في ظل الحرب المستمرة في سوريا, منذ اثنتي عشر عاماً, ظهرت أشكال جديدة من الانتهاكات في البلاد التي أصبحت ساحة حرب للعديد من أطراف النزاع, منها العنف الجنسي الذي زاد استخدامه ضد المدنيين من نساء وفتيات وأولاد ورجال, من قبل أطراف النزاع الذين لجأوا إلى التعنيف الجنسي كأسلوب حرب وأداة لترهيب السكان, في ظل ظروفهم المأساوية.
ففي الحديث عن العنف الجنسي في البلاد لا أحد مستثنى, فالنساء والفتيات المعتقلات والمطلقات، وعلى وجه الخصوص النازحات، تعرضن في الكثير من الأحيان للعنف والاستغلال الجنسي والتحرش الجسدي والتمييز, وكذلك الفتيات القاصرات التي تم تزويجهن قسراً بعناصر جهة عسكرية تحت الضغط والتهديد, وتعرضنَ لاحقاً للاغتصاب الزوجي والتعنيف.
أما الأعراف وتقاليد المجتمع السوري فقد عززت هذا النوع من الانتهاكات بحق السيدات وسلبتهن حقوقهن, تحت مسمى “غسل العار ومسائل شرف”, القوانين السورية التميزية غير المنصفة فاقمت من ظروف النساء الناجيات من قضايا العنف الأسري والمجتمعي والتحرش الجنسي, الذي غالباً ما يخلّف مضاعفات نفسية وجسدية شديدة للسيدات.
وتعرض الرجال والأولاد, وعلى وجه الخصوص المعتقلين والباعة المتجولين منهم للعنف الجنسي بشكل أكبر منذ بدء النزاع في سوريا, حيث تعرض الكثير من الرجال المعتقلين للعنف الجنسي والتعري القسري في السجون في مناطق سيطرة حكومة دمشق وفصائل المعارضة, وذلك بالاستناد على العديد من التقارير الحقوقية والإعلامية.
تتضاعف هذه الممارسات وتتفاقم في ظل ظروف الحرب المستمرة, حيث تزداد الأعمال الانتقامية والانتهاكات القائمة على النوع الاجتماعي, بالتزامن مع أزمات النزوح والهجرة غير الشرعية، وتردي الأوضاع في الداخل السوري، والابتزاز الذي تمارسه المجموعات المتشددة وخلف ذلك الكثير من ضحايا العنف الجنسي, وسط تجاهل الجهات الفاعلة وغياب القانون والمحاسبة وسهولة الإفلات من العقاب.
وسجل قسم الرصد والتوثيق في نورث برس خلال عام 2022 الماضي, 196 حالة اغتصاب تعرضت لها السيدات في سوريا، 75 منها في مناطق فصائل المعارضة, بينما سجل منذ بداية عام 2023 الجاري, 14 حالة اغتصاب.
لذا وفي اليوم العالمي للقضاء على العنف الجنسي وفي ظل الحرب الدائرة في البلاد, يجب التذكير بأن حماية النساء والأطفال السوريين ودعمهن واجب, وأنه على المجتمعات المحلية والدولية والحكومات والمؤسسات العالمية لتعزيز العدالة وتقديم الدعم اللازم للضحايا ومعاقبة الجناة أن تتعاون, لتوفير الحماية والرعاية الشاملة للناجين من للعنف الجنسي السوريين، وكسر ضعفهم المجتمعي وتشجيعهم على المشاركة في العملية السياسية والمجتمعية لبناء مستقبل أفضل للبلاد.