كيف طغت السياسة على المساعدات الإنسانية في سوريا؟
غرفة الأخبار ـ نورث برس
يتواصل قدوم المساعدات من دول عربية وغربية إلى سوريا، لتقدّم للمنكوبين جراء الزلزال الذي وقع في السادس من هذا الشهر، وتسبب بدمار كبير في المباني إضافة لخسائر في الأرواح.
ولكن، وبحسب مراقبين على الأرض، فإن تلك المساعدات طغت عليها صفة السياسة، رغم كل الدعوات الأممية لعدم تسيسها.
وساهم الزلزال بوصول الحكومة السورية لما كانت تأمل به، إذ انتظرت وعلى مدار سنوات الحرب، فتح منافذ حتى لو صغيرة في العلاقات مع المحيط العربي، وحقق الزلزال لها ذلك بفتح الباب على مصراعيه أمام مسؤولين كبار لدول العربية وأخرى آسيوية فضلاً عن مسؤولين أممين كبار.
دعوات لعدم التسييس وتطمينات
وبعد الزلزال بثلاثة أيام، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، إن السوريين المتضررين من الزلزال بحاجة إلى المزيد من المساعدات، داعياً إلى “عدم تسييسها”.
وطالب بيدرسن بتقديم تأكيدات بأنه لن تكون هناك عوائق سياسية أمام إيصال المساعدات إلى حيث تشتد الحاجة إليها.
وتختلف آلية نقل المساعدات الأممية والدولية إلى المناطق المنكوبة جراء الزلزال في سوريا بحسب مناطق النفوذ بين سلطات المعارضة المسلحة والمناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
وحتى قبل وقوع الكارثة، كانت مسألة المعابر الحدودية من جهة، وشكل التعامل الدولي مع “النظام السوري” من جهة أخرى، موضع جدل مستمر.
ويتأثر السوريون بشكل كبير من الزلزال المدمر، نظراً إلى أنهم يعانون بالفعل ومنذ سنوات من كارثة اقتصادية ومعيشية في ظل فقدان العناصر الأولية لإدارة الكوارث بالبلد الذي أنهكته الحرب منذ 12 عاماً.
بالنسبة للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، فقد تلقت مساعدات من الحليفين روسيا وإيران، ودول آسيوية أخرى، ودول عربية وهي سلطة عمان ومصر و الجزائر والعراق والإمارات وليبيا وتونس والأردن.
أما المساعدات الدولية التي أعلنت عنها الأمم المتحدة ودول غربية على رأسها الولايات المتحدة، فقد قالت إنها ستكون بالتنسيق مع الشركاء في المنظمات المحلية أو فروع المنظمات الدولية كالصليب والهلال الأحمرين واليونيسيف ومؤسسات محلية أخرى.
وهذه المنظمات تقول إنها ستتكفل بإغاثة المناطق المنكوبة، لكن الممرات الوحيدة لها ستكون محصورة في منطقة إدلب وشمالي حلب أي عبر الحدود مع تركيا.
واستولت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، على 4 شاحنات من قافلة المساعدات التي أرسلتها عشائر في شمالي سوريا، في جنديرس بريف عفرين، ونقلتها إلى مدينة الدانا بريف إدلب.
وبغض النظر عن رفضها للتطبيع مع “نظام الأسد”، تشدد الخارجية الأميركية على عدم وضع أي عراقيل أمام المساعدات الإنسانية إلى سوريا سواء بعقوبات أميركية أو غيرها.
وفي الثالث عشر من هذا الشهر، أعرب بيدرسن عن سعادته “بسماع تطمينات من الحكومة السورية بأنها ستدعم العمل الذي نقوم به في جميع أنحاء سوريا”، وإيصال المساعدات إلى كافة المناطق المتضررة.
وفي اليوم ذاته، حثَّ وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، جميع الأطراف في سوريا على تأمين وصول المساعدات الإنسانية لمتضرري الزلازل في كافة المناطق.
وبعد يوم، رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ودولاً أخرى بقرار دمشق بفتح نقطتي عبور إضافيتين على الحدود التركية إلى جانب “باب الهوى” للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق منكوبة شمال غربي سوريا.
وتم الإعلان عن فتح معبر “باب السلام” الواقع بين عفرين وكلس، ومعبر “الراعي” الواقع أقصى شمالي حلب بالقرب من بلدة الراعي.
وقال أنطونيو غوتيريش في بيان: “أرحب بقرار الرئيس السوري بشار الأسد بفتح المعبرين لفترة أولية مدتها ثلاثة أشهر للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب.”
“بطيئة بشكل مميت”
وفي التاسع من الشهر الجاري، عبرت أول قافلة مساعدات للأمم المتحدة بعد الزلازل إلى سوريا، مكونة من ست شاحنات بعد انقطاع مؤقت دام ثلاثة أيام بسبب تضرر الطرق الرئيسية، وفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وقبله بأيام، كشفت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، أن الاستجابة لطلب إرسال المساعدات إلى شمال غربي البلاد، “بطيئة بشكل مميت” حتى الآن.
وأرسلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، مساعدات إلى المناطق المنكوبة في سوريا، ولكن الطرفان المسيطران في تلك المناطق رفضوا إدخال تلك المساعدات.
وذكرت تقارير صحفية، أن تركيا أصدرت أوامر للمعارضة برفض استقبال المساعدات القادمة من مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
والخميس الماضي، قال كبير الجمهوريين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، جيم ريتش، إن الرئيس السوري بشار الأسد يستخدم مأساة الزلزال “كفرصة لإعادة التأهيل“.
وذكر في تغريدة عبر “تويتر”، أنه “أمر مثير للاشمئزاز أن يستخدم الأسد مأساة الزلزال في سوريا كفرصة لإعادة الانضمام إلى المجتمع الدولي”.
وشددت الخارجية الأميركية على رفض التطبيع مع “نظام الأسد” في غضون تدفق المساعدات المقدمة إلى سوريا عبر شركائها والتي لن تغير من نهج واشنطن تجاه دمشق، ما لم تغير الأخيرة من سياستها.
وفي الرابع عشر من هذا الشهر، أصدرت حكومة المملكة المتحدة (بريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية)، إجراءاتٍ لتسهيل وصول المساعدات إلى سوريا دون خرق العقوبات التي تستهدف الحكومة السورية.