العقارات في حلب شبه معدومة والهجرة مبتغى سكانها

حلب ـ نورث برس

مقابل كل خمسة عروض للبيع “نتلقى طلباً واحداً للشراء”، بهذه الكلمات لخص مجيب الأحمد (47 عاماً) وهو صاحب مكتب عقارات في حي سيف الدولة بحلب، حال سوق العقارات.

ويبذل “الأحمد” قصارى جهده لتنفيذ عملية بيع لواحد من العقارات التسعة المعروضة في مكتبه دون أن يجد زبوناً واحداً على استعداد لإتمام عملية الشراء، على حد وصفه.

فعمليات شراء العقارات سواء للمنازل أو المحال التجارية وحتى الأراضي باتت خاضعة “للصدف”، خاصة وأن شراء أي عقار بات بالنسبة للكثيرين، سواء من تجار العقارات أو حتى السكان ممن يبحث عن سكن أو مجال للعمل، تشكل مخاطرة غير محمودة العواقب، بحسب “الأحمد”.

يضيف صاحب المكتب العقاري لنورث برس: “الأوضاع الاقتصادية الراهنة تدفع الكثير من العائلات أو أصحاب المحال التجارية لعرض عقاراتهم للبيع فالكل يحث الخطى نحو الخروج من البلد وطبعاً من يسعى لبيع سكنه أو محله التجاري أو قطعة الأرض التي يملكها لا يفكر بالعودة مجدداً”.

حالات عرض العقارات بهذا الكم وهذه العروض لم تسبق أن حصلت في حلب، معظم المكاتب العقارية في مختلف الأحياء لديها عروض، “وهذا طبعاً ليس يخفى عن أي مكتب، فنحن عادة كأصحاب مكاتب نتبادل العروض وكلها عروض بداعي السفر طبعاً قلة قليلة من يأتي بقصد شراء عقار”.

ومن يقصد شراء العقار “يكون إما من التجار أو من النافذين المقربين من الحكومة، ويشترونه عبر وسطاء بقصد التجارة أو استغلال للعرض وتدني الأسعار”.

أما بكري سماقية (55 عاماً) من سكان حي حلب الجديدة، يحاول جاهداً بيع المحل الذي يملكه في الحي إضافة لشقته السكنية في أطراف حلب الجديدة.

“سماقية” الذي يعرض “تحويشة العمر” كما يقول، للبيع لم يعد من خيارات أمامه غير بيع ما يملكه والخروج من البلد، خاصة وأن محل الأدوات المنزلية الذي يملكه يواصل خسائره، والرجل الخمسيني بات عاجزاً عن تأمين أبسط المتطلبات الحياتية لأسرته، على حد وصفه.

ويضيف لنورث برس: “السفر عادةً مرتبط بالشباب وليس برجل مثلي وصل لما بعد منتصف العمر، لكن ضيق الحال الذي بات ملازماً لي وللكثير من سكان حلب هو من يحفزنا ويشدنا نحو المطار لكي نغادر هذه البلد”.

وينوي “سماقية”، بيع كل ممتلكاته من منزل ومحل وسيارة، ويسافر إلى أربيل في إقليم كردستان العراق، “هناك على الاقل تتوفر مقومات الحياة ويمكنني إيجاد سوق مناسب للعمل”.

ويضيف: “هنا كما يقال في حلب، انقطعت مياهنا، خاصة بهذه الأوضاع التي لا توفر لنا فيها الحكومة أدنى مقومات الحياة، بينما ترهقنا بالضرائب”.

ولا يزال “سماقية” ينتظر بيع منزله ومحله الذين عرضهما في عدة مكاتب عقارية في حلب، “طبعاً البيع هذا أنا الطرف الخاسر فيه، فالمشترى سيستغل حاجتي للسفر وسيقدم لي أسعاراً متدنية غير السعر الحقيقي، لكن لا خيار لدي غير البيع والرحيل من هنا”.

ويعدد زياد عبد الرحمن (35 عاماً) وهو دلال عقاري في حي الأكرمية في حلب، أسباب كساد سوق العقار وكثرة العرض مع قلة الطلب، ويقول: “أهمها رغبة الكثيرين بالسفر وبيع كل الممتلكات فالوضع بات أشبه بهروب جماعي من ظروف اقتصادية ومعيشية كما يقال باتت بالحضيض”.

ويشير إلى أن فترة 2017 حتى2020  شهد سوق العقار حركة شراء واسعة من قبل المغتربين الذين أقبلوا على شراء عقارات لهم في حلب عبر أقارب لهم أو وكلاء عنهم.

ويضيف: “لكن حتى هؤلاء باتوا يعرضون عقارتهم التي اشتروها للبيع فالرغبة في تملك عقار سواء للمغترب أو السكان المتواجدين هنا باتت شبه معدومة”.

إعداد: جورج سعادة ـ تحرير: قيس العبدالله