أهدافه وتبعاته.. تهديد تركي جديد بتدمير البنية التحتية في شمال شرقي سوريا
غرفة الأخبار- نورث برس
لازالت آثار الضربات الجوية التي نفذتها تركيا في شهر تشرين الثاني/نوفمبر على شمال شرقي سوريا، تفاقم الوضع المأساوي لحياة السكان، حيث ظهرت لها تداعيات جمّة خلال شهر مضى، ليعقبها اليوم تهديد تركي جديد “لن يدفع ضريبته سوى المجتمعات” على ما تم توثيقه من جانب منظمات محلية ودولية.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الاثنين، إنه سيواصل حربه ضد شمالي سوريا، بتدمير الموارد والبنى التحتية في المنطقة.
جاء ذلك بعد مرور قرابة شهر على هجمات سابقة حملت ذات الأهداف، وتسببت بأضرار كبيرة في قطاعات حياتية، قالت عنها منظمات إنسانية إنها كانت تسد ثغرة كبيرة في الاحتياجات الأساسية.
وفيما قال الرئيس التركي علانية، إنه سينتقل إلى مرحلة مكافحة جديدة لتدمير كافة البنى والموارد في شمالي سوريا، يعتقد الباحث في شؤون الإسلام السياسي، حسام الحداد، أن هذا التهديد يأتي في وقتٍ لم تحصل فيه أنقرة على ضوء أخضر لشن عملية برية حسب ما يبدو.
قطع موارد العيش
وقالت أفين شيخموس وهي إدارية في تحالف منظمات المجتمع المدني في سوريا، إن التهديد التركي الأخير في حال نُفذ، لن يدفع ضريبته سوى السكان وهدفه التجويع وبالتالي الهجرة.
وأوضحت “شيخموس” في حديث لنورث برس، أنه “ظهرت التداعيات من هذه التهديدات التي نفذت أصلاً في الشهر الفائت حيث أن استهداف مواقع خدمية أساسية كالصوامع أثر على الأفران وبالتالي تأمين الخبز والقوت اليومي، فضلاً عن الغاز والنفط نتيجة استهداف مؤسسات الطاقة”.
وفي نهاية شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت، قال منسق الإغاثة في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، إن “الأعمال العدائية الأخيرة” في شمالي سوريا كان لها تأثير ضار على المدنيين والبنية التحتية المدنية الحيوية.
وأشارت الإدارية في تحالف المنظمات، أن ذلك يأتي في وقتٍ يكون السكان فيه في ذروة حاجتهم للمصادر وهم يدخلون فصل الشتاء.
وفي ردها على سؤال بشأن رواية تركيا التي تزعم أن الضربات تهدف “لتقليص موارد الإرهاب”، ترى “شيخموس” أن الواقع يجيب على ذلك، إذ إنه حسب اطلاع تحالف المنظمات على أرض الواقع، فإن الضربات السابقة وأي ضربة لاحقة للبنى التحتية هو تقليص لسبل ومصادر العيش إلى حدٍ كبير لدى سكان المنطقة، وليس جهة أخرى.
وشهدت مدن شمال شرقي سوريا انخفاضاً شديداً في معدل ساعات الكهرباء وصعوبة في توفير المحروقات بعد الضربات التي استهدفت مؤسسات الغاز والنفط ومحطات إنتاج الطاقة الكهربائية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.
وبحسب ما وثقته “شيخموس” بحسب مهامها، فإن تداعيات أي هجوم على البنية التحتية ستكون أضعافاً في مناطق الداخل السوري وليس في شمالي سوريا فحسب.
ضرب الاستقرار والدفع للهجرة
وشددت “شيخموس” على أن أي ضربة تستهدف البنى التحتية هي بمثابة “ضرب الاستقرار” في المنطقة، وقالت: “هذا ما لمسناه فعلياً من خلال الجولات الميدانية لمعرفة حجم الضرر الناجم عن الضربات السابقة”.
إضافة إلى أثاره المترتبة على الصعيد الإنساني، يعتقد الباحث المصري حسام الحداد، أن تصريحات أردوغان الأخيرة بضرب البنية التحتية في شمالي سوريا “تدخل في إطار حربه الشاملة ضد الكرد في المنطقة (..) وليس لها علاقة باستهداف تنظيم معين أو جماعة معينة”.
والمنطق الذي يتفق عليه الجميع بحسب “الحداد”، هو أن “الهدف من تدمير أي بنية تحتية في أي بلد مأهول كان هو إلحاق الضرر بسكان المنطقة وبالتالي دفعهم للهجرة”.
ولخص تقرير سابق لمنظمة هيومان رايتس ووتش، أن ضربات الشهر الماضي، فاقمت الأزمة الإنسانية، حيث تسببت في نزوح العائلات، وانقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي، ونقص الوقود، وأجبرت منظمات الإغاثة على تعليق بعض الأنشطة مؤقتاً، كما عطّلت المدارس والعمل.
تزامن مع تنامي نشاط “داعش“
ما يثير اهتمام مراقبين، هو أن تصريح الرئيس التركي الأخير جاء علانية بضرب الموارد، بينما كانت تزعم تركيا أنها تستهدف مواقع عسكرية تهدد أمنها القومي.
وقال الحداد إن “كل ضربة تركية على شمالي سوريا تأتي استكمالاً لمحاولات سيطرته على الشمال السوري وما قام به من تغيير ديموغرافي، فيدفع المجتمع للنزوح ويفتح المجال أمام توطين آخرين في المنطقة”.
ويضاف هذا التهديد إلى آخر مثيل له بالنسبة للسكان وهو خطر عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في المنطقة، فلا يراه “الحداد” مجرد صدفة خاصة أنه (التهديد التركي) يأتي في الوقت الذي كثرت فيها تحركات التنظيم في سوريا، في إشارة إلى هجوم “داعش” الأخير في الرقة، الاثنين الماضي.
وأضاف “الحداد”: “من الواضح أن لدى تركيا رغبة في إفراغ المنطقة من سكانها وتوطين جماعات إسلامية مقربة منها”، كالذي حصل في مناطق سبق وسيطرت عليها تركيا في شمالي سوريا.