كوباني.. ثلاثة عمّال ذهبوا إلى عملهم المعتاد وعادوا بسيارات الإسعاف!

كوباني- نورث برس

خرج بوزان من منزله يوم الخميس الماضي، كما كل يوم ذاهباً إلى عمله، في ورشة صيانة لمحطات ضخ المياه في كوباني.

لم يكن يعلم بوزان شيخ نبي (50 عاماً) أنه سيفقد حاسة السمع ويتعرض لنزيف في الدماغ أثناء قيامه بعمله الأسبوعي المعتاد، لتأمين مياه الشرب لسكان مدينته كوباني، كما أن الرجل يعمل ليعيل عائلته.

والخميس الماضي، أصيب “شيخ نبي” واثنين من زملائه في مديرية المياه بكوباني، إثر استهدافٍ تركي أثناء عملهم في ورشة صيانة بقرية شيغلار (الشيوخ) غربي المدينة.

وفي ذات اليوم، أصيب شخص آخر في قصف تركي على قرية جارقلي غربي كوباني، وقالت مصادر أهلية لنورث برس إن إصابته طفيفة.

وتعرضت كذلك قريتي كوران وقره موغ شرقي كوباني، لقصف تركي مماثل في ذات اليوم.

ومنذ ذلك الحين لا زال “شيخ نبي” ممدداً في فراشه بعد أن نقله ذووه إلى المنزل، وكانت إصابته الأخطر بين رفاقه.

يقول محمد شيخ نبي (45 عاماً) وهو شقيق بوزان، إن عمل شقيقه الاعتيادي هو الإشراف على مراقبة وصيانة محطات ضخ المياه وكافة مراحل إيصال مياه الشرب إلى مدينة كوباني.

ويضيف أن إصابة شقيقه كانت حرجة مقارنة مع زملائه، حيث دخلت شظية في رأسه بحجم يتراوح بين 3 و5 سم والتي شاهدها بعد إجراء أطباء عملية لاستخراجها.

وجراء ذلك أُصيب بنزيف دماغي، إضافة لإصابة في ظهره حيث تعرض كتفه الأيمن للكسر، كما أصيبت أذنيه حيث فقد حاسة السمع، ويحتاج بعد عشرة أيام لمعاينة جديدة لمعرفة إذا ما كان يمكن إجراء عملية له من أجل استعادة حاسة السمع.

ومن بين المصابين فاضل بازار (50 عاماً) وهو مشرف على محطات ضخ المياه والخزانات في مديرية المياه بكوباني. وعملهم اليومي يبدأ الساعة التاسعة صباحاً.

يقول إنهم كالمعتاد في يوم الخميس الماضي، مروا على قسم الخزانات في منطقة الإذاعة ثم محطة الضخ في قرية قره قوي إلى أن وصلوا إلى قرية شيغلار، حيث أنهوا عملهم بصيانة المضخات.

ويتذكر “بازار”، أنه في الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً، صعد مع زملائه إلى سيارتهم وعندما قام بتشغيلها للعودة إلى كوباني، تم استهدافهم.

ويروي الرجل لنورث برس، أن القصف جاء من الجهة المقابلة لضفة نهر الفرات حيث مدينة جرابلس، وأن سيارتهم أصيبت من الخلف.

ويضيف “بازار”، أن إصابته في الرأس وخلف الأذن، حيث تم تضميد جروحه، إضافة لإصابة في العين، لافتاً إلى أنه لا يعرف فيما إذا كانت هناك شظايا صغيرة في وجهه الذي تعرض للاحتراق.

ويوضح الرجل، أن عملهم هو إيصال مياه الشرب من نهر الفرات إلى مدينة كوباني وإلى 16 قرية بريف كوباني الغربي، ويقومون بأعمال الصيانة بشكل يومي ويراقبون عمل المضخات لمعرفة أي خلل فيها وصيانتها.

فيما لم يدرِ مسلم خليل إسماعيل (55 عاماً) وهو مساعد مشرف على صيانة المضخات في مديرية المياه بكوباني، ما حدث سوى أنه سمع صوتاً قوياً ورأى الغبار يتصاعد.

أحس بطنين في آذانه ودوار، وماهي إلا لحظات حتى استوعب الموقف، لينظر الرجل إلى الخلف وإذ بالسيارة تحترق، وأمسك بزميله بوزان الذي كاد أن يقع من السيارة بعد الاستهداف.

وكانت إصابة “إسماعيل” هي الأخف بين زملائه، لذلك بادر للاتصال بإدارته وأخبرهم بأنهم بحاجة إلى سيارة إسعاف.

ويقول إنه تخوّف كثيراً على زميله الذي أُصيب إصابة بالغة، ويرى أن سبب استهدافهم هو “قطع المياه عن سكان كوباني، مثلما فعلوا بسكان الحسكة”.

وقبل يومين توعّد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بمواصلة حربه ضد شمالي سوريا، وقال إنه بلاده ستبدأ بتدمير البنى التحتية والموارد في المنطقة.

إعداد: فتاح عيسى – تحرير: أحمد عثمان