“ليش ما أتعاطى إذا أرخص من الفلافل؟”.. الجنوب السوري بؤرة للمخدرات وضحاياه مراهقون
درعا/ السويداء ـ نورث برس
“ليش ما أتعاطى إذا سيجارة الحشيش وحبة الكبتاغون أرخص من سندويشة الفلافل؟”، سؤال كان مبرر أيهم، لتدخين أول سيجارة حشيش في حياته.
أيهم سليمان (23 عاماً) اسم مستعار لشاب تخرج من معهد صناعي، وينحدر من أسرة في السويداء جنوبي سوريا، تعتمد في معيشتها على راتب الأب الذي لا يتجاوز الـ20 دولاراً.
يقول “سليمان”، لنورث برس، إن سبب إدمانه على التدخين دفعه ليجرب الحشيش، “خاصة أن سعره رخيص جداً ومتوفر بشكل كبير وسهل”، ليجد فيه “نوعاً من السعادة”، تطورت إلى إدمان.
ويسعى مروجو وتجار المخدرات في الجنوب إلى بيعها بأسعار “زهيدة” في محاولة منهم لإغراق المنطقة بالمواد المخدرة والتأثير على شبابها ومراهقيها.
ويتراوح كيلو الحشيش أو ما بعرف محلياً بـ”الكف ” بين 50-75 ألف ليرة سورية، وحبة الكبتاغون بـ500 ليرة فقط.
وبين حزن وفرح ونسيانٍ ويأس، يقول الشاب بلهجته العامية: “كيلو الحشيش بلف فيه ألف سيجارة أرخص من الدخان العادي”.
ويستنكر “سليمان” إلقاء اللوم على الشباب فقط في هذا الأمر، “في حين يتم الصمت عن تحول بلد إلى مستودع للكبتاغون، وتجار له يتمتعون بحماية وكأنهم تجار لحليب الأطفال”.
وينص الدستور السوري في مادته (39) بعقوبة الإعدام لمن يرتكب أحد الأفعال التالية: (كل من هرب مواد مخدرة. كل من صنع مواد مخدرة في غير الأحوال المرخص بها في هذا القانون. كل من زَرع نباتات من النباتات الواردة في الجدول رقم /4/، وذلك في غير الأحوال المرخص لها في هذا القانون، أو هَرَّبه في أي طور من أطوار نموه أو هرَّب بذوره”.
منطقة حرة
الموقع الجيوسياسي للسويداء ودرعا، والواقع الأمني الذي فرض على محافظات الجنوب السوري أدى لتحويلهما لمنطقة حرة لتجارية المخدرات.
وبعد أنّ أمسكت الحكومة السوري بزمام الأمور في المناطق الجنوبية من سوريا بموجب اتفاق التسوية الذي أُبرم عام 2018، ازدادت عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود الجنوبية الشرقية مع الأردن لمحافظتي السويداء ودرعا.
وبحسب مراقبين، كان من أبرز مفرزات الحرب الروسية_ الأوكرانية على حدود الأردن، إعطاء إيران وحلفائها فرصة الوجود والتمركز في الجنوب السوري، مما أدى لتطور عمليات تهريب “الكبتاغون”.
ويرى الدكتور آصف أبو لطيف، دكتوراه في التربية المقارنة والإدارة التربوية، أن “انتشار المواد المخدرة التي اخترقت مجتمعاتنا وأنهت أمنها، أدت إلى انتشار الحوادث الجنائية وحوادث الانتحار وجرائم القتل والسرقة”.
أسباب الإدمان
ولا يختلف الوضع في الجارة درعا، بل يعد انتشار المخدرات ووجود مصانع لتعبئة الكبتاغون ظاهرة منتشرة بكثرة في قرى وبلدات المحافظة.
وبيّن خالد الزعبي أحد وجهاء ريف درعا الشرقي، لنورث برس، أن السبب الرئيسي لانتشار المخدرات بين الشباب هو “عدم وجود رادع قانوني للمروجين الذين ازداد عددهم بشكل كبير بعد العام 2018”.
وأضاف “الزعبي” أن الوضع الاقتصادي المتردي، “أدى إلى عمل الكثير من أبناء محافظ درعا في ترويج وتجارة المواد المخدرة مما أدى لسهولة وصولها لأكبر عدد من الناس”.
ومما زاد نسبة التعاطي بين طلاب المدارس، هو “انخفاض أسعار المخدرات”، بحسب “الزعبي”، إذ إن سعر الحبة الواحدة من المخدرات يبلغ خمسمائة ليرة سورية “مما يجعلها سهلة الوصول إلى هؤلاء الطلاب”.
واتهم “الزعبي” الأفرع الأمنية التابعة للحكومة بـ”التقصير في مكافحة تجارة المخدرات التي أصبحت تتم على مرأى من ضباط الأفرع الأمنية وتحت إشراف بعضهم”.
وأواخر العام الماضي، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن، قانون مكافحة انتشار وتهريب المخدرات للرئيس السوري بشار الأسد، أو كما يطلق عليه قانون “الكبتاغون”.
وجاء توقيع هذا القانون بعد تأكيد الكونغرس على أن “تجارة الكبتاغون المرتبطة بنظام بشار الأسد في سوريا تشكل تهديداً أمنياً عابراً للحدود”.
وقبل أيام، طلب الأردن من الولايات المتحدة الأميركية، المساعدة في محاربة مهربي المخدرات التي يخوضها منذ سنوات على طول الحدود مع سوريا، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية.
وفي كانون الثاني/ يناير من هذا العام، أعلنت وزارة الخارجية الأردنية، أنَّها بحثت مع المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية، الكسندر لافرينتيف، مسألة مكافحة تهريب المخدرات التي كثُرت في الآونة الأخيرة.