أزمة المحروقات وغياب المواصلات تلزم موظفين في حلب بيوتهم

حلب ـ نورث برس

لليوم الثالث على التوالي تغيَّب وحيد الصوفي (41 عاماً)، عن عمله في مؤسسة المياه في حي الميدان بحلب، بسبب المواصلات.

وفي الفترة السابقة، اعتاد “الصوفي” الموظف الحكومي المقيم في حي السكري في حلب الشرقية ركوب أكثر من وسيلة نقل عام حتى يصل

لكن مع اشتداد أزمة المحروقات في حلب وتأثر قطاع المواصلات وحركة النقل فيها، لم يعد بإمكان “الصوفي” مغادرة حيه إلى مكان عمله.

يقول الموظف الحكومي لنورث برس: “منذ بداية أزمة المحروقات أصبح من النادر رؤية اي حافلة نقل عام في حينا. لربما تأتي واحدة صباحاً ولكن بسبب الازدحام الشديد وتدافع الركاب، المحظوظ هو من يحصل على مكان له داخل الحافلة”.

وباتت شوارع الحي شبه فارغة من السيارات خاصة العمومية منها، سواء الحافلات أو تكاسي الأجرة، وانتظار وسيلة النقل “قد يصل لساعتين أو أكثر لتأمين وهذا طبعاً لا يناسب دوامي الوظيفي فلو بقيت بالانتظار لتأخرت عن الدوام حوالي 3 ساعات على الأقل، لذلك منذ 3 أيام لم أستطع الالتحاق بعملي”.

يضيف “الصوفي” لنورث برس: “حتى لو استطعت الوصول إلى وسط البلد قادماً من حي السكري، يتحتم علي أن أستقل حافلة أخرى أو أي وسيلة نقل غيرها لكي ألتحق بمكان عملي في شركة المياه الواقعة في حي الميدان”.

ويتساءل: “في الأحوال العادية كنت أحتاج لتبديل أكثر من حافلة حتى أستطيع الوصول إلى الوظيفة، فكيف لي أن أصل في ظل شبه انعدام وسائل المواصلات؟”.

وقرر مجلس الوزراء، مؤخراً، تخفيض الكميات الممنوحة للسيارات السياحية الحكومية من مواد البنزين والمازوت بنسبة 40% حالياً حتى نهاية العام.

ونشرت الصفحة الرسمية لرئاسة مجلس الوزراء في الحكومة السورية، قراراً طالبت فيه الجهات العامة باتخاذ تدابير تناسب المصلحة العامة حتى نهاية العام الجاري.

وبداية هذا الشهر، قال مصدر من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بحلب، لنورث برس، إن الحكومة تتجه إلى تقليص عدد الموظفين ضمن الدوائر والمؤسسات الحكومية بنسبة تصل إلى 60% لفقدان المحروقات في البلاد.

وتتذمر عبير عنداني (33 عاماً)، وهي معلمة في مدرسة حكومية في حي الشعار بحلب، من مشكلة المواصلات.

وتتساءل “عنداني”، التي تقيم في حي سيف الدولة، “نحن نعاني من مشاكل المواصلات قبل هذه الأزمة، فكيف لنا الوصول لعملنا في ظل هذه الأوضاع المزرية”.

وكانت المدرسة تضطر لركوب حافلتين أو ثلاث، بالإضافة لساعات الانتظار الطويلة بموقف الباصات، حتى تصل من مكان سكنها في حي سيف الدولة إلى منطقة الشعار.

وعند ركوب الباص كان على “عنداني”، كباقي المدرسين والمدرسات، الذين لم يعد باستطاعتهم الالتحاق بالعمل، تحمل الازدحام الشديد داخل تلك الحافلات والباصات المكتظة التي “بالكاد نستطيع فيها الوقوف على أقدامنا”.

ويفكر رئيف حمود (36 عاماً) وهو موظف بمشفى الرازي الحكومي في حلب، بتقديم استقالته، حيث يتكبد كل يوم مبلغاً يعادل 12 ألف ليرة سورية كثمن مواصلات مع العلم أنه يقيم في حي الرازي، ولكن منزله بعيدٌ عن مكان عمله.

وارتفعت أسعار المحروقات في المدينة حتى وصل ليتر البنزين إلى 15 ألف ليرة سورية وليتر المازوت إلى 11 ألف ليرة، بحسب سكان.

وبحسبة بسيطة، يدفع “حمود” بالأسبوع مبلغ 72 ألف ليرة سورية، وبالمقابل فإن راتبه الشهري لا يتجاوز 150 ألف ليرة.

ويتساءل: “كيف لي تحمل أجور المواصلات. أنا ليس فقط لم يعد بإمكاني الوصول للعمل بسبب صعوبة المواصلات وارتفاع تكاليفها بل لم يعد بإمكاني الاستمرار بعملي فهذا أوفر لي وأسلم”.

إعداد: جورج سعادة ـ تحرير: قيس العبدالله