إحسان محمد ـ درعا
وقع اللاجئون السوريون في دوامة التجاذبات السياسية الداخلية من جهة والإقليمية من أخرى، واستخدمت تركيا ملفهم في عدة مواضيع منها الضغط على الدول الأوروبية، ووظفتهم كورقة انتخابية، يبدو أنها انتهت بانتهاء الانتخابات ليبدأ الحديث عن كيفية تنفيذ الحكومة لتعهداتها في ترحيلهم، وماهي معايير اختيار من يبقى في تركيا، وسط اتهامات للأخير بالتمييز على أساس التحصيل العملي والكفاءات بين اللاجئين.
هيومن رايتس ووتش، قالت في تقرير لها أواخر العام الماضي، إن المسؤولين الأتراك اعتقلوا لاجئين سوريين من منازلهم وأماكن عملهم وفي الشوارع، واحتجزوهم في ظروف سيئة، وضربوا معظمهم وأساءوا إليهم، وأجبروهم على التوقيع على استمارات العودة الطوعية، واقتادوهم إلى نقاط العبور الحدودية مع شمالي سوريا، وأجبروهم على العبور تحت تهديد السلاح.
الناشط الحقوقي طه الغازي، المقيم في تركيا، قال لنورث برس، إن ادعاءات الحكومة بشأن عودة طوعية لجميع اللاجئين السوريين الذين أعيدوا إلى سوريا “غير صحيحة”.
وأضاف “الغازي” إن هيئة حقوق الإنسان والمساواة في تركيا ومنظمة هيومن رايتس ووتش، قالوا في تقاريرهم إن السلطات التركية أجبرت اللاجئين السوريين على التوقيع على أوراق العودة الطوعية.
وأشار إلى أن التوقيع تم بالإجبار، بعد الاعتداءات الجسدية والنفسية على بعض اللاجئين السوريين في مراكز الترحيل قبل نقلهم إلى شمالي سوريا.
“ينافي نظام الحماية”
وبين أن بعض اللاجئين السوريين هم وعائلاتهم تم ترحيلهم بعد احتجازهم في مراكز الترحيل لمدة 48 ساعة فقط “وهذا ما ينافي نظام الحماية المؤقتة والذي يتضمن ترحيل اللاجئ بعد توقيفه بسبعة أيام”.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أن القرارات التي أصدرتها رئاسة الهجرة، العام الماضي، مثل إغلاق الأحياء السكنية أمام السوريين، “باتت تشكل بيئة قسرية تفرض على اللاجئ السوري العودة إلى سوريا أو الهجرة إلى أوروبا”.
وشدد على أن “نظام الأسد هو السبب الرئيسي في تهجير السوريين ولا يمكن لهم التفكير في العودة إلى بلادهم مع وجود هذا النظام”.
معايير جديدة
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال أثناء حملته الانتخابية: “هناك أطباء ومهندسون وحقوقيون بين اللاجئين السوريين الذين أتو إلى تركيا، فهل يعقل أن نطردهم؟ هذا تصرف غير إنساني ولا أخلاقي، والأهم من كل ذلك ليس إسلامياً”.
وعليه أوضح الناشط الحقوقي، أنه خلال الفترة القادمة، من الممكن أن يكون لدى الحكومة التركية “معاير جديدة وبرامج في إعادة اللاجئين”.
وشدد على أن هناك تمييز واضح ومخالف لمبادئ حقوق الإنسان واللاجئين من خلال ترحيل تركيا لبعضهم وترك ذوي الكفاءات العلمية والشهادات الدراسية ومن تستفيد منهم.
عشوائية القرارات
يقول أحمد طالب الأشقر، كاتب وناشط بقضايا اللاجئين، في حديث لنورث برس، إن اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا ينظرون اليوم نحو تصريحات المسؤولين الأتراك “بارتياح نسبي يشوبه الحذر”.
ويرى الكاتب أن هذا الارتياح “نابع لكون موضوع الترحيل والإعادة كان مرتبط بملف الانتخابات التركية وقد انتهت”.
ويشير إلى وجود “عشوائية” في تنفيذ قرارات سابقة تتعلق بالسوريين بالإضافة إلى “عدم التزام” بالقرار من قبل القائمين على التنفيذ من موظفي الهجرة وجهاز الشرطة وغيرهم.
ويلفت “الأشقر” إلى وجود رغبة لفئة كبيرة نسبياً من اللاجئين وهم من مناطق الشمال والشرق من سوريا، بالعودة الطوعية للمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، “إلا أنهم ينتظرون تحسن الأوضاع الأمنية والقضائية والخدماتية هناك”.