كوباني.. قصفٌ تركي يمنع سكاناً من الوصول لمحاصيلهم وحراثة أراضيهم
كوباني – نورث برس
على الرغم من حلول موعد حصادها، إلا أن علي لم يستطع أن يحصد موسم الذرة في أرضه، في ظل تصاعد وتيرة القصف على ريفي كوباني الشرقي والغربي.
لدى علي حرو (42 عاماً) من سكان قرية كوران شرقي كوباني، عدة هكتارات مزروعة بالذرة الصفراء، تركها عرضة لـ”العفن” وللطيور تأكلها، إذ أنه لم يجرؤ على الاقتراب من أرضه خوفاً من الاستهداف التركي.
ويتخوف مزارعون في قرى كوباني المتاخمة للشريط الحدودي، من جني مواسمهم وزراعة أراضيهم بسبب القصف التركي المتكرر على قراهم.

وحاول “حرو” مراراً الوصول لأرضه، “لكنّ في كل مرة يُطلقون الرصاص علينا”، لذلك عزف عن فكرة الذهاب إلى أرضه والانتظار ريثما يهدأ التصعيد.
ومنذ العشرين من الشهر الجاري، تشهد قرى في ريفي كوباني الشرقي والغربي، قصفاً تركياً متقطعاً، استهدف منازل المدنيين وبنى تحتية، وخلّف فيها أضراراً جسيمة.
ونتيجة لذلك، نزح سكان قرى متاخمة للحدود التركية باتجاه الداخل بعيداً عن مرمى الاستهداف التركي.
وبينما يسرد قصة محصوله من الذرة، يتحسر الرجل على بذار قمح وسماد كان قد اشتراها في وقت سابق، تحضيراً لزراعة أرضه، لكن مع استمرار القصف بات عاجزاً عن ذلك، وفي ظل الأمطار سيكسد ما خزّنه من قمح وسماد.
يقول “حرو”، إن أي تحرك لمدنيين أو آلياتهم يكون هدفاً للمدفعية التركية، الأمر الذي منعه من حراثة أرضه وحصاد محصوله من الذرة.
أشجار زيتون بلا قطاف
وفجر الأحد، استهدفت المدفعية التركية بعدد من القذائف نقاطاً للجيش السوري، في قرى غربي كوباني.
إلى ذلك، قصفت القوات التركية، السبت الماضي، بأربعة قذائف مدفعية تل شعير غرب كوباني، حسب ما أفاد مصدر عسكري لنورث برس.
وأمام تصاعد وتيرة القصف التركي، وجد عمر نفسه مضطراً لترك محصول الذرة ملكه مفروشاً على الطرقات العامة، بعد حصاده، “إذا لم تأكله الحيوانات، فقد تعفن نتيجة تشربه لمياه الأمطار، أو تكون قد جرفته”.
كذلك ترك عمر خليل (65عاماً) من سكان قرية كولتب شرقي كوباني، الزيتون في الأشجار على الرغم من مشارفة موسم القطاف على الانتهاء، ونزح من القرية لينجو بعائلته.
ولدى الرجل 4 آلاف شجرة زيتون تركها دون قطاف، تتبادر أفكار العودة إلى القرية لقطاف الزيتون إلى ذهنه، إلا أنه يسمع عن استهداف مباشر للمدفعيات التركية لمدنيين، ويؤجل ذلك ريثما يهدأ القصف.
ويعتمد سكان ريف كوباني على الزراعة كمصدر أساسي للدخل، وتغلب الأشجار المثمرة على المحاصيل الزراعية في المنطقة، وكذلك الزراعة البعلية.
وفي التصعيد الأخير لم يقتصر الاستهداف التركي للمناطق الحدودية وقرى خط التماس، بل اتسع ليشمل مناطق جديدة في ريفي الحسكة وديرك، ووصل حتى مخيم الهول، وأخذ منحاً أكثر عدائية.
وقصفت الطائرات التركية عدداً من المنشآت الحيوية ومصادر النفط والغاز والكهرباء، ما أدى إلى خروج العديد منها عن الخدمة وحرمان مئات آلاف السكان من الطاقة، في الوقت الذي تعاني المنطقة من بنى تحتية متهالكة.
والسبت الفائت، أدانت 187 منظمة سورية التصعيد التركي، الذي أدى إلى عمليات نزوح هرباً من القصف، ومن الممكن أن يؤدي إلى كارثة إنسانية في حال استمراره.

والخميس الفائت، توقّع عبد المهباش الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية، حدوث “مأساة إنسانية” في حال استمرار القصف التركي، سيقع النازحون ضحية لها.
أراضٍ لم تزرع
ورغم أنه استبشر خيراً بهذا الموسم نتيجة وفرة الأمطار منذ بداية الشتاء، إلا أن أحمد لم يجد فرصة لزراعة أرضه، نتيجة القصف التركي، حيث يملك الرجل أرضاً بعلية.
يقول أحمد شيخو (52عاماً) من سكان قرية جارقلي غربي كوباني، “يبدو أن الموسم يبشر بالخير هذا العام، إلا أن القصف التركي يمنعنا من زراعة أراضينا، وسيحرمنا من الاستفادة منها”.
وتتعرض قرى، بوبان، سفتك، سيلم، كور علي، آشمة، دكمداش، جارقلي، قراه جلغلي، زيارة، وزور مغار، المتاخمة للشريط الحدودي للقصف بشكل يومي، ويتوقع الرجل “كارثة إنسانية” بالنسبة لسكان هذه القرى، إذا ما استمر القصف على هذا المنوال.
ويشابه وضع سكان قرى، خان، كوبرلك، كوران، وسكان الحي الشرقي من قرية قره مغ، حال سابقيهم، حيث منعوا من قطاف محاصيلهم أو تركوها عرضة للكساد والعفن.
ويشير “شيخو”، إلى أن القوات التركية تمنع عن سكان تلك القرى حتى مياه الشرب، حيث يوجد حوض المياه بالقرب من الحدود، ولا يجرؤ العاملون في الحوض على ضخ المياه والذهاب إليه بسبب القصف والاستهداف المباشر.