السويداء- نورث برس
اضطر حيان شروف (39 عاماً) من ريف مدينة السويداء لنقل منزله واستجار آخر مكون من غرفة ومنافعها بالقرب من مكان عمله, بسعر مرتفع لا يتناسب مع ما يتقاضاه وذلك بسبب انقطاع المواصلات العامة.
يقول شروف: “بعد بحث لمدة ثلاثة أشهر استطعت أخيراً أن أجد منزلاً، ولكن بسعر مئة ألف في الشهر وهو غالٍ بالنسبة لي”.
ويعمل الرجل في ورشة لصناعة الأثاث المنزلي، تبعد عن منزله القديم مسافة تقارب الـ40 كيلو متر، “المشكلة ليست في المسافة بل في صعوبة تأمين المواصلات بالإضافة لارتفاع تكلفتها”.
ولأنه لا يملك سيارة خاصة، فلم يجد سبيلاً لإنهاء معاناته غير استئجار منزل قريب من عمله.
وبذلك الحل يكون “شروف”، قد “اشترى راحة باله”، ووفّر على نفسه عناء الطريق، وارتفاع أجرة وسيلة النقل، “وفرت مبلغ 25 ألف ليرة شهرياً بدل مواصلات”.
وتفرعت أزمة المواصلات التي يعاني منها سكان السويداء، كباقي مناطق الحكومة السورية، إلى أزمة في السكن، خاصة بعد أن خفضت الحكومة من مستحقات أصحاب السيارات من مادة البنزين والمازوت، بالإضافة لتأخر وصول رسائل استلام المادة.
ولجأ أصحاب أعمال لفكرة استئجار منزل يكون قريباً من مكان عملهم، لكن ذلك خلق صعوبات في تأمين شقق ومنازل للإيجار نتيجة ارتفاع نسبة الطلب عليها، بالإضافة لارتفاع أسعار الإيجار.
ونظراً لارتفاع تعرفة المواصلات والصعوبة التي تكابدها هي واثنتين من زميلاتها في الجامعة، قررت ندى مراد، وهو اسم مستعار لطالبة جامعية في ريف السويداء، البحث عن شقة سكنية للإيجار.
وتقطن ندى، وهي طالبة في كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، في قرية تبعد مسافة 45 كم عن مركز المدينة، ولكن فرعها الدراسي يتطلب حضور المواد العملية.
ورغم بحثهم المتواصل إلا أنهن لم تستطعن العثور على منزلٍ يتناسب مع إمكانياتهم المادية، “معظم المنازل التي تتسع لثلاثة أشخاص أقلها يبلغ آجاره 200 ألف ليرة وذلك دون الفواتير ومستلزمات أخرى”.
وأضافت ندى: “نحن طلاب ولا نرغب أن نثقل كاهل عائلاتنا أو نضغط عليهم بمصاريف زائدة”.
وفي وقتٍ سابق خلال العام شهدت مناطق السويداء هجرة عكسية للسكان من المدينة إلى الريف بسبب غلاء المعيشة, إلا أن الواقع المتردي للمواصلات العامة لم يطل مدة بقائهم في الأرياف وتسبب بهجرة جديدة إلى المدينة، ما أثر على توفر المنازل.
ومع تدهور الواقع الاقتصادي في البلاد عزف الكثير من المقاولين والمتعهدين وأصحاب رؤوس الأموال عن الاستثمار بالبناء العقاري، لارتفاع أسعار مواد البناء، مما خلق هوة كبيرة بين العرض والطلب.
بينما يعاني السكان من ارتفاع الإيجارات, يجد محمود نعيم (62 عاماً) وهو اسم مستعار لمالك مبنى سكني في السويداء, أن تأجير المنازل أمر شاق وغير مربح.
عاد الستيني إلى السويداء بعد أن تدمرت كل أملاكه الموجودة في دمشق بسبب الحرب, ولم يبقَ له سوى المبنى, “تأجير الشقق الستة هو مصدر دخلي الوحيد”.
ويضيف: “شراء شقة أو تأجيرها هو أمر غير مربح, وشاق بسبب تعقيدات عقود الإيجار والموافقات الأمنية والتصليحات”.
ويصف مشروعه بـ”الخاسر” فثمن الشقة “بالحد الأدنى 20 ألف دولار بينما تأجيرها سنة كاملة لا يتجاوز الـ 300 دولار بأحسن الأحوال”.