عام على أحداث سجن الصناعة.. منازل مدمرة وعائلات مشردة ولا تعويض

الحسكة – نورث برس

يمر علي بشكل يومي أثناء توجهه إلى عمله من أمام منزله المدمر الذي بات عبارة عن كتلة من الركام شاهدةً على عنف المعارك التي دارت في بعض أحياء مدينة الحسكة قبل عام من الآن.

علي إبراهيم العبود (40 عاماً) تتألف عائلته من 13 شخصاً، اضطر لاستئجار منزل صغير في منطقة حوش الباعر (حي الزهور) بمبلغ 100 ألف ليرة شهرياً، لعدم قدرته على بناء ولو جزء صغير من منزله الذي دمر بالكامل.

حتى أن “العبود” يعجز عن ترحيل الأنقاض من المساحة التي كان منزله قائماً عليها، لضيق الحال.

بعد عام

يسرد “العبود” قصة نزوحه أثناء تمكن فرار معتقلي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، من سجن الصناعة الذي كان يضم نحو 5 آلاف معتقل ينتمون للتنظيم.

ويقول لنورث برس: “خرجنا من منازلنا في اليوم الذي تلى بداية أحداث السجن (…) بعد نحو 10 أيام من المعارك عدنا ولم نجد منازلنا، وجدنا كتلة من الركام والدمار”.

ويضيف: “جاءت الكثير من المنظمات وقامت بتسجيل أسماء المتضررين ولكننا لم نحصل على أي تعويض”.

اقرأ أيضاً:

مناشدات

يناشد “العبود” التحالف الدولي بضرورة تعويض المتضررين، “أناشد التحالف الذي كان حاضراً أثناء المعارك التي جرت قبل عام (…) ما ذنبنا؟ لماذا تم تدمير منازلنا؟”.

ويصف “العبود” أوضاعهم بعد عام من أحداث سجن الصناعة، بالـ”مأساة”، داعياً الأمم المتحدة وكل الأطراف الفاعلة بضرورة النظر في أحوال السكان الذين تعرضت منازلهم للدمار وبات غالبيتهم مشردين.

ودارت معارك عنيفة بين خلايا “داعش” وعناصرها المعتقلين الذين تمكنوا من الفرار من سجن الصناعة في العشرين من كانون الثاني من العام المنصرم، وبين قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي.

وتحصن عشرات العناصر من خلايا “داعش” ومعتقلوه الفارون من السجن، بمنازل سكان أحياء غويران وحوش الباعر (حي الزهور) في الأطراف الجنوبية من مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا.

وتسببت الاشتباكات والمعارك الضارية التي دارت بين “داعش”، و”قسد” بمساندة التحالف الدولي، بدمار كبير طال منازل السكان في الأحياء المذكورة، وخاصة تلك التي تحصن بها عناصر التنظيم، إضافة لحركة نزوح إلى مراكز الإيواء ومنهم قصدوا أقاربهم.

وبعد إعلان قوات سوريا الديمقراطية في الواحد والثلاثين من كانون الثاني/ يناير عام 2022، السيطرة الكاملة على السجن، عاد السكان تدريجياً إلى منازلهم، لكن البعض منهم وجد منزله مدمراً بشكل كلي، فيما وجد آخرون تضرراً في ممتلكاتهم.

وكان بعض السكان في الحي قد قام بترميم منازلهم وآخرون أعادوا بناءه بالكامل، في حين لم يتمكن ذوي الدخل المحدود من القيام بأي ترميم لسوء الأوضاع المادية، إذ يعيشون على أمل أن يتم تعويضهم لاحقاً.

ويتذمر محمد، من غياب الدعم أو المساعدات عنهم، “لا سلطات محلية ولا جمعيات خيرية ولا منظمات إنسانية قامت بتقديم أي مساعدة لنا”.

وفقد محمد علوش محمد (72 عاماً) من سكان حي غويران شرقي، هو وأبناءه الثلاثة ثلاثة منازل بجوار بعضها في الحي.

ولسوء الحال واضطراره للمأوى، اضطر “محمد”، لاقتراض مبلغ من المال رمم به أجزاء من أحد منازله، وعاش هو وأفراد أسرته فيه، إلا أن أبناءه الثلاثة المتزوجين عادوا إلى القرية وسكنوا فيها.

نريد غرفة تستر علينا

تمنت سميرة العبدالله (40 عاماً) من سكان حي غويران شرقي، وتتألف عائلتها من 7 أفراد، أن يتم تأمين مكان للسكن، “ولو غرفة واحدة على أنقاض منزلنا المدمر”.

وتستأجر “العبدالله” غرفة ومنافعها، بالقرب من منزلها المدمر، تقول: “نناشد التحالف الدولي والجمعيات والمنظمات الدولية بتعويضنا ولو بنصف القيمة، خسرنا كامل منزلنا (…) نريد أن يتكفل أحد الأطراف بنا. نريد من منزل كامل تعرض للدمار، غرفة واحدة لتستر علينا وعلى أطفالنا”.

وقال خبات سليمان، وهو الرّئيس المُشارك لمجلس مقاطعة الحسكة في الإدارة الذاتية في تصريحٍ سابق لنورث برس، إن هجوم “داعش” على سجن الصناعة في الحسكة دمر 120 منزلاً، منهم 62 مدمر كلياً، و58 مُدمر بشكل جزئي، في حيي غويران والزّهور جنوبي الحسكة.

وعادت شماء بشير عزيز (37 عاماً) من منطقة المقابر بحي غويران جنوب الحسكة، إلى منزلها في الحي.

ولكن “عزيز” التي تتألف عائلتها من 4 أفراد، صدمت عندما رأت منزلها.

تقول لنورث برس: “عدنا إلى منزلنا بعد أحداث السجن حيث لم يبقَ منه سوى غرفة ومطبخ (…) استدنا أموالاً من أجل الترميم، حيث قمنا ببناء حائط للمنزل وحمام، وننتظر سداد الديون حتى نستطيع إكمال عملية الترميم”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: قيس العبدالله