الصرف الصحي في مخيم الركبان.. جور فنية وسواقي مياه
محمد الحمصي- مخيم الركبان
مع اقتراب دخول فصل الصيف، تزداد مخاوف حنان، على أطفالها من الأمراض الخطرة التي تسببها الجور الفنية البدائية وسواقي المياه الممتدة أمام المنازل في مخيم الركبان.
حنان العلي (39 عاماً) وهي نازحة من مدينة السخنة وتقيم في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية العراقية، منذ سبع سنوات، تشتكي سوء الخدمات في المخيم وأهمها الصرف الصحي.
ولغياب مجارير الصرف الصحي، قام سكان المخيم بحفر جور فنية بجانب منازلهم وتم إغلاقها بشوادر أو بعض قطع الأقمشة إذ تتسبب أشعة الشمس بإتلافها مع مرور الوقت.
في حين قام قسم آخر من السكان بحفر ساقية تسير المياه فيها عشرات الأمتار، أمام المنازل، “ولكنها مع الأسف مكشوفة وتكون في كثير من الأماكن بطريق الأطفال أثناء لعبهم أو في طريق مدارسهم”، تقول “العلي” لنورث برس.
وتشكل الجور الفنية غير المغطاة بشكل جيد وسواقي الماء الممتدة أمام المنازل، سبباً رئيسياً لتجمع البعوض والذباب وكثير من الحشرات الضارة.
وتخشى “العلي”، بحسب ما قالت لنورث برس، على أطفالها، من الاقتراب من تلك الجور.
البداية
وتشكل المخيم منذ حوالي الثماني سنوات، في بادية الحماد السورية على الحدود السورية العراقية الأردنية، نتيجة الحرب في سوريا، بدايته كان ممراً غير شرعي للاجئين إلى الأردن ومع مرور الوقت وفي النصف الثاني من عام ٢٠١٣ بدأ يتشكل هذا المخيم.
وأصبح عدد القادمين من الداخل السوري وخصوصا المناطق الوسطى وريف حمص الشرقي ومحافظة ريف دمشق (الغوطة)، أكثر من العدد الذي تستطيع الأمم المتحدة إدخاله بشكل يومي إلى داخل المملكة الأردنية.
ومن هنا بدأ يتشكل مخيم على الساتر الفاصل بين سوريا والأردن، ولكن كانت مدة الإقامة فيه لا تتجاوز الشهر، ولكن في آب/ أغسطس عام ٢٠١٦، حصل تفجير مركبة مفخخة في إحدى نقاط حرس الحدود الأردني راح ضحيته حوالي ٦ عناصر.
واعتبر ذلك اليوم “يوماً أسوداً” بالنسبة للعالقين على الحدود، حيث أعلنت المملكة الأردنية منطقة الركبان منطقة عسكرية ويمنع الدخول والخروج منها وإليها. ومن تاريخه وأحوال سكانه من سيئ إلى أسوأ، فقد أُغلقت جميع الطرق الداخلة والخارجة إلى المنطقة.
ومن ذلك التاريخ تقريباً، بدأت تتشكل قرية أو شبه قرية على أرض الركبان، حيث بدأ الفارون من الحرب السورية، بصناعة اللبُن من الطين والتراب وبناء المنازل البدائية بدل الخيم البالية، وعزف العالم عن مساعدة سكان المخيم الركبان باستثناء مساعدات بسيطة كان آخرها في الشهر التاسع من عام ٢٠١٩ من مكتب دمشق للأمم المتحدة.
ويعاني سكان مخيم الركبان البالغ عددهم تقريباً 12 ألف نسمة، من حصار شديد منذ العام 2018، ومنع القوات الحكومية المؤسسات الدولية من الوصول إلى المخيم بحجة عدم توفر الأمن هناك.
وفي بداية فصل الصيف لهذا العام، تتجدد المآسي حيث أن المآسي في المخيم يكون أكثرها بشكل موسمي، فكل موسم له أمراضه الخاصة به.
تجاهل تام
وكسابقته، يتخوف فادي الهميلي (35 عاماً)، وهو نازح من مدينة مهين ويقيم في المخيم منذ أكثر من سبع سنوات، من الجور الفنية وما ينتج عنها في فصل الصيف من أمراض جلدية ومنها اللشمانيا.
ويشير في حديث لنورث برس، إلى أن تلك الجور تشكل الرعب لدى سكان الركبان، “خاصة لدى الأمهات اللواتي يخشين أن يسقط أحد أطفالهم الصغار فيها، ما قد يتسبب بموته”.
كما تغيب المساعدات الطبية في المخيم الذي يفتقد سكانه للأدوية والعناية الطبية اللازمة، وهو ما يزيد من خشية وتخوف الأهالي على أطفالهم.
ويقول “الهميلي”، لنورث برس: “خاطبت هيئة الشؤون المدنية في مخيم الركبان، مكاتب الأمم المتحدة في دمشق وعمان ومنظمة الصحة العالمية عَبر الإعلام، ولكن ومع كل أسف دون جدوى”.
وتحدث محمد الحمود، عضو هيئة الشؤون المدنية لمخيم الركبان، عن المشاكل التي يمر بها المخيم وخص بالذكر مشاكل الصرف الصحي التي يعاني منها قاطنوه “بشكل كبير”.
وشدد “الحمود” في حديث لنورث برس على خطورة إنشاء الجور الفنية بالطرق القديمة، على المجتمع وخصوصاً الأطفال.
ووصف دور الأمم المتحدة بـ”المتدني جداً” في تقديم أي مساعدات للمخيم بقصد الوصول إلى تقنية ولو بسيطة في مجال الصرف الصحي أو غيره، كما ندد بدور منظمة الصحة العالمية التي لم تتجاوب لنداءاتهم عبر الإعلام.
وقبل أيام، ندد “المجلس المحلي في مخيم الركبان”، بقرار وزراء خارجية سوريا والأردن وروسيا الخاص بتفكيك المخيم الذي يضم ما يقارب الـ1500 منزل ترابي متناثرة ضمنه، وإعادة النازحين إلى مناطق تحت سيطرة حكومة دمشق.