لاجئ سوري في دهوك ينتقل من المسرح المحلي إلى السينما العالمية
دهوك- نورث برس
رغم أن حياته الفنية لم تمكّنه من جني الكثير من المال، إذ لا يزال يعيش مع عائلته في منزل متواضع في مخيم دوميز بمدينة دهوك في إقليم كردستان العراق، إلا أن محمد يصر على إكمال رحلته التي بدأها منذ أن كان في العاشرة من عمره.
فالفن والتمثيل والمسرح، يجدهم محمد المسلماني، منفذ الإنسان الوحيد للتعبير عما بداخله، “لذا لا بد أن نعلّم الأجيال القادمة الفن ليستمروا جيلاً بعد جيل”.
يقول “المسلماني” إن صناعة أعمال بلغته الكردية وعرضها على الشاشة والتي كانت ضرباً من المستحيل في سوريا، جلّ ما يشغل باله، في ظل قلة الأعمال الكردية وصعوبة إنتاجها.
وفي هذه الأثناء، يهمُّ من مكانه ويخرج الـ 21 جائزة وتكريم التي نالها خلال مسيرته الفنية في إقليم كردستان العراق، يروي تاريخ كل واحدة منها وعن أي دور حصدها ويأمل أن يظفر بأخرى عن مسلسله الأخير.
في بلده بمدينة القامشلي، بدأ مسيرته بمسرحيات محلية، كانت تعرض فيعيد نوروز وغيرها من المناسبات، إضافة إلى المشاركة في اسكتشات صغيرة، فحال الدراما الكردية والمسرح في سوريا قبل الحرب كان معدوماً في ظل منع الحزب الحاكم إنتاج أي أعمال تلفزيونية باللغة الكردية.
عصفت الحرب في بلده عام 2011، لم يجد “المسلماني” خياراً سوى الهجرة إلى إقليم كردستان العراق واستقر في مخيم دوميز.
رحلة اللجوء كانت قاسية بحجم قساوة الحرب، ويقول عن ذلك: “جئنا من سوريا إلى إقليم كردستان هرباً من الحرب، مشينا على أقدامنا ساعات طويلة، عشنا تحت الخيمة نحو عامين، كانت رحلة مضنية، تركنا منزلنا وبلادنا، لم نكن نعلم ما هو مصيرنا”.
حرص “المسلماني” على التواجد في الأماكن الفنية، فقابل العديد من المخرجين اللذين وجدوا أن تجربته الفنية “تستحق التطوير”.
لمع اسم “المسلماني” في القنوات التلفزيونية الكردية في مدينة دهوك خلال السنوات الخمس الماضية، شارك في العديد من المسلسلات، وكتب 15 حلقة تلفزيونية لمسلسل كوميدي حمل اسم “أخ وتاخ”، عُرض على قناة “وار” الكردية في شهر رمضان الماضي.
ولعل مشاركته في الفيلم الكردي “ميسي بغداد” الذي حصد 60 جائزة عالمية، من أبرز محطات “المسلماني” السينمائية، حيث شارك فيه بدور عنصر في تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” يفجر نفسه.
و”ميسي بغداد” فيلم قصير للمخرج الكردي العراقي سهيم خليفة، أنتج عام 2012 ونال شهرة عالمية وتم إنتاجه فيما بعد كفيلم سينمائي طويل وجرى تصويره في إقليم كردستان العراق.
الفيلم الذي كان ضمن الأفلام العشرة المرشحة في القائمة القصيرة للأفلام المرشحة لجائزة أوسكار أفضل فيلم قصير، سينافس أيضاً إلى جانب سبعة أفلام أخرى في قسم المسابقة الرئيسية لمهرجان أوستند الذي سينطلق في مدينة أوستند البلجيكية ويستمر لغاية الرابع من شباط/ فبراير المقبل.
وقبل عامين، شارك “المسلماني” بدور مهاجر سوري يحاول عبور الحدود مع عائلته في فيلم “جيران” للمخرج الكردي مانو خليل.
ويختصر “جيران” بحسب مخرجه مأساة شعب ودمار بلد بأكمله من خلال قصة الطفل الكردي السوري “شيرو” الذي يعيش في إحدى القرى السورية الحدودية مع تركيا في حقبة الثمانينات، ينتظر يومه الأول في المدرسة، ليلاقي الأستاذ القادم من العاصمة، “حاملاً إيديولوجية حزب البعث، التي غُرست في عقول الأطفال السوريين منذ الصغر”.
وحصد فيلم “جيران” الذي شارك ببطولته الممثلين السوريين جهاد عبدو، جلال الطويل، مازن الناطور، نسيمة ضاهر إضافة إلى الطفل سرحد خليل، ومشاركة ممثلين من البرازيل وألمانيا وفرنسا، 56 جائزة.
وشارك “المسلماني” أيضاً بدور ضابط في الجيش العراقي في الفيلم البرتغالي “العروس” الذي تم تصويره في أربيل ودهوك والموصل، عام 2020 ويروي موضوع التحاق الأوروبيات بتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”.
وعرض هذا الفيلم في مهرجان البندقية السينمائي 2022 وهو من إخراج سيرجيو تريفوت.
ينشغل هذه الأيام اللاجئ السوري في تصوير مسلسل كردي يحمل اسم “شيخانه” أي (مقهى) باللغة العربية، فيما يقضي بقية وقته في كتابة اسكتشات (نصوص مسرحية قصيرة) حول التسامح الديني.
ويطمح “المسلماني” أن تتوفر ظروف أفضل للمسرح والدراما الكردية، وأن تترجم وتدبلج الأعمال الكردية على غرار الأجنبية.