“الخيمة براد”.. اختزالٌ لمعاناة نازحين مع الشتاء في مخيم بالحسكة

الحسكة – نورث برس

في إحدى الخيم غير المجهزة بشكل كامل، تجلس فاطمة برفقة أطفالها الأربعة على حصيرة رقيقة لا تقييهم برودة الأرض بينما تخلو خيمتها من سجادات واسفنجات ومدفأة وغاز وأغطية سميكة وغيرها من الاحتياجات الشتوية واليومية.

تخرج فاطمة أحمد (35 عاماً) من الخيمة وتنظر إلى السماء التي كانت على وشك أن تمطر وتقول: “يبدو أنه سنعيش ليلة عصيبة أخرى”.

لكن حال النازحة من مدينة سري كانيه تشمل 276 عائلة أخرى، تعيش في قسم غير مخدم في مخيم سري كانيه شرقي الحسكة، كان قد أنشئ العام الماضي على عجل لاستقبال العائلات النازحة من بلدة زركان شمالي الحسكة نتيجة القصف التركي الذي طالها ولا يزال مستمراً.

ومع المطالبات المتكررة للنازحين في مراكز الإيواء بالحسكة، تم نقل عائلات في المدارس إلى هذا القسم أيضاً.

ويضم هذا القسم الواقع على أطراف المخيم، 360 خيمة بعدد عائلات تبلغ 277 عدد أفرادها 1783، في حين يبلغ عدد قاطني المخيم 15500 موزعين على 2573 عائلة نازحة من سري كانيه وريفها والبلدات المحيطة بها.

وتخلو الخيم في القسم من احتياجات شتوية، فلا ملابس وزعت على العائلات ولم تستلم بطانيات وأغطية وإسفنجات ومدافئ ومازوت للتدفئة وعوازل للخيم وتعيش العائلات في ظلام دامس لعدم وصول الكهرباء إليهم.

ويتفاقم الحال أكثر أثناء هطول الأمطار، حيث تغمر المياه الخيم، فتُتبلل ما يملكه النازحون دون تمكنهم من النوم.

وأواخر الشهر الماضي، عاشت تلك العائلات أياماً عصيبة بعد أن غمرت الأمطار خيمهم واضطرت إدارة المخيم وبالتعاون مع منظمة تعمل هناك لنصب عدّة خيم في موقع مرتفع لنقل النازحين إليها كإجراء إسعافي مؤقت قبل أن يعودوا إلى خيمهم.

في حين انقطعت الطرقات في ذلك القسم نتيجة المياه والطين، وعدم قدرة صهاريج المياه وسيارات توزيع الخبز من الدخول إليه، علاوةً عن صعوبة تنقل النازحين وخاصة المسنين والمرضى.

وأمام المعاناة التي تبدو أنها ستتفاقم مع توقعات أن تشهد البلاد هطول أمطار غزيرة خلال الأيام القادمة، تقول “أحمد” التي فقدت زوجها قبل نحو خمسة أعوام وقدمت إلى المخيم قبل أشهر من مراكز الإيواء في الحسكة، “العالم تتمنى ينزل المطر ولكن نحن ما منقدر ننام إذا نزلت”.

ويعاني معظم ساكني هذا القسم من حالات زكام شديدة وخاصة الأطفال وكبار السن، بسبب ما عاشوه خلال الفترة الماضية من برودة الطقس وغياب وسائل التدفئة.

كما أن أرضية الشوارع في القسم الجديد غير ممددة بالحجر المكسر ولا يحيط به سور حديدي يحمي العائلات النازحة من الحيوانات التي قد تتسلل إلى الخيم ليلاً.

ويوضح رياض مرعي، مدير مكتب العلاقات في مخيم سري كانيه، أن المنظمات العاملة في المخيم لا تستهدف النازحين في القسم الجديد، “لأنهم يعدُّونهم خارج نطاق استهدافهم”.

وفي مخيم سري كانيه تعمل 8 منظمات دولية ومحلية، ولكن دعمها للنازحين لا يغطي كافة احتياجاتهم، بحسب إدارة المخيم. 

ويشير “مرعي” إلى أن مختلف الخدمات التي تم تقديمها من خيم وأغطية وتجهيز المخيم بالشكل الحالي كان على عاتق الإدارة الذاتية “دون أي تدخل جدي من قبل المنظمات الإنسانية العاملة في مخيمات المنطقة”.

ومن المقرر وبحسب نازحين أن يستلموا خلال الأيام القليلة القادمة 4 ليترات يومياً من المازوت، ولكن تلك الكمية تجدها سارا العبدالله (28عاماً)، نازحة ريف سري كانيه، كما جميع النازحين، “قليلة ولا تكفي لتدفئة أطفالنا”.  

وتضيف بينما يتجمع حولها أطفالها، “الخيمة كالبراد، كيف بدنا نتدفأ، 4 ليترات ما بتكفي لكم ساعة”، مطالبة بزيادة مخصصاتهم من المازوت.

وبعد سؤالها عن حالها في المخيم، اختزلت أمينة العويد (53 عاماً)، نازحة من ريف سري كانيه الوضع بـ “بالزفت”، في إشارة منها إلى أنه في أسوأ حالاته.

وتطالب هي الأخرى بضرورة الإسراع في تقديم مستلزمات شتوية تعينهم على مواجهة البرد، “فالحال في الخيم غير لما تكون ببيت”.

إعداد: جيندار عبدالقادر – تحرير: سوزدار محمد