قمة صينية عربية.. الرئيس الصيني صوب أرضية مشى عليها بادين قبل أشهر

دمشق – نورث برس

تمدُّ السعودية، الأربعاء، البساط الأحمر للرئيس الصيني شي جين بينغ القادم من الشرق إلى الخليج في زيارة شبيهة نوعاً بجولة الرئيس الأميركي جو بادين إلى المنطقة نفسها قبل ثلاثة خمسة أشهر، لكن دون أن تحقق المكاسب المتوقعة ولا سيما في مجال الطاقة.

ومن المقرر أن يصل الرئيس الصيني شي إلى السعودية في جولة تستمر ثلاثة أيام، حيث سيشارك خلالها في قمة إقليمية مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وقادة عرب آخرين.

وتتطلع الصين بهذه الزيارة إلى اتفاقيات اقتصادية بعشرات المليارات من الدولارات، وستتصدر صفقات الطاقة والبنية التحتية جدول الأعمال، وفقاً لتقارير إعلامية محلية ودولية.

وسط توتر على خلفية قرار أوبك

وتأتي زيارة الرئيس الصيني بعد أشهر من تخبط العلاقات الخليجية الأميركية وخاصة في المجال الاقتصادي، في الفترة نفسها التي اتخذت فيه منظمة أوبك لإنتاج النفط بقيادة السعودية قراراً غير مرحباً به من الجانب الأميركي.

ووقتها أفاد مسؤولون في البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة ستعيد تقييم علاقة بلاده بالسعودية، بسبب قرار أوبك بخفض إنتاجها من النفط، بعد أن أخفقت زيارة بايدن إلى السعودية، في إقناع الرياض برفع إنتاج النفط لمواجهة النقص في السوق العالمية، عقب الهجوم الروسي على أوكرانيا.

والزيارة الصينية تأتي بدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان، وسيحضرها رؤساء دول عربية أخرى، وتنعقد خلالها ثلاث قمم هي “السعودية الصينية”، و”الخليجية الصينية”، و”العربية الصينية” وبحضور أكثر من 30 قائد دولة ومنظمة دولية.

وبالأخذ بعين الاعتبار أن السعودية أكبر مستورد للنفط للصين في عام 2021 ، حيث استحوذت على 17٪ من واردات النفط، يبدو أنه باستقبالها لرئيسي أكبر قوتين في شرق وغرب العالم خلال أقل من خمسة أشهر، تضع نفسها في مركز إقليمي للاجتماعات الجيوسياسية ذات الوزن الثقيل.

وما يثير الاهتمام الغربي بالجولة الصينية كونها خصم اقتصادي، هي إنها تأتي في ظل توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية.

لكن الرياض ترفض أن تظهر منحازة إلى طرف من أطراف الصراع الدولي، حيث تقول إنها تقيم علاقاتها وفق مصالحها، وتنأى بنفسها من الدخول في صراعات، فعلى الرغم من التوترات الأميركية السعودية المستمرة، لا تزال الرياض تنظر إلى واشنطن على أنها شريكها الأمني في المنطقة.

لا تعليق أميركي

بالنسبة للولايات المتحدة، التي ظلت على مدى عقود الضامن الأمني للسعودية والمورد الرئيسي للدفاع، فهي تترقب هذه التطورات بشأن تنامي مشاركة الصين في مشاريع البنية التحتية الحساسة في الخليج.

ولم يصدر تعليق رسمي على الزيارة، بينما نقلت وسائل إعلام غربية عن مسؤولين في الإدارة الأميركية إنها لا تتدخل بعلاقات أية دولة مع أخرى، ورفضت الحديث في شأن زيارة رئيس دولة إلى دولة آخرى.

لكن هذا لا يمنع محللين من الاعتقاد بأن تنامي النفوذ الصيني في الشرق الأوسط بحد ذاته تحدٍ للمشاريع الأميركية، خاصة إنها تأتي في حقبة حرب بين روسيا (حليفة الصين) وأوكرانيا المدعومة من الدول الغربية وحلف الناتو.

اتفاقيات سعودية صينية بمليارات الدولارات

وقالت وكالة الأنباء السعودية إن اتفاقيات مبدئية بقيمة 29.26 مليار دولار سيتم توقيعها خلال القمة الثنائية بين بكين والرياض.

وشهدت العلاقات الاقتصادية بين الصين والسعودية سابقاً التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات، إلا أن معظمها تتعلق بصادرات المملكة إلى الصين من البترول.

وتحتل الصين مركز الشريك التجاري الأول للمملكة لآخر 5 سنوات، إذ كانت الوجهة الأولى لصادرات المملكة ووارداتها الخارجية منذ العام 2018، حيث بلغ حجم التجارة البينية 309 مليارات ريال سعودي (82 مليار دولار)، في العام 2021، بزيادة قدرها 39% على العام 2020، بحسب تقرير نشرته صحيفة عكاظ السعودية أمس الثلاثاء.

 كما قالت إن إجمالي حجم الصادرات السعودية إلى الصين 192 مليار ريال ( 51 مليار دولار)، منها صادرات غير نفطية.في المقابل بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في المملكة 29 مليار ريال (7.7 مليار دولار) بنهاية العام 2021.

وتسعى السعودية إلى بناء شراكة إستراتيجية تدعم التجارة والاستثمار مع الجانب الصيني.

ولم تقتصر العلاقات بين البلدين على تلك المجالات فحسب، بل شهدت أفقاً أوسع، ولا سيما في التبادل الثقافي والسياحي.

ثناء عراقي

على غرار ما ساهمت به حكومة عادل عبدالمهدي من فتح علاقات بين بغداد وبكين والتي تمثلت بتوقيع اتفاقات تجارية واقتصادية كبرى، قال رئيس الحكومة الحالي محمد شياع السوداني، إن مشاركة العراق في هذه القمة العربية – الصينية، لها أهمية خاصة.

ووقفت الدول الغربية وعلى رأسها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، ضد الاتفاقيات العراقية الصينية التي كانت ترتكز على “مبادلة عائدات النفط العراقي، بتنفيذ الصين لمشاريع في العراق”، ورأت أنها تمدد صيني يهدد المصالح الغربية.

وقال السوداني اليوم الأربعاء، إن القمة العربية الصينية “مناسبة لمشاركة رؤية حكومتنا الاقتصادية الجديدة، مع إخواننا العرب وجيراننا الخليجيين وأصدقائنا الصينيين.”

وأضاف أنها تأتي في وقت يشهد العالم تحولات وصراعات سياسية واقتصادية كبيرة، تزامناً مع عبور العراق مرحلة سياسية صعبة. مشدداً على أن القمة ستفسح مجالاً كبيراً جداً للتعاون والاستثمار المشترك لجميع الدول المشاركة.

إعداد وتحرير: هوزان زبير