القامشلي- نورث برس
الخلافات الداخلية وقضايا الفساد كانت العنوان الأبرز لما شهدته أروقة المعارضة السورية المرتبطة بتركيا، متمثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والذي يعتبر أبرز أجسامها خلال السنوات الماضية.
تحدثت تقارير صحفية، نهاية العام المنصرم، عن تصاعد الخلاف بين رئيس الائتلاف السوري المعارض سالم المسلط والأمين العام هيثم رحمة، بسبب صرف مبلغ مالي كان يُستخدم في حالات الطوارئ.
ومطلع نيسان/ أبريل الماضي، شهدت هيكلية الائتلاف تعديلات، طالت بنيته وآلية تمثيل أعضائه بالتزامن مع مستجدات في العلاقات السياسية بين الأطراف الإقليمية المؤثرة في الملف السوري.
واتّخذ الائتلاف عدة قرارات، وصفها، عبر بيان بـ”إصلاح وتعديل النظام الداخلي” من بينها فصل 18 عضواً واستبدال أربعة أعضاء بآخرين.
لكن مراقبين وسياسيين معارضين وجدوا أن الدول الإقليمية تعد صاحبة المصلحة الأولى في “الحفاظ على حالة الاستبداد والشمولية في سوريا، والتي تترجم بتدجين الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة المصغرة في الدستورية والهيمنة عليهم”، وفقاً لتقارير أعدتها نورث برس.
ما وراء الخلافات
يقول وليد إبراهيم، رئيس حزب النهضة التركماني السوري، “مع ابتعاد الكثير من الدول عن دعم الائتلاف، والذي تشكل بالأساس حسب توافقات دولية، كان أمام تركيا خيار وحيد وهو التمسك بهذا الجسم ودعمه وتنقيحه من كثير من الشخصيات والأحزاب والتيارات المعارضة لسياستها، والاحتفاظ بالموالين لها”.
ويجد السياسي السوري، فيما أتى على ذكره، سبباً في الخلافات بين بعض مكونات الائتلاف، والعمل على إضعاف كتل على حساب أخرى.
ما أدى أيضاً إلى “رضوخ بعض الشخصيات التي كانت تعمل لصالح دول أخرى للحفاظ على وجودها ومكتسباتها وبذلك انتقلت من المرجعية الواحدة إلى مرجعيات متعددة، والعمل لصالح أكثر من دولة في وقت واحد”.
ويضيف “إبراهيم” لنورث برس: “الفئة المهمشة من أعضاء الائتلاف تحاول بين الفينة والأخرى إيصال صوت الشارع، ولكن دون جدوى، وعدم امتلاكها أدوات القوة التي تمكنهم من تغيير الفئة المتسلطة، جعلهم إما عرضة للفصل أو الطرد من الائتلاف أو السكوت رغما عنهم مقابل إعطاءهم بعض المزايا”.
أقرأ أيضاً:
- اتهامات بفساد مالي ضمن الائتلاف المعارض
- تعديلات الائتلاف.. انسحابات وسيناريوهات ترسمها مصالح دول تهيمن على المعارضة
- الائتلاف السوري المعارض يجتمع مع الرئاسة التركية وحجاب يقيم ندوة في قطر
- روايات متعددة لإنهاء الائتلاف السوري عضوية نصر الحريري
- معارض سياسي: تشكيل الائتلاف السوري والقوى المقررة فيه يجافي الديمقراطية ويرتهن للدول الممولة
“لا قاعد شعبية لهم”
ويشدد وليد إبراهيم رئيس حزب النهضة التركماني السوري، على أن “بقاء هؤلاء فترة أطول من ذلك، سيكون له سلبيات”، في إشارة إلى أن الفئة المسيطرة على الائتلاف بدأت تفقد قاعدتها الشعبية، “وهو ما شهدناه في الذكرى السنوية الـ12 للثورة السورية، إذ اقتصرت الاحتفاليات على بضعة أشخاص وبأماكن مغلقة”.
ويشدد السياسي السوري، على أن من يدّعون تمثيل الشعب ويظهرون التقرب من تركيا، “يمكن لهم في أي لحظة أن يغيروا اتجاه بوصلتهم، والتقرب من أي دولة يمكن أن تدفع لهم، أو يمكن أن تحافظ على مكتسباتهم وقد فعلها الكثيرين منهم” متحفظاً على ذكر أسمائهم.
ولكن في الوقت الحالي ولعدم وجود قاعدة شعبية لهم في المناطق المحررة وبين مكوناتهم، استبعد “إبراهيم”، أن “تخاطر أي دولة وتراهن على هؤلاء وخاصة أن لهم تجارب مع معظمهم… بل أتوقع حتى تركيا ستتخلى عنهم”.
“كثرت أخطاؤهم”
ويرى “إبراهيم” أن من يسيطر على مؤسسات المعارضة من المنتفعين “كثرت أخطاؤهم، وتوسعت خلافاتهم، وانكشفت بعض من ملفات فسادهم المالي، وهم غير قادرين حتى الآن على كشف الملف المالي ومصير الأموال التي دخلت هذه المؤسسات منذ تشكيلها، وما مصيرها وأين ذهبت ويعتبر هذا الملف من الملفات الشائكة”.
والملف الآخر والغامض هو “تسريب من قبل بعض الجهات والشخصيات عن اللقاءات السرية التي جمعت بعضهم مع النظام وروسيا وبشكل سري تام، ودون توضيح أسباب تلك اللقاءات ونتائجها”، وفقاً لـ”إبراهيم”.
موقف تركيا كان صادماً
أثار التغير الذي شهده موقف الضامن التركي وتصريحاته حيال التطبيع مع دمشق، ردود فعل للشارع في مناطق سيطرة المعارضة، حيث خرجت العشرات من الاحتجاجات الغاضبة.
يقول عبد الكريم عمر، ناشط سياسي في إدلب، إن “الشارع السوري الذي كان يرى في تركيا حليفاً للثورة منذ بدايتها، صدم في النهاية بمواقف تركيا وتصريحاتها حيال التطبيع مع النظام”.
ويضيف “عمر” لنورث برس، أن “الشارع السوري يرى في الائتلاف، أنه بات جزءاً من سياسات دولة وليس جزءاً من مصلحة الثورة والشعب، وعليه هو يطالب الائتلاف وكل قوى الثورة والمجتمع المدني بإعادة هيكلة نفسه وإجراء إصلاحات حقيقة، وضم نخب سياسية وطنية، ترى أن مصلحة السوريين هي الأساس في كل شيء”.