تصريحات الحكومة عن همها بتحسين الواقع المعيشي تثير السخرية

ليلى الغريب ـ دمشق

نادراً ما يخلو بيان حكومي من التأكيد على السعي لتأمين حياة كريمة للمواطن عقب كل اجتماع أسبوعي دوري، حتى أن بيانات الحكومة تصدر بنفس المصطلحات عندما تقدم مبررات لأسباب رفع سعر المواد المدعومة.

هذا النوع من الكلام “الخشبي” كما وصفه البعض، أصبح يثير استياء الكثير من السكان المتابعين للشأن العام، بعدما وصلت الأمور إلى حد الجوع، مع عجز شبه تام عن إيجاد حلول تعين المواطنين على تأمين حاجاتهم من الطعام.

بلا جمرك

يعلق أحد المدراء الفرعيين في مؤسسة حكومية، على التصريحات الحكومية بالقول إن “الحكي ما عليه جمرك”، ويضيف لنورث برس: “من لا يستطيع أن يقدم أي حلول، يعوض النقص بالتصريحات الخلّبية والطنانة”.

ويشير إلى أن المغتربين من أصدقائه وأهله يتحدثون عن مدى الدعم الذي تقدمه الحكومات في مجال التعليم والصحة مجاناً، “بينما ورغم كل سوء هذين القطاعين في بلدنا ما زالت الحكومات تتغنى بالدعم الذي يقدم في هذين المجالين، رغم أن التعليم أصبح على عاتق الأهل بعد انتشار الدروس الخصوصية، وكذلك التداوي”.

ويضيف أن “الحكومة ماضية في سياسة رفع الدعم التي أنهكت المنهكين أصلاً، دون اهتمام بردة فعلهم، وبحجم الاحتقان الذي يكبر كل يوم بشكل يوحي أن الحكومات لا تقيم أي وزن للناس وآرائهم، لأنه حتى لو كانت المقتضيات من وجهة نظر الحكومة تقتضي أن يتم رفع الدعم، ولكن ثمن هذا الإجراء أغلى بكثير من الخسائر التي يحسبونها”.

ويبين أن الأرقام التي “تشلفها” الحكومة عن حجم الدعم، “لم تعد تقنع أحداً بسبب المبالغة فيها، خاصة أن الناس لم تعد تلمس نتائج  على الأرض لهذه الأرقام، كتصريح رئيس الحكومة حسين عرنوس عن أن حجم الدعم الذي تقدمه الدولة لمواطنيها يبلغ 25 ألف مليار ليرة، في حين أن السوريين لا يلمسون على أرض الواقع أي خدمات حقيقية”.

مدعاة للسخرية

الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي سامر الغرير، قال لنورث برس، إن تصريحات الحكومة حول أن “هاجسها تحسين مستوى المعيشة” أصبحت “مدعاة للسخرية”، خاصة مع الخطة التي تسير عليها تلك الحكومة بالتخلي عن دورها الاجتماعي والعمل على إلغاء سياسة الدعم، ورفع أسعار المشتقات النفطية.

وأضاف: “الخطوة الأخيرة التي اتخذتها الحكومة بتخفيض أسعار بعض المحروقات للحر والصناعي، تشبه ذر الرماد في العيون، لأنها لن تغير من الواقع والأسعار في شيء بشكل عملي، وإن كانت تبدو كأنها استجابة لمطالب الناس”.

ولفت الإعلامي إلى العناوين العريضة التي تطرحها الحكومة في الاجتماعات والتي مضى عليها قرون دون علاج كملف الكهرباء والماء والاتصالات وغيرها.

ويضيف “أن أحداً لم يعد يقيم وزناً لذلك النوع من الاجتماعات أو التصريحات”، ويتابع بسخرية: “بل إن الحكومة ذاتها صارت تدرك أن البيانات الختامية والتصريحات الإعلامية الرسمية لم تعد تقنع حتى من يطلقها من مسؤولي الحكومة، وأن تلك التصريحات صارت أشبه بالأناشيد التي كان التلاميذ يرددونها كل يوم، وهم يعرفون أنه ليس مطلوباً منهم فهم معانيها”.

في حين قال محمد عكاش، وهو اسم مستعار لصحفي اقتصادي، لنورث برس، إن “دور الحكومة في بلدنا محدود للغاية، وأن الحكومة عبارة عن واجهة شكلية لحكومة ظل، وأن دورها أن تكون وجه السفاهة”.

ودليله على ذلك أن “حاكم مصرف سوريا المركزي مثلاً هو خريج حقوق، وأن هذا لن يغير من الأمر شيئاً، لأن هذه الحكومة ومن سبقها وسيتلوها مهمتها تنفيذ الإملاءات وتحمل شتائم الشعب، أما خبراتها العلمية فلا حاجة لها”.

“إن كنتم صادقين

وكان الخبير الاقتصادي عامر شهدا، قد نشر على صفحته، مخاطباً رئيس مجلس الوزراء وفريقه مؤكداً أن جلساتهم “متعبة ومتأخرة”، وأن ما ينتج عنها “كلام إعلامي لا أكثر”.

وأضاف شهدا: “إذا كنتم فعلاً صادقين بما دار بمجلسكم وتملكون إرادة، نطلب منكم أرقاماً إحصائية صحيحة عن عدد السكان في مناطق سيطرة الدولة، ومعادلة احتساب الاحتياجات، وقاعدة بيانات عن المغادرين للبلد والذين مضى على مغادرتهم ثلاثة أشهر”.

بالإضافة إلى “قاعدة بيانات شفافة عن استهلاك المشتقات النفطية. وكم إنتاجنا المحلي من آبار الغاز، وكم مقدار الوفورات التي تحققت من جراء قراراتكم برفع أسعار المحروقات”.

تحرير: تيسير محمد