“نسينا شكل اللحم فكيف نتذوقه”.. اللحوم الحمراء تعادل ثلث راتب موظف حكومي

دمشق/ حلب ـ نورث برس

يضحك جمال عقيل، (50 عاماً) من سكان منطقة ركن الدين بدمشق، عند سؤاله عن تصريح مسؤول حكومي عن سعر اللحوم، وبلهجته العامية يجيب ساخراً “شو هي اللحمة؟ كيف بتتاكل؟. نسيناها، من زمان ما جبناها للبيت”.

وفي آخر تصريح لموقع “أثر برس”، وصف رئيس جمعية اللحامين، في الحكومة السورية، أدمون قطيش، أسعار اللحوم التي وصلت إلى45 ألف ليرة للكيلو غرام الواحد بـ”السعر الطبيعي”.

وتثير تلك التصريحات الحكومية، سخرية سوريين، إذ إنها تنفصل عن الواقع وبعيدة كل البعد عن المعاناة اليومية لسكان مناطق سيطرة الحكومة.

ومنذ سنوات تغيب اللحوم الحمراء عن موائد معظم السوريين في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بسبب ارتفاع أسعارها وعدم تناسبها مع الدخل اليومي للعائلة.

“لا نحب اللحوم”

وفي ظل غلاء أسعار اللحوم، تنكر مروى الجاسم من سكان حي جرمانة، حبها للحوم، وتقول باستهزاء: “نحن لا نحب اللحوم, أدام الله الخبز الحاف علينا, ليحفظوا اللحوم ويحنطوها بالمتاحف لتبقى لهم”.

وتضيف: “سعر كيلو اللحمة يعادل ثلاثة أرباع الراتب الشهري لموظف حكومي”, وتتساءل: “هل هذا أمر طبيعي؟”.

وبسخرية من تصريح سابق لوزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، يقول الشاب العشريني محمد المنصور، وهو طالب في كلية العمارة للسنة الخامسة: “يزول المواطن قبل أن تزول اللحوم”.

وكان الوزير عمرو سالم كتب على صفحته الشخصية منشورات أنهاها بـ”تزول الدنيا ولا تزول الشام”.

ويضيف “المنصور” لنورث برس: “طبعاً أسعار اللحوم طبيعية بفضل السياسة الرشيدة المتبعة من قبل الحكومة الحكيمة تجاه الزراعة والثروة الحيوانية والصناعة أيضاً بما يخدم المواطن”.

ويقترح فؤاد مارديني (35 عاماً) وهو من سكان المزة وموظف حكومي، أن يلجأ المواطنون للبساتين والأراضي “فهي مليئة بالحشائش المفيدة وطبيعية مية بالمية. وبلاها للحمة”.

وبسخرية، تتساءل فاطمة الفوال (24 عاماً), وهي طالبة في كلية الآداب:  “ليش ما عرفتو شو صاير؟ الخواريف ركبت جناحات وصارت تطير هي وأسعارها وكمان هل شي طبيعي؟!”.

وتضيف لنورث برس: “الله يعينا لحمدلله نحنا لسا بعقلنا رغم كل شي عم يصير فينا وناخد كل شي بضحكة”.

“تعرض للمشاهدة فقط”

وكان جواب كان جواب عبد الغني صيرفي (45 عاماً)، من سكان حلب، عند سؤاله عن رأيه بأسعار اللحوم، ” نحن نسينا شكل اللحم فكيف لنا أن نتذوق طعمه”.

“صيرفي” العامل في ورشة خياطة لم يشترِ اللحم، كما يقول، “فالأسعار العالية لهذه الأصناف من الأغذية حرمتني وأسرتي من تناولها منذ أكثر من سنة”.

يضيف الرجل الأربعيني: “اللحوم محرمة على أبداننا نحن الفقراء وهي تعرض على جامات الجزارين فقط للمشاهدة”.

ويتساءل: “من دخله الشهري لا يتعدى 200 ألف ليرة مثلي، كيف له أن يشتري كيلو غرام من اللحم ثمنه 45 ألف ليرة سورية”.

ويمر نضال الريس (36 عاماً) من سكان حي الخالدية في حلب، يومياً أمام محل الجزار ويلقي عليه السلام دون أن يتمكن حتى من النظر إلى التسعيرة.

هذا المرور لا يتحصل منه “الريس” سوى على مزيد من الصدمات في الأسعار الكثير من الحسرة على أطفاله الذين لم يتذوقوا اللحم منذ عام كامل.

ويحسب الموظف الحكومي ثمن كيلو غرام اللحم مقارنة براتبه الوظيفي، ويقول بلهجته العامية: “اللحوم بـ45 ألف، يعني إذا بشتري كيلو لحم لازم ادفع من راتبي حوالي الثلث وعيش بثلثي المرتب مدة 29 يوم”.

ويقول نزار باذنجكي (50 عاماً) لنورث برس: “سمعنا بالأمس تصريحاً لرئيس جمعية اللحوم يقول إن 45 ألف ليرة سورية ثمن كيلو اللحم طبيعي. لا أدري ما الطبيعي بهكذا سعر”.

ويتساءل: “هل يتقاضى العمال والموظفون رواتبهم بالعملة الصعبة لنقول أن السعر طبيعي؟”.

ويضيف: “قد يكون طبيعياً لتاجر نافذ، لمسؤول حكومي بارز، لأحد أثرياء الحرب ممن جمعوا ثرواتهم من لحومنا. لكن أن نقول عن السعر طبيعي لموظف مرتبه الشهري 150 ألف ليرة فهذا هو الشيء غير الطبيعي”.

إعداد: مرام المحمد/ جورج سعادة ـ تحرير: قيس العبدالله