أعداد الإصابة بالكوليرا لا تنذر بنهايته أو انحساره في حلب
حلب- نورث برس
انتقل عزيز دباس (35 عاماً) مع عائلته من منطقة السفيرة 25 كيلو متر جنوبي شرقي حلب، للعيش في حي مساكن هنانو بحلب، منذ بداية العام الجاري، هرباً من شبح الكوليرا الذي انتشر بشكل مخيف في ريف حلب الشرقي.
يقول “دباس” لنورس برس، إنه “ترك مكان سكنه في مدينة السفيرة بسبب انتشار الوباء بشكل كبير هناك”، حيث أصابه وأطفاله حالة من “الرعب”، خاصة بعد إصابة زوجته بالوباء.
وأصيبت زوجته في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، وأدخلها مشفى السلام الخاص بجانب مشفى ابن رشد الحكومي، لعدم حصوله على سرير لها ضمن الحكومي.
وتلقت العلاج في المشفى، لمدة عشرة أيام، حيث تكلف الرجل خلالها “نحو مليون ومئتي ألف ليرة سورية”.

الأعداد في ازدياد
تقول وردة الهنادي (50 عاماً)، وهي من قرية جديدة تل سبعين في ريف حلب الشرقي، شمالي سوريا، بلهجتها العامية “بنيتي تعبانة كتير وما لكيت حد يقدر يفهم على وجعها، حالتها وصلت الموت”.
أمضت السيدة الريفية 22 يوماً بين المخابر وشراء الإكسسوارات الطبية لتقديم العلاج لابنتها عائشة ذات السبع سنوات، التي تم تحويلها من المشفى الجامعي لمشفى الرازي الحكومي، بحالة إسعاف نتيجة جفاف الفم وإسهال مائي شديد.
وتضيف المرأة لنورث برس، أن “المشفى قدم الإسعافات لابنتها، ونقلت إلى جناح العناية المشددة كونها هدرت الكثير من السوائل ووصلت إلى مرحلة خطرة”.
ورغم الأعداد الكبيرة داخل المشفى استطاعت” الهنادي” الحصول على سرير لها بعد “وساطة”، معبرةً بلهجتها المحلية “عند الحكومة أل ما يدفع يموت يابى”.
وكانت وزارة الصحة في الحكومة السورية، أعلنت مطلع شهر أيلول / سبتمبر الماضي، اكتشاف أول إصابة بالكوليرا في مشفى الرازي بحلب لطفل عمره 9 سنوات بسبب تلوث مياه الشرب في الريف الشرقي.
وفي العاشر من الشهر ذاته، أعلنت الوزارة، عن تسجيل 15 إصابة بمرض الكوليرا في محافظة حلب.
ونهاية تشرين الأول / أكتوبر الماضي، حذّرت الأمم المتحدة، من تفشي سريع لوباء الكوليرا في جميع أنحاء سوريا بسبب النقص الحاد في المياه في البلاد.
وقالت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن “ملايين الأشخاص في جميع أنحاء سوريا يفتقرون إلى إمكانية الحصول على المياه الكافية والمأمونة وقد تأثر النظام الصحي بشدة بسبب الصراع المستمر منذ أكثر من عقد”.
انتشر المرض بشكل كبير بين صغار وكبار ضمن القرية حيث تسكن “الهناوي”، نتيجة “انتقال الوباء عبر ساقية للري قريبة من المنازل وهي تروي جميع الأراضي الزراعية المجاورة”.
وحمَّلت “الهنادي” مسؤولي البلدية تعرض صحة ابنتها إلى الخطر نتيجة الإهمال في الخدمات ضمن القرية والتي تضم نحو أكثر من 1000 عائلة.
إحصائيات
قالت وزارة الصحة السورية عبر حسابها الرسمي على فيسبوك، في تقرير إحصائي للإصابات بوباء الكوليرا لنهاية عام 2022 ونسبة وصول حملة اللقاح الفموي للمرض.
ونشرت بالأرقام أن نسبة الفئة المستهدفة في حملة اللقاح بلغت 95.3% في منطقة ريف حلب – الرقة – دير الزور – الحسكة.
وسجلت واقع الإصابات الحالي بزيادة 7 إصابات دون وفيات عند تحديث الـ21 كانون الثاني 2023، وأن الإصابات المثبتة بلغ 1652 إصابة، وفقاً لإعلان الوزارة.
وتوزعت في حلب 1004، دير الزور 235، اللاذقية 98، الحسكة 96، الرقة 54، حماة 52، حمص 31، السويداء 26، دمشق 20، ريف دمشق 17، طرطوس 10، درعا 5، القنيطرة 4 إصابات.
كما بلغ عدد الوفيات 49 وفاة توزعت على حلب 40، الحسكة 4، دير الزور 2، ودمشق وحمص وحماة حالة واحدة.
ونشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، في تقرير صدر عنه منتصف الشهر الجاري، أن الحالات المشتبه بها وصلت إلى 77 ألفاً و561 حالة.
يقول محمود أحمد وهو اسم مستعار لمخبري من هيئة المخابر بحلب، إنه خلال الأشهر الأخيرة من العام الماضي، وصلت الأعداد إلى نحو 14 ألف تحليل إيجابي و1658 تحليل سلبي، ضمن المراكز المتواجدة في المدينة عدا عن المراكز التحليلية ضمن المشافي الحكومية بحلب.

ويضيف المخبري لنورث برس، أنه لا يزال مشفى الرازي الحكومي معلق العمليات الباردة والعمل ضمن الاستشفاء الخاص بالوباء منذ إعلان اكتشاف حالات الإصابة.
وبمقارنة بين الإحصائيتين، يظهر هناك اختلاف في الأرقام المسجلة التي أعلنت عنها وزارة الصحة “كونها لا تعلن عن الأرقام التي تجري في مختبرات المشافي الخاصة بحلب”.
وهذا الاختلاف في الإحصائيتين، يثير مخاوف سكان حلب ازدياد انتشار الوباء أو وجود حالات غير مسجلة ولم يكشف عنها بعد.