصلان معمو فنان تشكيلي، ينحدر من ريف عفرين ويقيم في حلب منذ سنوات، إذ درس في تلك المحافظة.

وضمن حدث فني في حلب القديمة استعرض فنانون من حلب وريف عفرين لوحات فنية عديدة تمثلت في عدة أفكار شارك بها ثمانية عشر من الفنانين التشكيليين، تضمنت أشجار الزيتون التي تنمو في منطقة عفرين، إحدى المناطق السورية المتأثرة بالنزاعات والأزمات.

ومؤخراً، أقيم ملتقىً للفنون التشكيلية في مدينة حلب شمالي سوريا والذي انطلق تحت عنوان “الفنون عتبة.. لتجاوز الآلام”، بمشاركة 18 فناناً تشكيلياً بعروض متنوعة.

يقول “معمو”، لنورث برس: “كانت هذه الأعمال الفنية تسعى للتعبير عن الوحدة بين التراث الحلبي وجمالية أشجار الزيتون”، وتمثل ذلك في إحدى لوحات الفنان.

شارك “معمو”، في لوحتين، واحدة دمج بها تراث قلعة حلب الذي يحمل الأثر الإنساني والمدينة التي درس فيها، مع الشجرة التي ترمز للزيتون وطبيعة منطقة عفرين وهي مسقط رأسه.

وترزح منطقة عفرين تحت وطأة النزاعات والصراعات المستمرة منذ عام 2018، ما انعكس بشكل مباشر على حياة السكان الأصليين وتراثهم الثقافي.

ومن أجل إظهار تأثير هذه الصراعات على الحياة المحلية، قام الفنان بتجسيد أشجار الزيتون المهددة بالزوال وتجاوزها بالفن.

وبين “معمو”، أن تميز اللوحة في المعرض عن باقي اللوحات بالأغصان الموجودة التي ترمز إلى تاريخ الأرض وبقائها.

ومنذ صغره، كانت طبيعة عفرين واضحة في لوحاته، ولا تزال ترافقه لليوم وستبقى ترافقه في الأعمال القادمة، بحسب قوله.


وصورت اللوحة الثانية للفنان، منطقة عفرين التي فقدت الكثير من الأشجار إضافة لتهجير سكانها الأصليين حتى تتحول إلى سهول وجبال فارغة وأغصان زيتون تجردت من الحياة ودون أوراق.

يقول “معمو”: “لن يستطيع أحد سلخ الإنسان عن الطبيعة الأم التي تعكس طبيعة الحال على اللوحة من خلال اللون من خلال الخط من خلال التوليفة أو الإخراجية في خطوط اللوحة”.

تنوع الأعمال الفنية

تميز المعرض بتنوع الأعمال الفنية المعروضة، حيث استخدم الفنانون تقنيات مختلفة في إعداد الألوان واستخراج التراث الحلبي. وقد استخدم بعضهم الرسم التقليدي بينما اعتمد آخرون على ألوان زاهية ومظاهر واضحة تعكس رمزية عنوان الملتقى والكوارث المأساوية.

يرى “معمو” أن المشاركة في مثل هذه الأعمال الجماعية شيء ضروري لكل فنان حتى يتمكن من طرح الأفكار بطابع مختلف، ووجهة نظر الفنان تأتي من أنه عاش حياته بين الريف الذي جاء منه وحياته في المدينة، لكن الطبيعة بين السهول والجبال في منطقة عفرين تركت ثقافة بصرية قوية مما دفعه للمزج بين الطبيعة والتراث.

صعوبات

من خلال هذا المعرض، تمكن الفنانون من إبراز رسالة قوية حول الحاجة إلى الحفاظ على التراث الثقافي وحماية الحياة الفنية للرسم المهددة بالزوال.

وأوضح أن “للفن هنا أهميته في تشكيل رؤية مختلفة للواقع وإبراز التحديات التي تواجه المجتمعات المتأثرة بالنزاعات والتشويهات”.

وشدد “معمو” على صعوبة حياة الفنان في الرسم التشكيلي في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وتراجع الأعمال بسبب تدهور الحال الاقتصادي.

ولدى “معمو”، رغبة في إقامة خمسة معارض، كان قد جهز لها، إلا أن الوضع الاقتصادي والتكاليف المالية الكبيرة التي تترتب على إقامة المعرض حالت دون تحقيق هذه الرغبة.

وحول الصعوبات قال: “الصعوبات تواجهها كل شرائح المجتمع، ولا تقتصر على الفن والفنانين، لكن الفنان لديه طابع خاص يميزه عن بقية المجتمع وخاصة من تهجر من أرضه وبيته ومرسمه الصغير وابتعد عن الطبيعة وعن مكانه الدائم”.

واعتبر أن المعارضَ هي المتنفس للفنان حتى يقوم في طرح الأفكار وخروجه من العزلة والاندماج في المجتمع وتحسين الواقع الفني من خلال تكرارها.

تحرير: تيسير محمد