السكن الجامعي في حلب “للمحسوبيات ولمن يدفع”

حلب – نورث برس

اضطرت مايا وبعد فشلها في الحصول على سرير في المدينة الجامعية بحلب، لاستئجار منزل مشترك مع طالبات في حي المرديان والذي يبعد عن جامعتها مسافة 2 كيلومتر، منذ نحو شهرين بمليون ومئتان ألف ليرة سورية سنوياً.

مايا اسكندر (22 عاماً) من ريف طرطوس، تدرس في قسم اللغة الإنكليزية بجامعة حلب، كانت قد سجلت اسمها منذ بداية التسجيل في تموز/ يوليو الماضي ضمن قوائم المتقدمين على السكن الجامعي ضمن المدينة، لكن دون أي جدوى.

وتقول الطالبة وهي في السنة الثالثة إن الموضوع يحتاج إلى “فيتامين واو”، وهو مصطلح يستخدمه سوريون في إشارة إلى كلمة واسطة.

ويعاني طلاب جامعة حلب في مختلف الكليات منذ سنوات عديدة في الحصول على سرير ضمن غرفة في المدينة الجامعية، إذ يحتاج الأمر، بحسب شهادات طلاب التقت بهم نورث برس، إلى واسطة أو دفع مبالغ لمن يسهل هذه المهمة.

وتتهتم “إسكندر” المسؤولين عن السكن في تمرير ما يرغبون به من وساطات ومحسوبيات حزبية وأمنية على بقائهم دون سكن وحصولهم على حقهم المشروع في دعم وزارة التعليم العالي للطلبة.

وكانت المدينة الجامعية في حلب قد شيدت منذ نهاية قرن الستينيات ببناء وحدتين سكنيتين، تستوعبان 500 شخص حتى وصلت للعام 2006 إلى عشرين وحدة سكنية بقدرة استيعاب 16 ألف طالب وطالبة.

وتتكون الوحدة السكنية ضمن المدينة الجامعة من 132 إلى 250 غرفة موزعة على 3 إلى 6 طوابق وتستوعب كل غرفة ستة طلاب وتستوعب الوحدة من 600 إلى 750 طالب، عدا الاستضافات من مقربين من بعض الطلاب.

وتتوفر ضمن المدينة محال لبيع الوجبات الجاهزة والخضراوات والفواكه، إضافة إلى مكتبات صغيرة خاصة ببيع الدفاتر.

“فساد إداري”

وتذهب “اسكندر” إلى أبعد من ذلك، إذ ترى أن “الاستغلال والفساد الإداري” يسيطر على تلبية طلباتهم في الحصول على السكن وهي “باب لجني أرباح حتى وصل سعر السرير بسعر غرفة خارج السكن”.

ورفعت إدارة المدينة الجامعية في أيلول/ سبتمبر الماضي، رسوم التسجيل للعام الحالي في السكن لـ 24 ألف ليرة سورية بعد أن كانت العام الماضي، 3100 ليرة سورية.

بالإضافة إلى أن الطالب يحتاج إلى مصنف وطوابع بقيمة 2500 ليرة سورية، يتضمن صورة شخصية وصورة عن الهوية وصورة عن المفاضلة للمستجد وصورة وثيقة ترفع للذين يرغبون في التجديد من الوحدة الخامسة موقعة من مكتب شؤون الطلاب وعميد الكلية.

ورداً على اتهامات الطلبة، يقول فريد عبد اللطيف، مشرف على قوائم السكن لاتحاد الطلبة بحلب، إن موضوع السكن الجامعي معقد نسبياً وعدد الطلاب المتقدمين للحصول على السكن يصل إلى 40 ألف طالب وطالبة والمدينة الجامعية تستوعب 16 إلى 17 ألف سرير.

ويضيف أنه لا يمكن تلبية جميع طلبات المتقدمين، “فاللجنة المخصصة في انتقاء الأسماء لديها أولويات للموافقة على طلبات عوائل الشهداء والكليات العلمية وبحسب الاختصاص يتم الموافقة بحسب الأولوية”.

ولكن طلاباً جامعيون يؤكدون لنورث برس وجود غرف في الوحدات السكنية لا يقطنها إلا طالب أو اثنان من أصحاب “المحسوبيات”.

شراء سرير

وكان من المستحيل على محمود العبد الله (21 عاماً)، طالب جامعي قدم من مدينة منبج، إيجاد مكان في السكن بعد أن تأخر في الوصول إلى الجامعة لصعوبة العبور من مدينته إلى حلب.

ويشير الطالب وهو مستجد في كلية الآداب قسم التربية – إرشاد نفسي، إلى أنه ولعدم وجود أقرباء له في المدينة للمبيت لديهم، تعرف على زملاء جدد ليبيت لديهم أثناء التسجيل في الجامعة.

ويصف “العبد الله” الموقف بأنه بداية غير مبشرة لحياة جامعية، وخاصة أن الوضع المادي لدى عائلته لا يسمح له الاستئجار لوحده أو حتى ضمن سكن مشترك مع طلاب آخرين.

ويعتمد العديد من الطلاب على الاتفاق مع المسؤولين في منح وصل للسكن، لبيع ذلك الوصل لأشخاص غير قادرين على الاستئجار ودفع فواتير الكهرباء والماء والمواصلات خارج السكن، وفقاً لما ذكره طلبة لنورث برس.

ويتهم “العبد الله” هو الآخر مكتب شؤون الطلاب واتحاد الطلبة في “تسيس” الأمر لمصالح شخصية ومنفعة مادية وخاصة اعتماد الطلاب على توفر الطاقة الكهربائية من الساعة 3 عصراً وحتى 11 صباحاً بشكل يومي.

 ما دفعه لشراء وصل بقيمة 400 ألف ليرة سورية من أحد الطلاب القاطنين، بحجة أن صاحبه لديه سكن خارج المدينة الجامعية، ويرغب في إفادة طلاب آخرين من ميزات السكن.

ويلفت الطالب الجامعي أنه تأقلم على الوضع الجديد وأنه ليس لديه الخيار فإما البقاء أو العودة وإلغاء فكرة الدراسة نهائياً.

إعداد: رافي حسن- تحرير: سوزدار محمد