هل احتجاز تركيا لمياه دجلة والفرات داخل سدودها أدى إلى حدوث الزلزال؟

أربيل ـ نورث برس

شهدت مناطق جنوب شرق تركيا، على الحدود مع سوريا، في السادس من شباط/ فبراير الحالي، زلزالاً مدمّراً بلغت شدته 7.8 درجة على مقياس ريختر، ما خلّف آلاف الضحايا، وأثار جدلاً واسعاً حول سلامة السدود التي أنشاتها تركيا على نهري دجلة والفرات.

وتقوم تركيا منذ عدة سنوات، بقطع مياه نهري دجلة والفرات، عن الجانبين السوري والعراقي، عن طريق بناء السدود وتخزين المياه داخلها، ما حرم البلدين من حصتهما المائية من النهرين المشتركين.

وبعد حدوث الزلزال، أثيرت تساؤلات، إن كان احتجاز المياه وتخزينها داخل السدود، له أثر جيولوجي على حدوث الزلزال، وتدمير العديد من المدن السورية والتركية.

وقال المهندس أحمد أكرم غفور، مدير عام السدود في أربيل سابقاً، والخبير في شؤون السدود والمياه، إن “وضعية السدود في العراق وسوريا في حالة جيدة، لم يصبها أي خلل، لكن يوجد سد واحد في تركيا تعرض للضرر بشكل جزئي، وهو سد (سلطان سو)، حيث بدأت السلطات التركية بتفريغ المياه منه، حسب المعلومات الواردة من تركيا”.

وعن دور السدود في حدوث الزلازل، قال “غفور” في لقاء مع نورث برس، إن “بناء السدود يشجع على حدوث الزلازل، لكنه ليس العامل الرئيسي”.

ويأتي الزلزال من باطن الأرض، بسبب حركة الطبقات التكتونية، “وعند بناء السدود وتعبئتها بالمياه، ستدخل إلى باطن الأرض، وإلى التشققات الموجودة، ما سيساعد على زيادة حجمها، و يؤدي إلى تحريك الصفائح الأرضية”، بحسب “غفور”.

ورغم التوقعات بفتح تركيا بوابات سدودها بعد الزلزال، إلا أن الخبير في شؤون السدود، يؤكد أن جميع السدود التركية مازالت مغلقة.

وتمنى “غفور” أن تفتح تركيا سدودها، خاصة سد أليسو وسد أتاتورك، لأن سوريا والعراق تعانيان قلة الموارد المائية، وبحاجة إلى إيرادات عالية، “إذا فتحت تركيا سدودها، سيكون لذلك أثر إيجابي على الوضع المائي في سوريا والعراق”.

وشدد “غفور” على أن “الخطر ليس في فتح الجانب التركي بوابات السدود، التي احتجزت المياه فيها، ومنعتها عن سوريا والعراق، بل في تضرر أحد هذه السدود الموجودة على نهري دجلة والفرات، بفعل الزلزال خاصة سد أتاتورك، الذي يخزن أكثر من 48 مليار متر مكعب من المياه،  ولا يوجد أي سد في العراق سيستوعب هذه الموجة الفيضانية”.

وبناء السدود عادة في أي منطقة، خاصة الكبيرة منها، يؤثر على حركة دوران الأرض وتوازنها، “على سبيل المثال: عندما بني سد ثريغورش في الصين، أثر على دوران الكرة الأرضية حوالي خمس ثواني، وحبس مياه السدود في تركيا سيؤثر بشكل سلبي على توازن الطبقات الأرضية”، بحسب الخبير في شؤون السدود والمياه.

ويبلغ عدد السدود التركية 579 سداً يتجاوز مخزونها 650 مليار متر مكعب من المياه، ويعد سدا اتاتورك وكيبان الأكبر في البلاد.

ونهاية العام الماضي، شدد وزير الموارد المائية العراقية، عون ذياب، على أن برنامج الحكومة الجديدة ركز على “المطالبة الجدية” من دول المنبع “تركيا وإيران” بحصص العراق المائية.

وجدد الوزير الطلب من دول الجوار بالحصة المائية للبلد الذي واجه جفافاً وشحاً في المياه منذ ثلاث سنوات.

وقال ذياب: “نحن بأمس الحاجة إلى زيادة الإطلاقات المائية من قبل تركيا التي لم تقاسمنا الضرر بالمياه بالطريقة التي نجدها مناسبة”.

ومنذ ثلاثة أعوام تقريباً، تواصل الحكومة التركية حبس تدفق مياه نهر الفرات تجاه الأراضي السورية والعراقية وسط تحذيرات إقليمية وعالمية من حدوث كارثة صحية وزراعية في المنطقة.

ووقعت الحكومتين السورية والتركية في العام 1987 اتفاقية تنص على تقسيم مياه نهر الفرات بين دولة المنبع تركيا والدول التي يمر بها النهر سوريا والعراق.

ويتسبّب حبس تركيا، للمياه بكوارث معيشية وبيئية، كما يؤثّر بشكل مباشر على الزراعة، والكهرباء، ويتسبب انخفاض منسوب المياه بزيادة تلوّث المياه.

إعداد: سهى كامل ـ تحرير: قيس العبدالله