غرفة الأخبار – نورث برس
بدأ العام 2022 بحربٍ بين أوكرانيا وروسيا وما تبعتها تداعيات واسعة النطاق على الصعيد الدولي، ولا سيما في المستويين الاقتصادي والطاقة وأزمة الغذاء، وذلك في غضون توترات بين دول الغرب وشرق آسيا المتمثل بالصين وكوريا الشمالية، وأزمات سياسية وأمنية في بلدان الشرق الأوسط، وتجميد الاتفاق النووي الإيراني والاحتجاجات ذات الطباع النسوي، أضافة إلى كوارث بشرية وبيئية أوقعت الآلاف من الضحايا.
الحرب في أوكرانيا
تعتبر الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا في 24 شباط/ فراير، أبرز الأحداث التي وقعت في العام 2022 نظراً إلى امتدادها الزمني وتداعياتها وأعداد الضحايا، وصاحب ذلك تهديدات بشن هجمات نووية، في ظل عقوبات غربية على موسكو.
وتسببت الحرب بنزوح ما لا يقل عن أربعة ملايين إلى خارج البلاد والملايين الآخرين محلياً، كما أسفرت عن مقتل وإصابة نحو 18 ألف شخص مدني بحسب مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بينما لم تُنشر حصيلة موثقة بعدد القتلى العسكريين في صفوف جيشي روسيا وأوكرانيا، وسط أنباء غير رسمية بسقوط 100 ألف قتيل لدى كل من الجانبين.
كما تسببت الحرب بأزمة غذاء دولية وارتفاعاً في الأسعار أثرت بشكل بالغ على البلدان النامية، وفيما حاولت الأمم المتحدة مراراً تخفيف الأزمة من خلال فصل الصراعات السياسة عن الوضع الإنسانية، إلا أن العام انتهى باستمرار الحرب وتداعياتها وفشل محاولات إرساء السلام.
ومع حلول العام الجديد، تتركز المعارك في أربعة مناطق شرقي أوكرانيا، حيث المنطقة التي ضمتها روسيا إلى أراضيها بشكل غير قانوني وواجهت رفضاً دولياً.
هجرة ونزوح
يوجد حالياً حوالي 32 مليون شخص حول العالم من اللاجئين، مما يعني أنهم فروا من بلدهم الأصلي بسبب الاضطهاد أو الصراع أو العنف. عندما يتم تضمين النازحين داخليًا – أي الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم ولكنهم ما زالوا يعيشون في وطنهم – يصل العدد إلى أكثر من 100 مليون.
وهذا يزيد بمقدار 13 مليون عن نهاية عام 2021، أو ما يعادل إجمالي عدد سكان أيرلندا وليتوانيا ونيوزيلندا.
توترات في شرق آسيا
ظهرت التوترات في شرق آسيا بين دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وحليفتها اليابان وكوريا الجنوبية مع الصين وكوريا الشمالية، حيث تنامى هذا التصعيد لدى زيارة رئيسية البرلمان الأميركي ووفود غربية إلى تايوان، فأثار ذلك غضب بكين وعززت من انتشارها العسكري في محيط الجزيرة، واعتبرته تهديداً لوحدة أراضيها التي تعتبر تايوان جزء لا يتجزأ من الصين الكبرى، الأمر الذي دفع إلى إنطلاق مناورات وتدريبات صينية واسعة النطاق، اعتبرتها الولايات المتحدة وحليفيتهيا الأسيويتين تهديداً لها.
إلى جانب ذلك، واصلت كوريا الشمالية إطلاق صواريخ بالستية بلغت أكثر من 73 صاروخاً منذ مطلع العام إلى نهايته، فأثارت هذه الإطلاقات مخاوف طوكيو وسييول ولاقت إدانة واشنطن وأجرت تدريبات عسكرية مشتركة.
أزمات وتجاذبات سياسية في الشرق الأوسط
بقي الصراع وعلى مستويات متبانية مستمراً في بلدان عديدة بالشرق الأوسط، أبرزها الصراعات التي تشهدها الدول العربية.
ودخلت الأزمة السياسية عامها الثاني عشر في سوريا مع استمرار المعارك فيها ولاسيما في مناطق الشمال، وشهدت هجمات تركية على طول الحدود استهدفت معظمها البنى التحتية فاعتبرتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة تهديداً للاستقرار، في حين يواجه البلد تدهوراً معيشياً وسط ارتفاع جنوني للدولار مقابل الليرة.
أما اليمن، فيشهد هدوء نسبي في الجبهات بين الحوثيين والحكومة اليمنية المدعومة خليجياً. بينما ختم السودان عامه بطرح سياسي جديد من شأنه انهاء الحكم العسكري والبدء بمرحلة مدنية عبر إجراء انتخابات لاحقاً.
