الاقتصاد التركي على شفير الهاوية نتيجة العملية العسكرية على الأراضي السورية
دمشق – أحمد كنعان – NPA
تتفق وسائل إعلام كثيرة رغم اختلاف توجهاتها على أن الاقتصاد التركي صار أكثر هشاشة من أي وقت مضى، وذلك إثر العملية العسكرية على شمال شرقي سوريا، فهو أصلاً كان يعاني من ارتفاع معدلات التضخم، وانهيار قيمة العملة، وتنامي مستويات الديون.
معطيات اقتصادية
وللوقوف على حقيقة الأمر رصدت "نورث برس" آراء محللين وباحثين في الشأن الاقتصادي.
الباحث المهندس همام حدة قال "ارتفع مؤشر مقايضة العجز عن سداد الائتمان في البلاد -وهو مؤشر رئيسي للمخاطر- من حوالي /350/ نقطة في بداية تشرين الأول /أكتوبر الحالي إلى نحو /400/ نقطة في اليوم الثاني للعملية العدوانية
على الأراضي السورية، ومثل هذه الارتفاع عالي المخاطر يعني أن الاقتراض أصبح أكثر صعوبة وأكثر تكلفة بالنسبة لتركيا".
وأشار همام إلى أنه "بالرغم من الاختلاف بين البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي حول تركيا فإن عدائية التهديدات الاقتصادية التي أطلقها كل من الرئيس ترامب، وزعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ في الأيام الأخيرة كانت متشابهة، إذ
تعهدا تباعا بتدمير اقتصاد تركيا ومحوه، وفرض عقوبات من الجحيم على تركيا بسبب غزوها شمال شرقي سوريا".
وأوضح همام أن الاقتصاد التركي أسير الغاز الطبيعي الروسي ومن المعروف أن روسيا دائماً ما تمنح الأولوية لمصالحها في سوريا، ولهذا فإنه في حال إقدام روسيا على حظر بيع الغاز الطبيعي إلى تركيا سينخفض الإنتاج وسيختنق الاقتصاد التركي.
الليرة التركية تفقد قيمتها
أما الباحث تحسين الحلبي من مركز دمشق للأبحاث والدراسات فقد وضح أن الليرة التركية فقدت 50 % من قيمتها عندما اختلف ترامب مع أردوغان حول شراء منظومة الصواريخ S-400من روسيا، وأضاف "منذ بدء العدوان على الأراضي السورية فقدت الليرة 2% لتصبح مجمل ما خسرته الليرة التركية أمام الدولار 52% ومن المعروف أن مؤشر العملات الأجنبية هو نقطة ضعف الاقتصاد التركي".
ووضح الحلبي أن "تركيا التي تعتمد على الاستيراد وتدفق الاستثمارات الأجنبية فإن اقتصادها مهدد بركود كبير بعد هذه الخسارة الكبيرة من قيمة الليرة أمام الدولار".
واستشهد الحلبي بما قاله كارل شاوتا، وهو أحد أشهر المختصين في شؤون الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط "بأن هذا العدوان العسكري على سوريا سيؤدي إلى تضييق هامش مناورة أردوغان حتى من الناحية العسكرية، وإن تزايد الضعف الاقتصادي التركي سيجعل أردوغان يخسر الكثيرين من مؤيديه في الداخل التركي".
وختم الحلبي حديثة بالتنويه إلى "إن البنك المركزي التركي لا يملك أي مصادر احتياط قادرة على حماية الليرة من الضعف نتيجة انهيار الاقتصاد أكثر فأكثر".
الإنفاق العسكري والنتائج الوخيمة
أما المحلل الاقتصادي الدكتور شادي أحمد فقد قال "ارتفاع الإنفاق العسكري سيفاقم من الحالة الاقتصادية المتردية أصلاً كما سيتفاقم العجز في الميزان التجاري والموازنة العامة للحكومة التركية، إن هذه الفداحة في الخسارة تعلن بداية نهاية أردوغان فقد ظهر ذلك جلياً من خلال الانتخابات البرلمانية حيث خسر أهم معقلين له وهما انقرة وإسطنبول".
وعن تأثير العامل الاقتصادي على العملية العسكرية قال شادي "لن يكون للعامل الاقتصادي أي ضغط في إيقاف العملية العسكرية لأن أردوغان قد باشرها لأهداف تطهير عرقي وتغيير ديموغرافي ولن يوقف هذه العملية إلا الضغط الدولي بقيادة روسيا بالإضافة للمقاومة العسكرية".
وتابع "ثم أن الاتفاق بين قسد والجيش السوري حول الأمر من مجرد مواجهة تشكيل مسلح غير حكومي إلى مواجهة جيش دولة بمعنى مواجهة مجتمع دولي، وهنا الأمر مختلف، أردوغان دخل في نفق مغلق وضيق لا مجال فيه للالتفاف أو العودة، لقد وقع في فخ محكم ستكون نتائجه الاقتصادية كارثية على المجتمع التركي".
أردوغان لص
وفيما إذا كان أردوغان سيستطيع من خلال العملية العسكرية وضع يده على منابع النفط وترميم اقتصاده قال شادي "إن هذا يشبه المستحيل ثم أن أهم منابع النفط السورية قد عادت لسيطرة الحكومة السورية وهما حقل العمر وحقل كونوك وانتاجهما يزيد عن إنتاج مئة ألف برميل يومياً".
وأضاف "ثم أن أردوغان أغبي من الانتباه للعامل الاقتصادي فهو يريد أن يغير ديمغرافية المنطقة ويوطّن مجموعات ارهابية تحت مسمى الجيش الوطني، هو لص ليس أكثر ليس لديه أي استراتيجية اقتصادية واللصوص يسرقون فقط ولا يحصلون على أي مكسب اقتصادي".
انعكاس إيجابي على الاقتصاد السوري
وعن انعكاس الأمر على الاقتصاد السوري قال شادي "نتيجة سرقات أردوغان استوردت الحكومة السورية ما تتجاوز فاتورته /500/ مليون دولار من قمح، وحالياً نستورد بما قيمته /2,7/ مليون دولار من مشتقات النفط".
وأوضح أنه "بعد استعادة حقول النفط التي تضخ مئة ألف برميل ومحصول القمح بالتأكيد هذا سيساهم في إعادة التوازن بميزان صرف الليرة السورية مقابل الدولار، وهذا سينعكس على حياة المواطن بشكل تلقائي لكن هذا الانعكاس لن يحدث بشكل مباشر لأنه يحتاج فترة زمنية تحتاجها الجهات المعنية لاسيما وزارة النفط من أجل إعادة تأهيل حقول النفط التي خضعت للاستخراج غير النظامي".
مبيناً أنها تضررت بشكل كبير "كما أن بعض المنصات النفطية تم قصفها من الأمريكي بحجة الحرب على الإرهاب فبلغت الخسائر المباشرة لقطاع النفط ما يقارب /75/ مليار دولار، فلا شك أن هذا القطاع يحتاج بعض الوقت ليتم انعاشه من جديد".
الجدير ذكره أن وزارة الدفاع الروسية كانت قد نشرت مجموعة من صور الأقمار الصناعية، في العام 2015 ، وقالت إنها تثبت تورط القيادة التركية في شراء النفط من تنظيم "الدولة الإسلامية".