نزيف الليرة وتضخم الأسعار تحدُّ من احتياجات سكان في القامشلي

القامشلي- نورث برس

برفقة عدد من عمال المياومة، يقف غمكين كل صباح بسوق العمال بمدينة القامشلي، علّه يحظى بعملٍ في عتالة أو بناء يمكنهُ من خلاله تأمين احتياجات عائلته.

قد لا يحظى غمكين خليل (25 عاماً) بفرصة عمل طوال اليوم وقد يستمر ذلك لعدة أيام، وفي حال حالفه الحظ وطلبه أحدهم بعمل، فيوميته تتراوح ما بين 15 و20 ألف ليرة سورية، حسبما يذكر لنورث برس.

ولكن مع استمرار انهيار قيمة الليرة السورية، ذلك المبلغ لا يكفي “خليل” النازح من سري كانيه سوى شراء خبز وكمية قليلة جداً من الخضار، مع استغناء تام عن شراء اللحوم والفواكه.

يقول “خليل” إنه غالباً لا يستفسر عن أسعار المواد ولا حتى يبازر البائع عليها، “لأن ليس بمقدوري شرائها, كيلو السكر يتجاوز سعره 5 آلاف وجميع المواد تضاعفت أسعارها”.

وانخفضت قيمة الليرة السورية بوتيرة متسارعة أمام العملات الأجنبية، خلال الآونة الأخيرة، وسجلت أرقاماً قياسية بعد أن لامست عتبة 6700 ليرة أمام الدولار الأميركي الواحد.

وشهدت الليرة قبل يومين تحسناً أمام العملات الأجنبية، حيث وصل مبيع الدولار إلى 6400 ليرة سورية، والشراء 6350 ليرة.

لكن ذلك التحسن لا يشكل أي فرق لـ”خليل” الذي يسكن برفقة عائلته في منزل يبلغ إيجاره 125 ألف ليرة، لا سيما أن أسعار المواد ترتفع بارتفاع الدولار ولا تنخفض بانخفاضه.

يضيف بينما كانت الساعة تشير إلى الواحدة ظهراً ولم يحظَ بعمل، “بعد النزوح إلى القامشلي بدا الوضع أصعب مما كنت أتوقع, لا يوجد عمل هنا وارتفاع الدولار زاد علينا أعباء اقتصادية مضاعفة”.

أسعار ترتفع

ويباع علبة الزيت النباتي(4 لترات) بـ 44 ألف ليرة بعدما كانت قبل شهر بـ 35 ألف، فيما بلغ سعر الكيلوغرام من الأرز من النوعية المتوسطة 5700 بعدما كان بـ 4500 قبل شهر.

الكيلوغرام من الشاي بات يباع بـ 48 ألف ليرة بعدما كان بـ 38 ألف، فيما ارتفع سعر كيلوغرام من اللحوم من 30 إلى 35 ألف.

وبحسب أصحاب محال بيع خضار وفواكه، فإن هناك طلب قليل جداً على الفواكه، بينما الخضراوات أسعارها تتغير بشكل يومي.

وأضرّ ارتفاع صرف الدولار بغالبية سكان شمال شرقي سوريا، حيث يبلغ وسطي راتب الموظف في مؤسسات الإدارة الذاتية 370 ألف ليرة (60 دولار).

وكحال سابق، يعجز محمد حسين (40 عاماً) هو الآخر عن تأمين كافة احتياجات عائلته ولا سيما أن ما يجنيه من عمله على بسطة لبيع الأحذية “لا قيمة له أمام الدولار”.

وفي شارع بسوق القامشلي، ركن “حسين” بسطته ويشكو من تراجع حركة البيع لديه، “المبلغ الذي أجنيه لا يكفي لشراء معظم احتياجات عائلتي، الوضع يتفاقم كل يوم أكثر والدولار لا يستقر”.

ويشير البائع إلى أنه جرت العادة أن تكون حركة الشراء جيدة في هذا التوقيت من كل عام، ولكن مع ارتفاع الدولار

وغلاء الأسعار بات السكان يقتصدون في الشراء”.

ويضيف: “عملي على البسطة لا يوفي دفع حق التجار, الدولار أثر على نمط حياتنا وزاد أعبائنا الاقتصادية أكثر”.

شراء الضروريات فقط

وفي سوريا تراوحت نسبة معدل الفقر بين العامين 2020 – 2021 بين 90 – 95بالمئة، بحسب المدير السابق لمكتب الإحصاء المركزي والأستاذ في كلية الاقتصاد السورية، شفيق عربش.

“عربش” وفي تصريح لإذاعة محلية في أيار/ مايو الماضي أشار أنه بحسب الإحصائية، هناك 8.3% من الأسر تعاني من انعدام شديد بالأمن الغذائي، 47.2% يعانون من انعدام متوسط، 39.4% يتمتعون بأمن غذائي مقبول، ولكنهم معرضون لانعدامه مع أي صدمة تتعلق بارتفاع الأسعار.

ويتوقع مراقبون أن يصل سعر صرف الدولار إلى عشرة آلاف ليرة سورية، وهذا الأمر قد يؤدي إلى عجز سكان وخاصة ذوي دخل محدود عن تأمين طعام كافٍ لعائلاتهم.

وفي محله الخاص ببيع المواد الغذائية والخضراوات في حي العنترية بالقامشلي، يشير خالد سليمان (50عاماً) إلى أن زبائنه يقتصدون في الشراء ويركزون على المواد الضرورية جداً وهو ما يدفعه لتقليل كمية المواد التي يجلبها لمحله خشية تكدسها لديه وتكبده خسائر.

ويشير أنه عندما يرتفع سعر الصرف بقيمة 10 أو 20 ليرة، لا تتأثر حركة العمل ولكن حالياً وخلال ساعات يرتفع بمقدار 100 أو 200 ويعرضهم لخسائر، “فعملية الشراء تكون بالدولار والمبيع بالليرة السورية”.

وعلى ضوء ما سبق، بات زبائن “سليمان” يشترون المواد الأقل جودة والتي تكون أسعارها أقل من ذات الجودة العالية ويضرب مثلاً على ذلك، أن نوع الأرز الذي كانوا يخصصونه فقط لطبخة المحاشي، باتوا يشترونه لإعداده مع الشعيرية.

إعداد: نالين علي- تحرير: سوزدار محمد