عناصر للجيش الوطني عائدون من ليبيا.. رواتب غير مدفوعة وتهديد بالاعتقال

إدلب- نورث برس

لم يعد أغيد الخريص (29 عاماً)، اسم مستعار لعنصر في فصيل “سليمان شاه” (العمشات)، أحد فصائل الجيش الوطني السوري، يطالب بمستحقاته المالية لقاء تواجده في ليبيا خلال الأشهر الماضية، إذ يخشى أن يُعتقل مرة أخرى إذا ما كرر ذلك.

وعلى غراره، عناصر آخرون التقت بهم نورث برس، لم يستلموا رواتبهم من قادة فصائل المعارضة لقاء تواجدهم في ليبيا.

ويقول “الخريص” الذي فضل عدم نشر اسمه، “سرقوا مستحقاتنا ولدى عودتنا اعتقلونا وهددونا لإسكاتنا”.

وعملت تركيا منذ نحو عامين، على تجنيد سوريين للقتال في ليبيا ضد قوات المشير خليفة حفتر وذلك بعد وعود برواتب تتجاوز ثلاثة آلاف دولار أميركي حينها.

وكان “الخريص” قد سجل منذ عام ونصف على طلب للذهاب إلى ليبيا في رمضان الماضي، وانطلق عبر تركيا نحو مطار طرابلس في منتصف تموز/ يوليو الماضي.

وعاد إلى ناحية شيه (الشيخ حديد) بعفرين حيث يتمركز فصيله، مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ضمن جدول الزيارات “بسبب عدم استلامنا أي مستحقات مالية طيلة فترة وجودنا في ليبيا”.

وكان من المقرر أن يستلم “الخريص” ومن معه، ما بين 800 إلى 1500 دولار شهرياً تبعاً للمهام الموكلة، وفقاً ما يذكره لنورث برس.

اعتقالات

بعد عودته، قدّم “الخريص” مع ثمانية زملاء له لم يستلموا رواتبهم، شكوى إلى قائد الفصيل، محمد الجاسم المعروف بلقب “أبو عمشة” ولكن الأخير “اتهمنا بتشويه سمعة الجيش الوطني ونزاهته”.

بل ذهب قائد الفصيل إلى أبعد منذ ذلك، إذ “اعتقلنا لمدة 13 يوماً قبل أن يخلي سبيلنا مقابل أن لا نتحدث في الأمر مطلقاً لإخفاء اختلاسهم لمستحقاتي ومستحقات العشرات من زملائنا في ليبيا منهم من عاد ومنهم من لم يعد”، وفقاً لقول “الخريص”.

وبحسب نادر عيسى، اسم مستعار من أمنية “فرقة الحمزات” في ناحية راجو بعفرين، اعتقلت الفرقة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة أكثر من 18 شخصاً من عناصرها  القادمين حديثاً من ليبيا بعد مطالبتهم المتكررة برواتبهم.

ويشير إلى أنه تم إطلاق سراحهم “لكن بعد تحذير شديد اللهجة بالعزوف عن أي اتهامات تخص قيادة الفرقة أو الجيش التركي فيما يتعلق بالرواتب والتعويضات الصحية وغيرها التي لم تدفع للعناصر في الدفعة الأخيرة”.

ويضيف أن قيادة “الحمزات” لم تقدم لهم “أي تبرير مقنع، مكتفين بإلقاء اللوم على تركيا التي لم تلتزم بوعودها وألغت مرتبات الدفعة الأخيرة”.

“رواتب في جيوب القادة”

ويبلغ عدد العناصر السوريين التابعين لفصائل الجيش الوطني السوري في ليبيا أكثر من 15 ألف عنصر جلهم من فصائل “فيلق المجد” و”فرقة السلطان مراد” و”العمشات” و”فرقة الحمزة” و”صقور الشام”، بحسب إحصائية كشفها قائد في “الجيش الوطني” في وقت سابق من حزيران/ يونيو الماضي لنورث برس.

وفي الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وصل سعد العلي (34 عاماً)، اسم مستعار، لعنصر في “فرقة “الحمزات، إلى جرابلس شرقي حلب، مع نحو 40 عنصراً من الفرقة ذاتها وعشرات آخرين من فصائل “العمشات” و”السمرقند” وغيرهم ضمن إطار “التبديل الدوري”.

ولكن وبحسب “العلي” فإن الأعداد التي عادت تفوق الأعداد التي ذهبت، بسبب رفض العشرات من العناصر الاستمرار في القتال وحماية المنشآت في ليبيا دون أن يستلموا مستحقاتهم المالية لاسيما خلال الأشهر الخمسة الأخيرة “والتي باتت في جيوب القادات العسكريين”.

ويشير إلى أنه قدم طلب تظلم للإدارة المالية في “فرقة الحمزات” في ناحية راجو بعفرين وطلب مقابلة “سيف أبو بكر”، قائد الفصيل “لكن دون جدوى”.

ويضيف: “في النهاية، حذرتنا الأمنية المركزية من خطر الحديث للإعلام أو حتى عبر صفحاتنا الشخصية في فيسبوك عن هذا الأمر لأن فيه إساءة للجيش التركي والوطني”.

وبحسب قوله، فإن أربعة من عناصر على معرفة بهم، اعتقلوا بعد تقديمهم شكوى للاستخبارات التركية في عفرين  برواتبهم التي تقدر بنحو 5000 دولار على الأقل لكل عنصر، “متجاهلين أن الاستخبارات التركية هي التي تتعامل مع القادات ولها حصة مالية في ذلك”.

ويرى محمود أفندي، وهو باحث في الشأن الروسي يقيم في موسكو، أن الأمر كله مرتبط بعودة العلاقات بين دمشق وأنقرة بوساطة روسية.

وشروط السلام بين الطرفين “باتت شبه محققه”، بحسب ما قاله الباحث في برنامج (واشنطن أونلاين) الذي تبثه نورث برس من واشنطن. ويضيف: “عسكرياً تركيا تسيطر على الشمال الغربي بوجود فصائل من المعارضة موالية بشكل كلي لها، فإذا قالت أنقرة أنها مع دمشق فكل تلك الفصائل ستكون معها أيضاً”، في إشارة إلى سعي أنقرة لتصفية جميع الفصائل التي تخالفها الرأي.

إعداد: هاني السالم – تحرير: سوزدار محمد