أسبوعين بعد الزلزال.. ازدواجية في إيصال المساعدات إلى المناطق السورية المتضررة
القامشلي – نورث برس
وصلت السيدة أمينة ياسين (45 سنة) قبل أيام إلى مخيم برخدان بريف حلب الشمالي، خشية على حياة أسرتها بعدما تصدع منزلها جراء الزلزال في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.
وعاشت ‘‘ياسين’’ التي لجأت برفقة اثنين من أولادها، إلى أحد أبنائها الذي يقطن أساساً ضمن المخيم الذي يأوي مهجري عفرين، أياماً عصيبة عقب الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في السادس من شباط / فبراير الجاري.
إلا أن النزوح لم يكن الخلاص بالنسبة لهذه العائلة، ليعيشوا أياماً دون توفر الأغطية والأفرشة وسط طقس بارد، بسبب الحصار المفروض من قبل حكومة دمشق على تلك المنطقة التي تديرها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
وتقول السيدة لنورث برس، عن معاناتهم: ‘‘أعداد النازحين من حلب إلى مخيمات تل رفعت، هائل، كل خيمة باتت تأوي أكثر من عائلة، الحاجيات كثيرة والإدارة هنا لا تستطيع تغطيتها’’.
وتضيف: ‘‘نحتاج إلى أغطية وخيم جديدة وحليب أطفال ومستلزمات التدفئة والعديد من أنواع الأدوية، لكن النظام يرفض إدخالها’’.
وتمنع ‘‘الفرقة الرابعة’’ التابعة لحكومة دمشق، منذ 6 أشهر إدخال المحروقات والأدوية وغيرها، إلى مناطق حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، وتل رفعت بريفها الشمالي، ليفاقم الزلزال الأخير الأوضاع هناك.
وتسبب الزلزال الذي ضرب البلاد، بنزوح ثلاثة آلاف عائلة من حلب إلى مناطق “الشهباء” (تسمية لمناطق تديرها الإدارة بريف حلب الشمالي) و60 ألفاً آخرين نزحوا إلى مراكز إيواء أنشأتها الإدارة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب.
وخلال زيارة لها للاطلاع على أوضاع النازحين، مؤخراً، قالت بيريفان خالد الرئيسة المشاركة للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، إن الوضع الإنساني في المناطق التي تديرها الإدارة في حلب وريفها الشمالي ‘‘كارثي’’ بسبب الزلزال والحصار الحكومي المستمر.
وأضافت لـنورث برس: “يحتاج هؤلاء إلى المواد الإغاثية والتدفئة وحليب الأطفال والأدوية والمواد الطبية الأخرى”.
لافتة إلى أنهم قدموا ما باستطاعتهم للمتضررين ‘‘لكن الكارثة كبيرة جداً وتفوق إمكانياتنا ولا سيما إعادة الإعمار للمناطق المتضررة ’’، وفق قولها.
فيما أوضحت ‘‘خالد’’ أن مناطقهم بحاجة إلى دعم دولي للمساندة، ‘‘تلقينا وعوداً من بعض الجهات الخارجية والمنظمات الدولية للمساعدة، لكن لهذه اللحظة لم نر خطوات فعلية وجدية’’.
وبحسب مصادر خاصة لـنورث برس، أن حكومة دمشق تشترط على الإدارة الذاتية أخذ حصة من المساعدات لهذه المناطق المنكوبة بنسبة تصل لـ60 % .
وبعد أسبوعين من الانتظار، أدخلت الإدارة الذاتية، السبت الماضي، 40 صهريجاً من المحروقات إلى تل رفعت وحيي الشيخ مقصود والأشرفية.
ورغم أن هذه المناطق أيضاً نالت حصتها من الضرر والذي أودى بحياة 6 أشخاص وإصابة أكثر من 100 شخص، بالإضافة لتضرر 400 بناء سكني وانهارت خمسة أبنية بشكل كامل، لم تصلها المساعدات الدولية.
وقال خلوصي بسو، الرئيس المشارك لمخيم برخدان، في تصريح سابق لـنورث برس، إنه ‘‘لم تدخل أي مساعدات من منظمات خارجية إلى مناطقنا، قمنا بتقديم المساعدات على قدر استطاعتنا لكنها غير كافية’’.
وأضاف: ‘‘الأهالي هنا بحاجة إلى دعم من جميع النواحي، لذا نطالب بفتح المعابر للسماح بمرور المساعدات’’.
ورغم النداءات الدولية لفك الحصار على المناطق ذات الغالبية الكردية في حلب وريفها، إلا أن حكومة دمشق تواصل سياساتها دون الأصغاء لهذه النداءات.
ووصفت منظمة العفو الدولية في تقريراً الصادر في الـ 24 من كانون الثاني / يناير الماضي، الحصار الحكومي على المناطق الكردية بـ‘‘الوحشي’’، وأشارت إلى أنه يعيق إمكانية السكان في الحصول على الوقود والإمدادات الأساسية للحياة.
وقالت ديانا سمعان، الباحثة المعنية بسوريا في المكتب الإقليمي لمنظمة العفو الدولية في بيروت: ‘‘يجب على الحكومة السورية اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأزمة الإنسانية الرهيبة من خلال السماح بدخول الوقود وغيره من الإمدادات الضرورية، فضلًا عن المنظمات التي تقدم معونة، إلى المناطق المتضررة دون قيود’’.
واعتبرت أن هذا ‘‘واجب قانوني وليس أخلاقي فحسب’’، وقالت إن الحكومة السورية “ملزمة بموجب القانون الدولي بضمان إمكانية حصول سكانها على ما يكفي من الغذاء والدواء والإمدادات الأساسية الأخرى، وبمنعها تمكنهم من الحصول على ذلك، فإنها تنتهك حقوقهم’’.
ولكن، على الجانب الآخر، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، في الـ 13 من شباط / فبراير الجاري، فتح معبري باب السلامة والراعي في مناطق المعارضة مع تركيا، لمدة ثلاثة أشهر لإيصال الإمدادات الإغاثية إلى المناطق المتضررة بعد عامين من إغلاقهما.
ورغم تأخر وصول المساعدات إلى المناطق المنكوبة في مختلف المناطق السورية تحت سيطرة الحكومة والمعارضة، رفض الطرفان المساعدات العاجلة التي أعلنت عنها الإدارة الذاتية والتي شملت المحروقات والمواد الإغاثية.
ورفض رئيس الحكومة السورية المؤقتة الموالية لتركيا، عبد الرحمن مصطفى، دخول المساعدات من مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بحجة أن الأخيرة تريد أن تكون مناطقها منفذاً للمساعدة المقدمة إلى شمال غربي سوريا.
وبعد نحو أسبوع من بقاء المساعدات في معبر أم جلود بريف مدينة منبج، أعلنت الإدارة الذاتية سحب المساعدات التي كانت جهزتها لتقديمها للمناطق المنكوبة.
وأظهرت الحملات الشعبية، وحدة السوريين إلى حد كبير مجدداً، لكن هي أيضاً سرعان ما تحولت إلى طائفية وحرب إعلامية مجدداً من قبل المعارضة وللحكومة في تبادل كيل الاتهامات وتسيس عمليات تقديم المساعدة.