المقدمة
شهدت سوريا خلال تموز/يوليو انخفاضاً بمقدار 2% في نسبة ضحايا الانتهاكات بالبلاد, وانخفضت نسبة الاعتداءات التي حدثت بحق المدنيين 13%, أما التصعيد بين أطراف النزاع انخفض بنسبة 43%, وعلى صعيد نشاط تنظيم “داعش” انخفضت بنسبة 31%, وذلك بالاعتماد على تحليل البيانات التي سجلها قسم الرصد والتوثيق في نورث برس ومقارنتها مع حزيران/يونيو الماضي.
يتطرق التقرير الشهري لقسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس، لأبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي تم توثيقها وتسجيلها خلال تموز/يوليو, بالاعتماد على معلومات حصل عليها القسم من شبكة مصادر ميدانية في مختلف المناطق السورية.
ويتضمن التقرير حصيلة انتهاكات حقوق الإنسان من قتل واعتقالات تعسفية على يد أطراف النزاع, وإحصائية بأعداد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم بسبب مخلفات الحرب، التي تتقصد بعض الجهات زرعها في أطراف مناطق سيطرتها بغرض حماية نفسها من هجمات معادية، ولكنها تتسبب بسقوط عشرات الضحايا المدنيين شهرياً.
بالإضافة إلى القصف العشوائي، من قبل القوات المسيطرة بحسب مناطق توزعها، وتداعياته وأضراره على المدنيين والممتلكات العامة, وكذلك نشاط تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”, وغيرها من القضايا التي تمسُّ حقوق السوريين وتتسبب بزعزعة أمنهم واستقرارهم.
ضحايا الانتهاكات في سوريا
انخفضت حصيلة الضحايا في سوريا بنسبة 2% مقارنة مع الشهر الفائت, إذ سجل قسم الرصد والتوثيق في وكالة نورث برس خلال تموز/يوليو, مقتل وإصابة 661 شخصاً بين مدني وعسكري، حيث قضى منهم 284 وأصيب 377, من خلال استهدافهم بشكل مباشر أو بقصف عشوائي غير مشروع أو بسبب حوادث التعذيب والتعنيف وغيرها من ضروب المعاملة اللاإنسانية. جميع المدنيين قتلوا بأساليب خارج نطاق القضاء على يد أطراف النزاع أو على يد مسلحين مجهولين, بسبب الفلتان الأمني وتعدد القوى المسيطرة في البلاد.

الحصيلة العامة للضحايا توزعت على الشكل التالي:
بلغ عدد الضحايا المدنيين 390 شخصاً, قضى منهم 140 بينهم 21 طفلاً و17سيدة، وأصيب منهم 250 بينهم 50 طفلاً و35 سيدة, وأعلى نسبة للضحايا المدنيين توزعت على الشكل التالي: (سجلت مدينة دمشق وريفها أكبر عدد للضحايا بلغ 70 شخصاً, تليها ريف حلب الشمالي 56 شخصاً ثم درعا 50 شخصاً, ومدينة حلب 48 شخصاً, وإدلب 37 شخصاً, أما دير الزور 36 شخصاً, ثم الرقة 32 شخصاً والحسكة 18 شخصاً، ثم 12 شخصاً في كل من سري كانيه وحماة، وفي حمص 8 أشخاص, وفي السويداء 5 أشخاص ثم في كل من اللاذقية وكوباني شخصان, وسجل في كل من منبج وتل أبيض شخص).
أما بالنسبة للضحايا العسكريين بلغ عددهم 271 عسكرياً، قتل 144 عنصراً وأصيب 127 آخرون, توزع العدد بين القوى الأربع المسيطرة في سوريا، (منهم 63 قتيلاً و57 مصاباً في صفوف القوات الحكومية, ومن فصائل المعارضة الموالية لتركيا قتل 23 عنصراً وأصيب 21 آخرون, أما من عناصر هيئة تحرير الشام، جبهة النصرة سابقاً، قتل 9 عناصر وأصيب 15 آخرين, بالإضافة لمقتل 21 وإصابة 29 عنصراً من جنسيات غير سورية، وقضى 28 عنصراً من قوات سوريا الديمقراطية وأصيب 5 آخرون).
زادت نسبة ضحايا مخلفات الحرب عن الشهر الفائت بمقدار 22%, حيث بلغ عددهم 44 شخصاً, قتل منهم 5 أطفال وأصيب 6 آخرون, وقضت 1 سيدة وأصيبت أخرى, كما قضى 2 رجل وأصيب 5, بينما العسكريون قتل 14 وأصيب 10 آخرون.