وفي تونس تستمر حالة الطوارئ تحت نفوذ الرئيس قيس سعيد فشهدت بلاده انتخابات ذات إقبال ضعيف، أما لبنان فقد عانت من تدهور اقتصادي كبير مع فشل البرلمان في اختيار رئيس جديد للجمهورية.
وتحولت السعودية الراعي البارز لمصالح الدول الخليجية إلى مركز لتجاذبات أميركية وصينية، وشهدت قمم عديدة وزراها الرئيس الصيني شي جين بينغ، سبقه الرئيس الأميركي جو بادين، في مسعى لعقد صفقات واتفاقيات اقصادية، جاءت بعد قرار غير مرحب به أميركياً لمنظمة أوبك بخفض الانتاج.
وعلى صعيد الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” ظلت الأوساط السياسية والعسكرية، تتفق على أن التنظيم بات أكثر خطراً وتنامياً، حيث شهد هذا العام العديد من هجمات التنظيم استهدفت مدنيين في سوريا والعراق والقوى الأمنية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية والبيشمركة والقوات العراقية، راح فيها مئات الضحايا.
ولم تنحسر تحركات التنظيم المتشدد في الشرق الأوسط فحسب، فعلى الرغم من مقتل قاداته، ظلت فروعه نشطة من إفريقيا إلى آسيا الوسطى في عام 2022، حيث شكلت “ولايات” في القارة السمراء بما في ذلك نيجيريا ومالي وجمهورية الكونغو وموزمبيق جنوباً. هذا بالإضافة إلى نشاطه بشكل خاص في أفغانستان على طول الحدود الباكستانية المعروفة باسم ولاية “داعش خراسان”.
الاتفاق النووي والاحتجاجات ضد نظام إيران
تستمر الاحتجاجات في إيران منذ ثلاثة أشهر ونصف، بدأت شرارتها الأولى تشتعل من مفرق عام وسط العاصمة الإيرانية طهران في منتصف أيلول، على خلفية مقتل الفناة الكردية جينا أميني (مهسا)، لتتسع وتشمل عشرات المدن والبلدان في سائر أرجاء البلاد، عقب ذلك تغير في سلوكيات النظام لمواجهة أزمة غبر مسبوقة هي الأكبر منذ سيطرة النظام الإسلامي على الحكم قبل أربعة عقود، فصعدت حملتها القمعية ضد المتظاهرين وسخرت في ذلك مؤسساتها الأمنية والعسكرية، وأصدرت أحكامًا إضافية بالإعدام ضد المحتجين.
وقُتل في المظاهرات بحسب شبكة منظمات حقوق الإنسان في إيران ما لا يقل عن 500 شخص.
جاءت الاحتجاجات في مرحلة عُلّقت فيها المباحثات بين إيران والدول الخمس خلال الأشهر الأخيرة من هذا العام، وسط انتقادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموجهة لطهران لاستمرارها في منع مسؤولي الوكالة من الوصول إلى المواقع النووية الإيرانية أو مراقبتها.
وأصبحت هذه القضية نقطة شائكة رئيسية في المحادثات (5 +1) الشاقة والطويلة خلال العام الجاري، من أجل تجديد الاتفاق النووي 2015، والذي خفف العقوبات على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
كوارث بيئية وبشرية
شهدت ثلاثة دول في شرق آسيا ثلاث كوارث بشرية مات فيها مئات الأشخاص. حيث لقي ما لا يقل عن 132 شخصاً مصرعهم بعد انهيار جسر معلق على نهر في ولاية غوجارات بغرب الهند. وقتل قرابة 150 شخصاً وأصيب 82 آخرين، في أسوأ كارثة تشهدها كوريا الجنوبية منذ سنوات، نتيجة حادثة تدافع وسط حشد كبير من المراهقين المحتفلين بعيد هالووين.
وفي إندونيسيا وقعت أحداث شغب وتدافع كبير بين المتفرجين غلى مباراة كرة قدم محلية مما أدى إلى مقتل 125 شخصاً.
وقضى قرابة 6347 شخصا في العالم جراء الكوارث الطبيعية في النصف الأول من 2022، حسب تقرير مشترك صدر في أيلول/ سبتمبر 2022 عن مركز أبحاث الأوبئة والكوارث العالمية.
وختامها تمثلت في العاصفة الثلجية بالولايات المتحدة، كأحد أكبر مواجات البرد التي اجتاحت القارة الشمالية راح ضحيتها ما يقارب الـ50 شخصاً، وعطلت الحياة في الأسبوع الأخير من العام المشارف على الانتهاء.