“صوغانة” قرية كردية جنوبي عفرين هجِّر القصف التركي لأكثر من 500 يوم كل سكانها
عفرين – سوزدار محمد – NPA
تقاوم قرية صوغانة جنوبي عفرين، لأكثر من /500/ يوم من القصف البرّي شبه المتواصل على منازل القرية، حيث هجِّر ما يقارب الـ/600/ شخص من أهالي القرية، ومهجري عفرين الذين قصدوها بعد تهجيرهم في آذار / مارس الماضي، تاركين خلفهم منازلهم وأشجار الزيتون.
كما تتعرض قرية صوغانة جنوبي عفرين منذ عام ونيف، لقصف شبه يومي بالقذائف المدفعية، التي تطلقها فصائل المعارضة السورية المسلحة والجيش التركي، المتمركزان في قرية كيمار المجاورة والمطلة على مدينة عفرين.
وتسبب القصف بتهجير أكثر من /150/ عائلة من القرية، وتدمير عدة منازل، وإصابة العشرات من سكانها، بينهم عدة نساء وطفل واحد بجروح.
كما لم يسفر القصف المتكرر بمقتل أحد من أهالي القرية، نظراً لاحتمائهم في الكهوف والأقبية التي تنتشر في القرية، إلا أن القصف المكثف على القرية في الشهرين الأخيرين، دفع بسكانها إلى إخلائها.
ففي الثامن من آب / أغسطس الماضي، استهدفت الفصائل، القرية بـ/100/ قذيفة هاون، ما أسفر عن جرح أربعة أشخاص من عائلة واحدة، بينهم طفل، فيما كان تسبب قصف آخر في شباط / فبراير الماضي، بإصابة عدد مماثل.
صوغانة خارج السيطرة
لم تفرض تركيا قبضتها على قرية صوغانة حين بدأت عمليتها العسكرية للسيطرة على عفرين، في كانون الثاني / يناير من العام 2018، فاستلمتها قوات الحكومة السورية بعد انسحاب وحدات حماية الشعب منها.
وجود القوات الحكومية في القرية، لم يكن عائقاً أمام تركيا وفصائل المعارضة التابعة لها، من استهدافها بشكل شبه يومي بالقذائف، حتى تحوَّلت صوغانة إلى قرية خالية من سكانها.
وتبعد القرية أقل من /2/ كم، من مناطق سيطرة تركيا بمنطقة عفرين، لتكون بذلك الخط الفاصل بين تركيا وفصائل المعارضة السورية المسلحة من جهة، وقوات الحكومة السورية من جهة أخرى.
كما أن قرب موقعها من بلدتي نبل والزهراء ذات الأغلبية الشيعية، منع تركيا من أن تفرض قبضتها عليها، فضلاً عن بعض قرى أخرى كالعقيبة وزيارة والخربة وزرناعيت ومياسة وبرج القاص وباشمرا، حيث تشكل هذه القرى بجغرافيتها، حلقة حماية حول البلدتين من الجهة الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل المعارضة.
سكان من القرية يعتبرون هذا التوزع والانتشار بين قوى الطرفين، يدل على التنسيق مع الحكومة السورية، أثناء اجتياح منطقة عفرين وتحديد القرى التي ينبغي لتركيا عدم الاقتراب منها.
كما أنهم يعتبرون مجاورتهم لنبل والزهراء "ضربة حظ"، لمنع السيطرة التركية عليها، فيما يعتبر البعض الآخر بأن هذه المجاورة هي "منكودة الحظ"، نظراً لعمليات القصف العنيف اليومي.
في حين تقول أيتان معمو (40 عاماً) من أهالي قرية صوغانة، ممن تعرض منزلهم للدمار نتيجة القصف لـ"نورث برس"، بأن "القذائف كانت تنهال على القرية مثل زخات المطر، حيث وقعت قذيفة على منزلي وتدمر بالكامل".
فيما تتساءل معمو إلى أين يجب أن تتوجه بعد أن دُمِّر منزلها، قائلة "تشتتنا وتبهدلنا، كيف سنعيش وندبر قوت يومنا؟!"
وتؤكد بأنهم خرجوا من قريتهم حين وقعت 130// قذيفة على القرية في يوم واحد، متمنية العودة إلى قريتها وأرضها.
إحراق المحاصيل الزراعية
وعمدت الفصائل التابعة لتركيا في الصيف الماضي إلى إضرام النيران بالمحاصيل الزراعية، من قمح وشعير وعدس وأشجار الزيتون في القرية، ليسارع الأهالي في محاولات غير مجدية لإخمادها، حيث أطلقت الفصائل الرصاص على كل من حاول الاقتراب من النيران حينها.
فيما ساهمت سرعة الرياح في زيادة حدة النيران، ليتحول موسهم السنوي بعد ساعات إلى رماد.
ويقول أحمد محمد (66 عاماً) الذي تعرض /40/ رأس من أغنامه للسرقة من قبل الفصائل التابعة لتركيا المتمركزة في قرية كيمار إن "جميع أراضينا احترقت، لم يبق لنا شيء، أحرقوا التين والزيتون".
ويشير محمد إلى أن الفصائل أحرقت ما يقارب 9// هيكتارات من محاصيله من القمح والشعير، منوهاً أنهم طيلة الفترة الماضية ونتيجة القصف العنيف كانوا يختبئون في الكهوف والأقبية.
حزام الألغام
ويحيط بالقرية من عدة جهات، حزام من الألغام، التي أسفرت عن قتل ثلاثة أشخاص من أهالي القرية، بالإضافة لإصابة امرأة بجروح.
فيما حوّلت الألغام القرية إلى سجن كبير، منعت السكان من الذهاب إلى أراضيهم، الواقعة بجوار المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا والفصائل المدعومة منها، خوفاً من انفجار الألغام المزروعة.
ويضيف محمد أن القرية محاصرة من كافة الجهات بالألغام، قائلاً: "لم نكن نستطيع الذهاب إلى الأراضي، فالقرية محاصرة بالألغام".
ولا يستغرب الرجل الستيني من الانتهاكات التي تتعرض لها القرية، على يد فصائل المعارضة والجيش التركي، قائلاً "إنه العدو، لا ندري ماذا سيفعلون أيضاً؟!"، متسائلاً مرة أخرى "لكن ما الذي يريده منا، إلى أين نذهب من أفعالهم؟"
وما تزال صوغانة تتعرض للقصف بين الحين والآخر، على الرغم من تهجير سكانها، مثلهم كمثل أكثر من /350/ ألف مهجّر من سكان عفرين، نزحوا نحو مناطق متفرقة من حلب وبقية المناطق السورية.