بالنسبة للقصف شهدت مناطق “خفض التصعيد” في سوريا انخفاضاً بنسبة 43% نتيجة التصعيد العسكري وأعمال القصف غير المشروعة والاشتباكات المستمرة, بين القوات الحكومية وهيئة تحرير الشام، وبين القوات الحكومية والفصائل المعارضة الموالية لتركيا, إذ قصف 55 موقعاً، بـ 69 ضربة مناطق خاضعة لسيطرة حكومة دمشق خلال الشهر، حيث استهدفت هيئة تحرير الشام 45 موقعاً بـ 48 ضربة، وإسرائيل 4 مواقع بـ 4 ضربات, وفصائل المعارضة استهدفت 1 مواقعاً بـ 1 ضربة, واستهدف مجهولون 1 موقعاً بـ 1 ضربة. فيما استهدفت القوات الحكومية 4 مواقع في مناطق المجموعات المحلية وعناصر منتمين سابقاً في المعارضة، وراح ضحية القصف على هذه المناطق 19 شخصاً وأصيب 15 آخرون.
وتعرض 111 موقعاً، بـ 121 ضربة في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام للقصف, حيث استهدفت حكومة دمشق 108 مواقع بـ 119 ضربة, وروسيا قصفت 3 مواقع بـ 2 ضربة وقضى في هذه الضربات 11 شخصاً وأصيب 31 آخرون.
أما فصائل المعارضة الموالية لتركيا, قُصفت 6 مواقع لها بـ 21 ضربة, 5 مواقع بـ 10 ضربات استهدفتها الحكومة، 1 موقع بـ 11 ضربة خلال استهداف القوات الحكومية لقاعدة تركية، وراح ضحيتها 4 عناصر وأصيب 17 آخرين.
بالنسبة للقصف التركي, استهدفت القوات التركية 42 موقعاً في الشمال السوري بـ 104 ضربات، 6 منها عبر طائرات مسيرة, تسببت بمقتل وإصابة 38 شخصاً.

على صعيد الاعتقالات والإخفاء القسري, ارتفعت نسبة الاعتقالات لـ 159% مقارنةً بحزيران/يونيو الفائت, إذ سجل القسم اعتقال 738 شخصاً في سوريا على يد أطراف النزاع, ورصد أعلى نسبة للمعتقلين تعسفياً في مناطق هيئة تحرير الشام، والتي بلغت 56% من مجموع الاعتقالات, حيث اعتقلت 415 شخصاً بينهم 6 أطفال و42 سيدة وناشط، منهم اعتقل خلال الحملة التي نفذتها ضد معارضيها بتهمة التحريض وتهديد الأمن الداخلي، ومنهم عسكريون اعتقلوا ضمن حملة أمنية بتهمة العمالة لجهات خارجية.
أما القوات الحكومية اعتقلت 45 شخصاً بينهم 1 طفل و3 ناشطين إعلاميين، معظم الأشخاص الذين تم اعتقالهم لم تصدر مذكرة اعتقال بحقهم وتم احتجازهم تعسفياً حتى أنه لم يذكر في معظم الحالات سبب الاعتقال والجهة التي تم اقتيادهم إليها.
واعتقلت الفصائل الموالية لإيران 40 شخصاً، معظمهم تم اعتقالهم على خلفية اشتباك مسلح مع مجموعة من أفراد عشائر إحدى بلدات دير الزور وذلك لقمع أي تحرك ضد الفصائل الموالية لإيران, كما واحتجزت مجموعات محلية في السويداء مع عدد من المدنيين ضابطان من صفوف القوات الحكومية للضغط على الأجهزة الأمنية الحكومية لإطلاق سراح معتقليهم, كما اعتقل في مناطق الإدارة الذاتية 6 أشخاص متهمين بالانتماء لتنظيم “داعش”.
أما فصائل المعارضة اعتقلت 123 شخصاً بينهم 13 سيدة و13 طفل و1 ناشط من ضمنهم 13 شخصاً من المرحلين قسراً من تركيا وترافقت عملية التوقيف التي يخضع لها المرحلون مع إجبارهم على دفع فدية مالية لإطلاق سراحهم, وآخرون اعتقلوا بتهمة الانتماء للإدارة الذاتية، وبينهم طالبو لجوء اعتقلوا أثناء محاولتهم عبور الحدود السورية التركية، بينما لم يعرف سبب اعتقال عدد منهم, والجدير بالذكر أنه أفرج عن 28 من المعتقلين أما الآخرين لايزال مصيرهم مجهولاً.
