ملايين الدولارات .. قيمة صيانة مغذي الشمال السوري بالغاز بعد تدميرها بقصف تركي

غرفة الأخبار ـ نورث برس

معمل السويدية الوحيد الذي كان يغذي شمال شرقي سوريا، بالغاز، بالإضافة لتغذية مدن رئيسية في المنطقة بالكهرباء، بات خارج الخدمة، والسبب هو قصف تركي متكرر أصاب المعمل، وألحق أضراراً كبيرة فيه قدرت تكلفة صيانته بما يعادل ملايين الدولارات.

وخرجت منشأة غاز وكهرباء السويدية، في ريف ديرك أقصى شمال شرقي سوريا، الجمعة الفائت، عن الخدمة بشكل كامل وذلك نتيجة سلسلة من الهجمات والقصف التركي عليها.

قبل القصف التركي، كان المعمل ينتج يومياً 500 ألف متر مكعب من الغاز النظيف يغذي بها عنفات الطاقة الكهربائية لإنتاج 40 ميغا واط من الكهرباء.

وتغذي محطة السويدية مدن الجزيرة السورية بـ50 بالمئة من الكهرباء النظامية، ليبقى سكان المنطقة بلا كهرباء، وهو ما يلقي بظلاله على المياه التي تعتمد في الضخ على الكهرباء وبالتالي أمور معيشية أخرى يحتاجها السكان.

وقال عكيد عبدالمجيد إداري بمعمل الغاز بمنشأة السويدية لنورث برس، إنه “في الساعة ١١ صباحاً بدأ القصف على منشأة السويدية، وفي البداية تم استهداف عنفات الغاز التي تولد الكهرباء لمدن الحسكة والقامشلي والدرباسية وعامودا وتم قصفها مرتين، ونتيجةً لذلك توقفت ثلاثة عنفات”.

وتابع أنه بعدها تم استهداف عنفات الشركة التي تغذي آبار النفط بالكهرباء بالإضافة إلى التي تغذي المدن الممتدة من تربسبيه وحتى ديرك حيث استهدفت عنفتان.

وأضاف أنه بعد استهداف العنفات ومحطة تحويل الكهرباء، استهدف القصف معمل إنتاج الغاز المنزلي والغاز النظيف الذي يشغل العنفات ودارة التبريد للأبراج وهي دارة رئيسية في معمل الغاز والتي بدونها لا يعمل المعمل، وحاليا بات المعمل خارج الخدمة ومتوقف كلياً.

وأوضح في محصلة الحديث أن القصف التركي استهدف ٦ مواقع للنفط والغاز والكهرباء بمحيط السويدية مما أخرجها عن خدمتي الغاز والكهرباء كلياً.

وأشار إلى أنه بحجم الأضرار الموجودة حالياً للمنشأة، تقدر تكلفة إعادتها للعمل والإنتاج نحو ملايين الدولارات.

وفي ذات السياق، قال مدير شركة كهرباء الحسكة الحكومية صالح إدريس بتصريحٍ لوكالة سانا، إن “العدوان التركي على المحطة تسبب باشتعال النيران فيها وبأضرار مادية كبيرة، مشيراً إلى أن منشأة توليد السويدية هي المصدر الوحيد في المحافظة التي يتم الاعتماد عليها بتغذية الخطوط الخدمية المستثناة من التقنين الكهربائي”.

وأضاف أنه سيتم الاعتماد حالياً على الكمية القليلة من التيار الكهربائي الوارد عبر خط توتر (230 ك ف) الواصل من الطبقة إلى الحسكة لتغذية الخطوط الخدمية (مياه ومشاف وأفران واتصالات)، لضمان استمرار تقديم الخدمة للمواطنين.

والمعمل تم إنشاؤه منذ أكثر من 30 عاماً، “ويعتبر قديماً والحصول على القطع التبديلية ليست بالسهولة”، بحسب “عبد المجيد”.

وأنشئ معمل السويدية للغاز مطلع الثمانينات القرن الماضي من قبل شركات فرنسية، دون أن يطرأ عليها منذ ذلك الوقت أية تحديثات.

وكان المعمل ينتج ما يقارب 130 طناً من الغاز المنزلي أي ما يعادل 13 ألف أسطوانة يومياً، بحسب إدارته.

وأمس السبت، قالت دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، في بيان، إن التصعيد التركي “جعل أكثر من مليوني إنسان بدون خدمات من قبيل الماء والكهرباء”.

واعتبرت الإدارة الذاتية استهداف موارد العيش من محطات كهرباء ومياه وبترول “جريمة حرب”.

وقال الباحث الاقتصادي، خورشيد عليكا، إن اقتصاد الإدارة الذاتية دخل في “ركود عام”، بسبب استمرار استهداف البنية التحتية والقطاعات الاقتصادية الحيوية.

وأضاف عليكا، في تصريح لنورث برس، أنه على مستوى الاقتصاد الكلي، فستكون لهذه الهجمات آثار اقتصادية طويلة المدى على الحياة التنموية في المنطقة.

وقال الباحث الاقتصادي، إنه يمكن تقدير الخسائر الحالية المباشرة وغير المباشرة من القصف التركي بمئات الملايين من الدولارات، وهو ما يعني أن نصيب الفرد الواحد من الخسائر الاقتصادية بفعل القصف وتوقيف عجلة الاستثمار وزيادة معدلات البطالة، ستكون “باهضة جداً”.

وستشهد الأيام القادمة نقصاً في ضخ وتوفير المياه في أغلبية الأحياء السكنية في المناطق المستهدفة وتقليل ساعات الكهرباء إلى مستوى صفر ساعة في أغلب المناطق، وستكون هناك أزمة غاز ومازوت وبنزين وخبز. وجمود في حركة السوق واستمرار ارتفاع أسعار السلع والخدمات وستكون لها آثار مباشرة على زيادة معدل الهجرة ونقص وتقليل المساعدات المقدمة إلى المخيمات وبالتالي ارتفاع معدل البطالة. وفقاً لـ”الباحث”.

وعن آلية التعامل مع آثار وتداعيات الهجمات التركية، على البنية التحتية في المنطقة، يقول عليكا، إنه “من الصعب جداً لمنطقة مثل الإدارة الذاتية أن تتعامل بمرونة مع آثار كل هذه الهجمات الوحشية المستمرة أو أن توفر البدائل لذلك”.

إعداد وتحرير: تيسير محمد