عين عيسى – نورث برس
يثير دخول الشتاء مخاوف يازي، من البرد القارس، في ظل افتقادها وأقرانها لوسائل التدفئة وبدائلها.
تعيش يازي الخلف (60 عاماً) مع ابنتها في مخيم تل السمن شمالي الرقة، شمالي سوريا، دون معيل يعتمدن عليه في تلبية احتياجاتهن، ويواجهن شتاء تبشر بدايته بقساوة.
ويعاني نازحو مخيم تل السمن شمالي الرقة، من قلة المساعدات والدعم والخدمات، ووسائل التدفئة والمحروقات، خاصة مع بدء فصل الشتاء.
وتسكن المسنّة في خيمة لا تقي من البرد أو المطر، مضطرةً، إذ لا ملجأ لها سوى المخيم، وتتدبر مصاريفها من بيع إعانة كل شهرين لسداد ديونها، على الرغم من نقص الإعانات المقدمة للنازحين في المخيم.
وغالبية النازحين في مخيم تل السمن من مناطق تل أبيض وريفها، ولا زال يتوافد إليه نازحون في ظل القصف التركي المتكرر على قرى خط التماس القريبة من M4 الدولي.
وفي ظل الصعوبات المعيشية التي تعانيها، تعجز “الخلف” عن شراء مدفأة تواجه بها الشتاء، تقول ذلك، وتضيف بلهجتها العامية: “إذا اشتريت دفاية شلون أدبر مازوت”.
ولم يستلم نازحو مخيم تل السمن مخصصاتهم من محروقات التدفئة الشتوية بعد، رغم الوعود بقرب موعد التوزيع.
ويقطن في مخيم تل السمن حوالي 6621 نازح موزعين على 1261 عائلة، غالبيتهم من كبار السن وأطفال ونساء.
ولم تكن المحروقات والمدفأة مشكلة “الخلف” فحسب، فهي تسكن في خيمة مهترئة، جمعت أجزاء أغطيتها من الجيران، وخاطتها لتغطي بها الخيمة التي تأويها وابنتها.
إلى جانب كل ذلك باتت تخاف من قدوم ضيف إليها، حيث ستضطر للمبيت دون غطاء، إذ أنها تعاني نقص في “البطانيات”.
ويوجد في الرقة أكثر من 103 آلاف نازح، موزعين في ثلاث مخيمات نظامية، و58 مخيم عشوائي، ويشتكون من شح المساعدات الإنسانية المقدمة لهم في ظل أوضاعٍ إنسانية واجتماعية صعبة يعيشونها تحت الخيم.
وعلى خلاف سابقتها، والتي تبيع إعانات، تبحث خولة الطه (34عاماً) نازحة من ريف تل أبيض، وعائلتها عن عمل لتأمين حاجياتها، ولكن لا تجد.
وتضطر للاعتماد على ما يُقدم لهم من مساعدات وسلال غذائية شهرية. تقول المرأة إنها “مساعدات بسيطة ولا تكفي”.
ويعتمد معظم النازحين على فرص عمل موسمية ترتبط في العمل بالحقول الزراعية وتنحصر بفصل الصيف خلال فترة زراعة الخضار وحصاد القمح وزراعة القطن، أما في الشتاء فإنه من النادر الحصول على فرصة عمل، ما يفاقم وضعهم سوءاً.
وتشتكي “الطه” كما أقرانها من الخدمات السيئة، وتأخير مازوت التدفئة الشتوية، وبلهجتها تعبّر عن حالهم “ذبحنا البرد، وعايشين عيشة ما بي أسوء منها، متراكمين كلنا بالخيمة”.
كذلك ياسين العساف (50عاماً) الذي نزح من قريته حمام التركمان بريف تل أبيض بعد دخول الفصائل المسلحة الموالية لتركيا إليها، يتخوف من البرد على أطفاله، حيث يحتمي بخيمة لا تسد دخول مياه الأمطار إليها.
وفي التاسع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2019، اجتاح الجيش التركي بمشاركة فصائل سورية مسلحة موالية له، منطقتي سري كانيه (رأس العين)، وتل أبيض في شمال شرقي سوريا، بعملية عسكرية واسعة أطلق عليها “نبع السلام”.
ووفق تقارير حقوقية، دفعت العملية التركية لنزوح نحو 300 ألف شخص من ديارهم، بينهم تهجير ما يقارب 175 ألف شخص من المنطقة الممتدة بين سري كانيه وتل أبيض والتي كان يزعم الرئيس التركي بإنشاء “منطقة أمنة” فيها.
لذا بات ينتظر النازح مخصصاته من التدفئة الشتوية كما كل عام، حيث وُعدوا بها نهاية هذا الشهر، لتشغيل المدفأة لأطفال، ولا يستطيع أن يستعين بوسائل تدفئة أخرى خوفاً من احتراق الخيمة.
يجد “العساف” نفسه مجبراً على انتظار الوعود، فهو أيضاً ينتظر توزيع ألبسة شتوية لأطفاله، “مجبورين على هلعيشة ومجبورين نستنى لبين ما تُفرج ونرجع على بلادنا”.
وأمام معاناة سكان المخيم، تقول عزيزة حسن، الرئيس المشارك في مخيم تل السمن، إنهم تواصلوا مع عدة منظمات لتقديم الدعم، “لكن لا يوجد رد إلى الآن”.
وتعترف “حسن”، بأن الدعم المقدم للنازحين غير كافٍ، “المنطقة صحراوية لذلك يشهد المخيم شتاء قاسياً، وصيفاً ملتهباً”.
ولم تستبدل العوازل والشوادر في مخيم تل السمن منذ ثلاث سنوات، ما أدى إلى اهتراء الكثير منها، ويحتاج النازحون لاستبدال الخيام، بحسب “حسن”.
وتشير، أن لا قدرة لديهم على دعم المخيم، فقد رفعوا جداول مخصصات التدفئة، ولم يتم التسليم إلى الآن، ونسبة كبيرة من قاطني المخيم من الأرامل والأطفال ولا يوجد لهم معيل.
وفي حزيران/ يونيو الماضي، دعت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لضرورة تحمّل الأمم المتحدة مسؤولياتها تجاه آلاف النازحين والمهجرين واللّاجئين المتوزعين على عشرات المخيمات في مناطقها وتقديم الدعم لهم.
وفي السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، قال إيثان غولدريتش، نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إنهم خصصوا ميزانية خاصة للمنطقة لتنفيذ برامج دعم إنسانية.