والقوات التركية المتمثلة بعناصر الاستخبارات وحرس الحدود “الجندرمة”, اعتقلت 109 أشخاص, 7 منهم تم نقلهم من سجون فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام إلى الأراضي التركية وبينهم 2 من جنسيات غير سورية، أحدهم عراقي الجنسية وآخر صومالي, أما الـ102 الآخرين منهم 20 سيدة و5 أطفال هم طالبو لجوء اعتقلتهم “الجندرمة” أثناء محاولتهم عبور الحدود التركية وغالباً ما يتم تسليمهم لفصائل المعارضة.
نشاط تنظيم “داعش”
انخفضت وتيرة هجمات تنظيم “داعش” في سوريا مقارنة مع حزيران/ يونيو الماضي، بنسبة 31%, حيث بلغ عددها, 11 هجمة، تبنى التنظيم 9 منها, 5 من الهجمات استُهدفت فيها قوات سوريا الديمقراطية, 1 قوات حكومة دمشق, و1 ضد الفصائل الموالية لإيران, و4 ضد مدنيين, وتوزعت الهجمات على: (6 في دير الزور,1 في الحسكة و2 في كل من حمص ودمشق).
وبلغ عدد ضحايا نشاط التنظيم في سوريا, 76 شخصاً، قضى منهم 22 شخصاً، وأصيب 54 آخرون، سواء من خلال استهدافهم بشكل مباشر أو عن طريق زرع أجسام متفجرة وألغام.
وفي تفاصيل الإحصائية، بلغت حصيلة الضحايا المدنيين من الحصيلة المسجلة، 11 قتيلاً بينهم 1 سيدة و1 طفل، و43 إصابة بينهم 3سيدات و17 طفلاً, أما العسكريون قتل منهم 10 وأصيب 11 آخرون.
بلغت حصيلة الحملات الأمنية ضد التنظيم 8 حملات نفذتها “قسد”، 5 منها نفذت بالتعاون مع التحالف الدولي بينها 3 إنزال جوي, واعتقل خلالها 9 أشخاص متهمين بالانتماء للتنظيم وقتل 3 وأصيب آخر.

انتهاكات فصائل المعارضة والجيش التركي في سوريا
تسببت فصائل المعارضة الموالية لتركيا خلال تموز/ يوليو, بمقتل وإصابة 24 مدني، حيث قتل 6 أشخاص بينهم 1 سيدة و2 طفل، وأصيب 18 آخرون بينهم سيدتان, ونفذت الفصائل 2 حالة استيلاء على ممتلكات المدنيين في عفرين بريف حلب الشمالي، وحالة سرقة, و11 حالة إتاوات فرضها فصيل العمشات على سكان عفرين وواحدة من قبل فصيل السلطان مراد على سكان من سري كانيه, كما وثق القسم حالة تخريب في مزار ومقبرة الشيخ حميد الإيزيدية قرب قرية قسطل جندو بريف عفرين، ونبش وتجريف تل قيبار الأثري التابعة لمدينة عفرين و3 حالات حرق أشجار مثمرة وحرجية كما قطعت الفصائل في عفرين 229 شجرة مثمرة وحرجية.
وتستمر القوات التركية بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في سوريا من خلال قصفها العشوائي على مناطق شمال شرقي سوريا واستهدافها المباشر لطالبي اللجوء, حيث تسببت بمقتل وإصابة 96 شخصاً، حيث قتل 15شخصاً بينهم 1 سيدة، وأصيب 81 شخصاً بينهم 12 سيدة و11طفلاً.
حيث أن استهدافات “الجندرمة” المباشرة بالرصاص لطالبي اللجوء أثناء محاولتهم عبور الحدود السورية التركية, تسببت بمقتل امرأة عراقية الجنسية، وإصابة 15 شخصاً بينهم 1 سيدة و2 أطفال وأيضاً تسبب بإصابة رجل خمسيني أثناء تفقده لأرضه الزراعية لمتاخمة للحدود، كما تسببت من خلال اعتداءاتها بالضرب بإصابة 41 شخصاً بينهم 7 أطفال و9 سيدات.
أما القصف غير المشروع للقوات التركية، تسبب بمقتل 13 شخصاً بينهم رجل مدني وإصابة 25 آخرين منهم 2 طفل 2سيدة و8 رجال, ومن قوات سوريا الديمقراطية قضى 11 وأصيب2 آخران, ومن القوات الحكومية قضى عنصر وأصيب 11 آخرين.
