تدهور الثروة الحيوانية الكبير يفرض على الحكومة إجراءات إسعافيه

ليلى الغريب ـ دمشق

لم ينجُ قطاع في سوريا من الآثار المدمرة التي سببتها الأزمة المستمرة في البلاد منذ أكثر من عقد، ومن ذلك قطاع الثروة الحيوانية الذي تزايدت أسباب تدهوره خلال الأزمة، ما أدى إلى تقلص غير مسبوق في ذلك القطاع وخروج اللحوم بشكل شبه كامل عن موائد معظم السوريين.

ومع غياب أي إحصاء رسمي حكومي، تشير تصريحات مسؤولين إلى تراجع مخيف في حجم الثروة الحيوانية الذي وصل إلى نحو 50 في المئة، خلال سنوات الأزمة، وهو تراجع دفع رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق عبد العزيز المعقالي، لأن يتوقع “انقراض” الثروة الحيوانية في سوريا بشكل كامل خلال سنوات خمس، إن بقيت التحديات قائمة. حسبما صرح في وقت سابق لصحيفة محلية.

بعض تلك التحديات تتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتهريب قطعان الماشية باتجاه الدول المجاورة، إضافة إلى خطر كبير يهدد تلك الثروة، ويتمثل في ذبح الإناث، بتأثير ارتفاع التكاليف.

إجراءات احترازية

وبين مصدر في وزارة الزراعة لنورث برس، أن هنالك خطة عمل بين أكثر من جهة للحد من تراجع أعداد الثروة الحيوانية منها تنظيم عملية الرعي في المناطق الحدودية، من خلال ترقيم الحيوانات التي ترعى في تلك المناطق، لمنع تهريبها، ومن الإجراءات أيضاً اعتماد وثيقة للنقل داخل البلد لضبط الحركة الداخلية أيضاً.

ووصف المصدر هذه الخطوات بالمحدودة أمام الخطر الذي يتهدد هذه الثروة رغم أهميتها.

معظم المنتجين، ومربي الماشية، كانوا يكررون خلال السنوات الماضية معاناتهم، ويرفعون الصوت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وخاصة في السبب الأبرز المتمثل بارتفاع أسعار الأعلاف، لكن الأسعار لم تتوقف عن الارتفاع، حسب قوله.

طبيب بيطري في وحدة إرشادية بحمص، يقول لنورث برس، إن الثروة الحيوانية لم تكن يوماً تحظى بالرعاية التي تحتاجها، إذ إنه ومنذ سنوات ما قبل الأزمة، يستمر تهريب ذكور الأغنام السورية التي تُعد الأفضل في المنطقة، وخاصة إلى دول الخليج حيث تُباع هناك بأسعار مرتفعة.

إلا أن ذلك التهديد تعاظم خلال السنوات الماضية، وبشكل منفلت، وأضيفت إليه تهديدات أخرى أدت إلى تراجع ذلك القطاع بشكل حاد، وخطير، أهمها ارتفاع التكاليف وأولها سعر الأعلاف، الذي يخضع كغيره لتقلبات أسعار الصرف، وبلوغه مستويات قياسية جعلت معظم المربين عاجزين عن تأمينه.

وهو ما دفع  الكثير من المربين إلى بيع جزء من القطيع كي يتمكنوا من رعاية الجزء الآخر، وهو ما أدى إلى زيادة عمليات التهريب، حيث الأسواق التي تباع فيها بسعر أعلى، والخطورة تكمن في ترافق ذلك مع عمليات ذبح للإناث، حتى وهي في فترة تقديم الحليب.

غياب تام

أضاف مصدر في الاتحاد العام  للفلاحين، لنورث برس، أن كل ذلك يجري وسط غياب شبه تام لدور حكومي فاعل، بل على العكس أدت التطورات الاقتصادية السلبية إلى مزيد من التدهور في ذلك القطاع، إذ تراجعت كميات المحروقات التي تباع بسعر مدعوم، مع تراجع في توافر الطاقة الكهربائية، وارتفاع أسعار الأدوية البيطرية.

وإن هناك مسألة مهمة أخرى جعلت ذلك القطاع يعاني من الفوضى، وهي غياب المؤسسات الكبيرة المعنية بتربية المواشي، وكذلك الدجاج، إذ أن معظم الحيازات صغيرة، وهذا يزيد من التكاليف على المستوى العام، ويؤدي إلى زيادة الفوضى في ذلك القطاع، حسب المصدر في اتحاد الفلاحين.

وأمام تلك التحديات المستمرة، شهدت أسعار اللحوم، سواء الحمراء أم البيضاء، وكذلك منتجات الأبقار، والأغنام، ارتفاعات متزايدة حتى صار سعر كيلو اللحم الأحمر يعادل أكثر من ثلثي راتب الموظف.

تحرير: تيسير محمد