دمشق الأغلى أسعاراً بين المحافظات السورية

دمشق ـ نورث برس

يجمع أسعد مرتبه الشهري مع مرتب زوجته، ليصل المبلغ إلى 250 ألف ليرة سورية، وهو لا يكفي مصروف عائلة لمدة أسبوع فقط، هذا إذا لم يذهب منه قسم لتسديد ديون شهر مضى.

أسعد عبدالغني (42 عاماً)، هو موظف حكومي من سكان منطقة صحنايا في ريف العاصمة دمشق, تكلفه أقل وجبة غداء، بدون لحمة أو فروج 15 ألف ليرة سورية.

كل هذا المبلغ ولم يتطرق “عبدالغني”، للاحتياجات المنزلية اليومية ومصروف أولاده الثلاثة، إضافة للمصاريف التي لا تكون في الحسبان، من طبابة وصيانة وغيرها.

ويشير الرجل الأربعيني، في حديث لنورث برس، إلى أنه لولا الحوالة المالية التي تصله من أخيه في ألمانيا، لكان وعائلته “في عداد المتسولين في الشوارع أو الذين يأكلون الخبز والماء فقط”.

وبحسبة بسيطة وسريعة، يقول “عبدالغني”، إن “احتياجات العائلة الشهرية بشكل مُقنن، تتجاوز المليون ليرة”.

ويبلغ متوسط رواتب الموظفين في مناطق الحكومة السورية 100 ألف ليرة سورية، أي أقل من 20 دولار أميركي، في ظل ارتفاع الأسعار وغياب الدعم الحكومي عن معظم المواد الغذائية.

“متصدر لا تكلمني”

وبعبارة “متصدر لا تكلمني”، يصف سكان حال العاصمة دمشق، فهي تحصد المرتبة الأولى من ناحية الأسعار الأكثر غلاءً بين المحافظات الأخرى.

وتسير الحكومة السورية بخطوات متسارعة نحو تغيير سياسة الدعم المعتمدة في سوريا، وتفرض عليها الظروف الاقتصادية الضاغطة والحصار الاقتصادي رفع  أسعار الكثير من المواد بنسب تصل إلى أكثر من 100% من سعر المادة في ضربة واحدة.

وهذا الأمر يثير غضب السكان الذين أرهقهم ارتفاع أسعار المواد في الأسواق، والمشكلة عندما تكون أخبار ارتفاع الأسعار من المواد التي تدعمها الدولة السورية.

وبجولة سريعة على أسواق دمشق، تلاحظ الفوارق في أسعار المواد الغذائية والخضراوات بين منطقة وأخرى في العاصمة ذاتها, ناهيك عن الفروقات مع محافظات أخرى.

ويباع الليتر الواحد من الزيت الأبيض في منطقة المزة بـ15 ألف ليرة سورية, بينما في حي الشعلان يصل إلى 16 ألفاً, وبالمقارنة مع سعره في محافظات أخرى تتفاوت الفروق ففي الحسكة يباع بتسعة آلاف ليرة تقريباً, وفي حمص 14 ألفاً, وفي دير الزور بعشرة آلاف.

أما الخضروات فتتراوح الفروقات في أسعارها بين 500 إلى 1000 ليرة, فالكيلو غرام الواحد من الخيار في دمشق بألفي ليرة, وفي طرطوس بـ1500, وفي دير الزور 1200 ليرة, والبطاطا في دمشق 2000-2500ليرة وفي طرطوس 1500.

وتتخذ سهيلة من التقنيين سياسة تطبقها على كامل حياة عائلتها المكونة من طفلين في المرحلة الابتدائية وزوجها.

وسهيلة الحمود، (40 عاماً) وهي معلمة مدرسة من سكان منطقة المزة في دمشق, تقول إنها تجلب اللحوم مرة في كل أسبوع ، ونوع واحد من الفواكه مرة في الأسبوع.

ولكي لا يتم تبذير المصروف، تضع “الحمود” برنامجاً لتقسيم عائدها المادي وزوجها الذي يعمل كموظف حكومي أيضاً، وبعد فترة الظهيرة يعمل على تاكسي.

متوسط الدخل

في حين تلجأ مريم نور الدين وهي من سكان منطقة ركن الدين، إلى سوق الخضار في منطقتها، لجلب احتياجاتها من الخضراوات والفواكه، متجاهلة المحال والبقاليات.

وترجع السبب في ذلك، للفروق بين أسعار الخضراوات في المحلات التجارية في حيّها وسوق الخضار.

كما أنها تشتري احتياجات المنزل من محل الجملة كون أسعاره مناسبة لها ودائماً ما تبحث عن العروض التي تساعدها في التوفير.

وتقول السيدة، لنورث برس، إن مجموع راتبها وابنها الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة وزوجها الموظف الحكومي، يصل إلى مليون و200 ألف ليرة سورية, “لا يكفينا لآخر الشهر, لكن حالنا تبقى أفضل من غيرنا”.

وفي تصريح سابق له لإحدى وسائل الإعلام المحلية، قال الخبير الاقتصادي زياد غصن، إن قيمة متوسط استهلاك العائلة السورية شهرياً لـ60 سلعة غذائية أساسية، “يكلفها 913 ألف ليرة سورية دون الإشارة لتكاليف النقل والإيجارات والصحة والتعليم واللباس.

ومنتصف الشهر الماضي، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنّ تفشي الفقر في سوريا أثّر بشكل كبير على قدرة السكان على تأمين احتياجاتهم اليومية من الغذاء والسلع الأساسية، خصوصًا في ظل الارتفاع الحاد وغير المسبوق في الأسعار.

وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والذي يوافق “اليوم الدولي للقضاء على الفقر”، أنّ النزاع في سوريا وما رافقه من أزمة نزوح، وانكماش اقتصادي حاد، وانخفاض قيمة العملية المحليّة، أدّى إلى إفقار السكّان وزيادة أعبائهم المعيشية.

إذ بات نحو 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر، وسط ارتفاع قياسي في الأسعار تعدى 800% خلال العامين الماضيين فقط، بحسب المرصد.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الأسر السورية واجهت العام الجاري مستويات قياسية من الجوع وانعدام الأمن الغذائي، إذ يعاني نحو 1.3 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي الشديد، إلى جانب معاناة 12.4 مليون من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يعادل أكثر من نصف عدد السكان داخل سوريا.

إعداد: مرام المحمد ـ تحرير: قيس العبدالله