التحركات الدولية والإقليمية فيما يخص الشأن السوري
صدر خلال شهر تموز/ يوليو المنصرم، عدد من التقارير الحقوقية والبيانات والقرارات السياسية والإنسانية بما يتعلق بالشأن السوري, كما أجريت عدة اجتماعات أممية ودولية، وتغييراً في المواقف والقرارات اتجاه البلاد.
عقب الترحيل القسري الذي تعرض له اللاجئون السوريين في لبنان خلال نيسان وأيار الماضيين, أصدرت هيومن رايتس ووتش تقريراً تشير فيه إلى أن الجيش اللبناني اعتقل تعسفياً ورحل آلاف السوريين بينهم أطفال غير مصحوبين بذوييهم إلى سوريا, وذكرت في تقريرها أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تؤكد أن سوريا غير آمنة, وطالبت الحكومات التي تمول الجيش اللبناني بالضغط عليه لإنهاء عمليات ترحيل السوريين بإجراءات موجزة وطلبت منهم إجراء تقييم لحالة حقوق الإنسان والضغط على لبنان للسماح بآلية إبلاغ مستقلة لضمان عدم مساهمة التمويل في انتهاكات حقوق الإنسان أو استمرارها.
في 13تموز/يوليو خلال الدورة 53 لمجلس حقوق الإنسان, تبنى المجلس التابع للأمم المتحدة قرارًا دعا فيه سوريا إلى الالتزام بمسؤولياتها تجاه احترام وحماية حقوق الإنسان لجميع الأشخاص ضمن نطاق سلطتها وبما يتسق مع التزامات سوريا تجاه القانون الدولي, وحث القرار جميع الأطراف على إطلاق سراح الأشخاص المختفين قسراً في سوريا وتقديم معلومات دقيقة لعائلات المفقودين بشأن مصيرهم وأماكن وجودهم, ودعا أطراف الصراع كافة للتعامل بصورة أكثر فعالية مع العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في مختلف أنحاء سوريا, وشجب القرار القيود المفروضة على الصحفيين والمجتمع المدني في سوريا مطالبا جميع الأطراف باحترام حقوق الإنسان للجميع.
في 7 تموز/يوليو اعتقلت السلطات الكندية امرأتين بعد وصولهما مع ثلاثة أطفال إلى البلاد بعد استعادتهم من مخيمات شمال شرقي سوريا, وقالت شرطة الخيالة الملكية الكندية إن التحقيقات الجنائية لا تزال جارية، وتخضع السيدتان لـ”سندات السلام” يتعهدن بموجبها بعدم إزعاج النظام العام.
في 12 تموز/يوليو في تصريح خاص لنورث برس, حذرت منظمة الصحة العالمية من التداعيات الكارثية لانقطاع المياه عن ما يقارب مليون شخص في مدينة الحسكة بشمال شرقي سوريا، ودعت إلى حماية البنى التحتية المدنية والسماح بالوصول الآمن إلى محطة مياه “علوك” التي تغذي المنطقة, كما دعت المتحدثة باسم المنظمة إلى توفير الممرات الآمنة والوصول الدوري وغير المعوق للموظفين الفنيين والإنسانيين حتى يتسنى لمحطة مياه علوك العمل دون انقطاع آخر.
وفي السياق ذاته ألغى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان وتحديداً في ملف حقوق المياه المأمونة، بيدرو أروجو أغودو زيارته إلى سوريا لافتقاره إلى المعلومات الكاملة وتعاون الحكومة السورية، وقال: “على الرغم من جهودي المتواصلة، إلا أنني أشعر بالأسف لأن السلطات في سوريا لم تقدم المعلومات أو تقوم بالخطوات اللازمة لإتمام هذه الزيارة”.
في 11تموز/يوليو, فشل مجلس الأمن من تجديد آلية الأمم المتحدة لإيصال المساعدات عبر الحدود لشمال غربي سوريا، بعد أن استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد تجديد الآلية لمدة 12 شهراً.
في27تموز/يوليو, قالت الأمم المتحدة، إنها اضطرت إلى قطع المساعدات الغذائية عن الملايين على مستوى العالم بسبب أزمة التمويل، حيث أن دولاً مشاركة في برنامج الغذاء العالمي قلصت التمويل أو قطعته، مما أثر على ملايين المحتاجين في سوريا وأفغانستان واليمن ودول أخرى.