بنك خاص يقدم مبادرة “غير موفقة” لمنكوبي الزلزال والمطالبة بدور أكبر للحكومة
دمشق ـ نورث برس
أثارت فكرة منح قرض بقيمة 18 مليون ليرة للمتضررين من الزلزال الكثير من الاستياء في سوريا، خاصة عند المقارنة في طريقة التعامل بين الدولة التركية والسورية مع المناطق المنكوبة، بل أن البعض ذهب للحديث عن فتح دولة مثل ألمانيا المجال لمكالمات مجانية أمام اللاجئين السوريين، ليطمئنوا على أهلهم في حين لم تحسن شركتا الاتصالات (سيرتيل وأم تي إن) حتى من جودة الخدمة خلال هذه النكبة.
وفي ظل غياب شبه تام للمبادرات الحكومية بشأن مصير المنكوبين ومكان إقامتهم أعلن مصرف “الوطنية للتمويل الأصغر” عن استعداده لمنح قرض أطلق عليه اسم “ساند” لترميم وإعادة تأهيل المساكن المتضررة من الزلزال في محافظات حلب واللاذقية وحماة.
وحدد قيمته بمبلغ 18 مليون ليرة، يعطى دون فوائد ويسدد على فترة 6 سنوات. وبينت إدارة المصرف أن هذا القرض مساهمة لدعم ومساعدة المتضررين من الزلزال من أصحاب المنازل والمنشآت المتصدعة والقابلة للترميم.
غير مناسبة
فكرة هذا القرض لم تلق إعجاب غالبية الناس، إذ أن شروطه لا تتناسب مع منكوبين لا يملكون أي شيء. حيث قال شعبان يوسف أحد المتضررين في مدينة جبلة لنورث برس، إن مشروع القرض هو استثمار للقطاع الخاص في أوجاع الناس، كما يفعل عبر التاريخ، واللجوء إليه يعني مزيداً من “التعتير” لمن نجو من فاجعة الزلزال إذ كيف لأسرة فقدت كل شيء أن تسدد في الشهر مبلغاً يصل إلى 250 ألف ليرة شهرياً، ولمدة 6 سنوات؟. بل حتى كيف لموظف راتبه لا يتجاوز 20 دولار شهرياً أن يستفيد من هذا القرض؟!.
وتساءل: “أين ذهبت المليارات التي تم تبرع بها للبلد من أجل المنكوبين، هل ستعطى للناس على شكل قروض؟”.
وأضاف “يوسف” أنه لا يستغرب أن تظهر أخبار بعد فترة عن “أغلى سيارة موجودة في سوريا، وكذلك أغلى منزل!”.
وضع مهترئ
في حين كانت لهجة المتضررة من الزلزال في اللاذقية حسنة المحمد أكثر حدة، إذ وصفت الفكرة بـ”المعيبة، وبأن أصحابها لا يخجلون، فهل هنالك بؤس أكثر مما هي عليه الناس؟”.
وأضافت أنه من غير المنطقي أن تكلف الناس بدفع فاتورة الكوارث الطبيعية، وترميم منازلها المتصدعة، لأن وضعها “مهترئ” أصلاً وهذا يعني أن تعتمد مهنة “الشحادة” لكي تتمكن من تسديد المبلغ الشهري للقرض.
في حين أشار أستاذ جامعي في كلية الاقتصاد باللاذقية، إلى أن هذا البنك لا يلام على مبادرته، فهو قطاع خاص قدم هذه المبادرة كخيار للمتضررين، وفعل شيء، لكن الفكرة في أن الدولة حتى هذه اللحظة لم تبادر للإعلان حتى عن خطتها للعمل بشأن تعويض المتضررين وتأمين السكن لمن فقد سكنه.
واقترح الاقتصادي لضمان حقوق الناس التي فتحت بيوتها للمتضررين بأن يتم “تنظيم عقود إيجار نظامية معفاة من الضرائب، وبدون أي قيمة مالية، ويتم تحديد مدة يتفق عليها بين العائلة المتضررة والمالك، لكي لا تحصل مستقبلاً أية مشاكل، لأن العاطفة الآن هي التي تطغى على تصرف الكثير من الأفراد، ولكي لا تحصل أي مشاكل في المستقبل، فهذا الإجراء غير مكلف وينهي فكرة وجود المشاكل مستقبلاً”.
وأشار إلى أن المشاكل المحتملة هي التمسك بالبيت ورفض الخروج من قبل العائلة المتضررة، أو الطلب المفاجئ من صاحب المنزل بضرورة إخلاء المنزل بسرعة، وكذلك موضوع الفواتير وثالثها عدم صيانة المنزل، وربما يكون استخدامات غير مقبولة.
وشدد على أن كل هذا الإجراء لا يؤثر على التعاطف الكبير مع كل المتضررين، بل يجعل موضوع التعاضد يتم دون أي مشاكل مستقبلاً.
ومع مرور الأيام على الزلزال وزيادة أعداد المهجرين من المنازل التي يجب إخلاؤها، اقترح عضو في نقابة المهندسين بحلب، حلاً وصفه بـ”الأمثل، وهو عبارة عن “إقامة منطقة آمنة من الزلزال والهزات الارتدادية للمتضررين، وإقامة بيوت مسبقة الصنع مزودة بمطبخ وحمامات وألواح طاقة شمسية، واقترح دعم هذا المشروع من قبل الجهات المختصة أو المنظمات والجمعيات الخيرية”.
مقارنة
وأشار عضو في نقابة المحامين بدمشق، إلى أن الواقع فرض المقارنة بين طريقة تعامل كل من تركيا وسوريا مع المنكوبين، إذ أن إحداهما باشرت التحقيق الجنائي حول احتمال وجود فساد أو مخالفة لشروط السلامة أو الرخصة عند إشادة الأبنية التي دمرها الزلزال، واعتقلت عشرات المقاولين، وتعاملت بمسؤولية مع المتضررين من الزلزال من حيث تأمينهم بمسكن وغيرها، بينما في الدولة الأخرى لم تتصرف بمسؤولية مع الكارثة والمتضررين منها.
وأضاف، أن أقصى ما يفعلونه هو “تشكيل لجان للكشف على الأضرار التي لحقت بالمباني والتي يجب إخلاؤها قبل أن تسقط على رؤوس ساكنيها مجدداً”.
وبين أن المادة 24 من الدستور السوري، تشير إلى أنه “تكفل الدولة بالتضامن مع المجتمع الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية”.