مخرج سوري يروي حقبة “نظام البعث” عبر فيلم بمهرجان دهوك السينمائي
أربيل – نورث برس
يستمر مهرجان دهوك السينمائي الدولي، بعرض الأفلام من خلال النسخة التاسعة منه للعام 2022، ومنها فيلم “جيران” للمخرج السوري الكردي مانو خليل، حيث تم عرض الفيلم في قاعة المؤتمرات داخل جامعة دهوك، ويعرض كذلك في قاعة “سوز” داخل مخيم “دوميز” للاجئين السوريين في مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق.
يعود بنا المخرج مانو خليل إلى سبعينات القرن الماضي، فيعود كل سوري عاش في تلك الفترة، وهو يشاهد الفيلم، إلى طفولته “مرتدياً الصدرية المدرسية واضعاً الفولار المخطط، مردداً شعارات حزب البعث العربي الاشتراكي، الذي حكم سوريا ومايزال”.
يقول خليل لنورث برس، إن “فيلم جيران يختصر مأساة شعب ودمار بلد بأكمله، من خلال قصة الطفل الكردي السوري “شيرو” الذي يعيش في إحدى القرى السورية الحدودية مع تركيا في حقبة الثمانينات، ينتظر يومه الأول في المدرسة، ليلاقي الأستاذ القادم من العاصمة، حاملاً إيديولوجية حزب البعث، التي غُرست في عقول الأطفال السوريين منذ الصغر”.
وانطلقت فعالية النسخة التاسعة من مهرجان دهوك السينمائي الدولي، في الأول من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بمشاركة 55 فيلماً سينمائياً متنوعاً بين الأفلام الكردية والأجنبية.
يصوّر فيلم “جيران” البيئة التعليمية التي نشأ عليها الكثير من الطلبة السوريين، حيث ربطتها السلطة بشكل مباشر بالحزب الحاكم للدولة، فاعتلى علم حزب البعث العربي الاشتراكي ساحات المدارس، والمؤسسات الحكومية، والجامعات والمنظمات الطلابية، وحفظ الطلبة عن ظهر قلب شعارات الحزب، “وحدة حرية اشتراكية”، فأين هي سوريا الآن من هذه الشعارات؟، وفق حديث المخرج.
ويضيف “خليل” أن أمنيته كانت تصوير فيلمه في منطقة الجزيرة السورية أو “كردستان سوريا”، لكن نتيجة الهجمات التركية المتكررة، فضّل تصويره في مدينة دهوك بإقليم كردستان العراق، حيث تم اختيار قرية حدودية مع سوريا تحمل ذات الطابع البيئي، ثم بناء بعض المنازل لإحضار كل ما يتعلق بالبيئة السورية إلى مكان التصوير.
فيلم “جيران” الذي تم تصويره قبل عامين، جال في رحلة بدأت من شنغهاي في الصين ليصل إلى أميركا اللاتينية، وحصد 56 جائزة.
وعن ذلك يقول خليل: “منذ بداية خروج الفيلم إلى النور، شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان شنغهاي السينمائي الدولي في الصين، ورُشح لجائزة الكأس الذهبي، بعدها عُرض في مهرجان “لوكارنو”، ثم في مهرجانات عالمية، في نيورك وتورينتو وفينا سيول وبلجيكا وبولندا وألمانيا، أيضاً في مهرجان البحر الأحمر الدولي في السعودية، إضافة إلى عرضه في الدول الآسيوية من الهند مروراً بإندونيسا واليابان وصولاً إلى أميركا وكندا”.
يريد المخرج من خلال هذا الفيلم الروائي أن ينقل أحاسيسه الدفينة التي تعود إلى تلك الحقبة، ويسلط الضوء على “نتائج الربط الذي فرضته السلطة السورية، بين المؤسسات التعليمية وأفكار حزب البعث العربي الاشتراكي”، فيصّور ما حل للقرية وللطفل “شيرو” ولباقي الطلبة “بعد قدوم الأستاذ البعثي من دمشق إلى الجزيرة السورية”.
ويضيف خليل، “أردت عرض القصة من خلال شخصيات واقعية، ليست محض خيال، تركت للجمهور حقه بالاستنتاج، فأنا لا أعلّم الجمهور ماهو الصح أو الخطأ، ولا أقول له هنا ظلام وفي الجهة الأخرى نور، بل أحاول إشعال شمعة لتسليط الضوء على ذلك الظلام من جهة ولإضاءته من جهة أخرى”.
وعن مشاركة فيلم “جيران” في مهرجان دهوك السينمائي، يقول: “أنا كمخرج كردي انتمي للقضية الكردية، وأحمل روح كردية، أحاول بطريقة أو بأخرى عرض قصص كردية تهم الشعب الكردي، لكنها أيضاً تهم العالم بأسره، فالإنسانية والتعايش السلمي المشترك هي قضية كل الشعوب”.
ويكمل أن مهرجان دهوك السينمائي يقدم فرصة للمخرجين والمشاهدين معاً، فهو يفسح المجال أمام صنّاع السينما الكردية لعرض أفلامهم، في ظل غياب البيئة المناسبة لعرضها على شاشات التلفزة الكردية، وفي الوقت ذاته يفتح شاشة السينما أمام الجمهور المتعطش لحضور قصص تلامس وجدانه، إضافة إلى مشاهدته أفلام عالمية.
ويشير إلى أن هناك محاولات من منظمي المهرجان بإحضار مجموعة من المنتجين والمخرجين العالمين إلى كردستان، للتعرّف على بيئتها وثقافتها، “هذا برأيي أمر رائع، لذلك أشعر بالسعادة لوجود فيلم جيران في هذا المهرجان”.
يذكر أن فيلم جيران من بطولة الممثل السوري جهاد عبدو، جلال الطويل، مازن الناطور، نسيمة ضاهر إضافة إلى الطفل سرحد خليل، ومشاركة ممثلين من البرازيل وألمانيا وفرنسا.