سوريون يصفون خطوات رفع الدعم المعتمدة “بالمكشوفة”

دمشق ـ نورث برس

تسير الحكومة السورية بخطوات متسارعة نحو تغيير سياسة الدعم المعتمدة في سوريا، وتفرض عليها الظروف الاقتصادية الضاغطة والحصار الاقتصادي رفع  أسعار الكثير من المواد بنسب تصل إلى أكثر من 100% من سعر المادة في ضربة واحدة، الأمر الذي يثير غضب السكان الذين أرهقهم ارتفاع أسعار المواد في الأسواق، والمشكلة عندما تكون أخبار ارتفاع الأسعار من المواد التي تدعمها الدولة السورية.

وتشير بعض تصريحات المسؤولين إلى أن خطة رفع الدعم مستمرة، فقد ألقى وزير المالية في الحكومة السورية، كنان ياغي، في أحد اجتماعاته بـ”اللائمة” على الحكومة السابقة التي لم تعمل كما يجب في موضوع رفع الدعم لكي يتم الأمر بشكل تدريجي وليس بقفزات كبيرة كما يحصل الآن. حيث أن أخبار رفع أسعار المواد المدعومة لا تغيب كثيراً.

وما يثير استياء الكثير من السكان هو المبررات “غير المقنعة” والتي يصفها البعض بأنها “تستغبيهم”، إضافة إلى تحمس بعض الوزراء لتبريرها بطريقة متناقضة، توحي بأن بعضهم “لا يستطيع تبرير الإجراء أو لا يعرف ولا يملك أدوات لمخاطبة الجمهور وإقناعه”، كما قال أحد العاملين في مؤسسة حكومية تتبع لوزارة التجارة الداخلية.

تطبخ قبل القرار

في حين أضاف المدرس عباس موسى (48 عاماً)، لنورث برس، أن الطرق المتبعة لرفع الأسعار “باتت معروفة”، حيث تفقد المادة من الأسواق لفترة طويلة ترغم السكان على شرائها بأسعار مضاعفة، حتى “يستوي” غالبيتهم، ويشعرون بأن “رفع سعر المادة المفقودة المدعومة وتوفيرها خير من انقطاعها وترك السكان بيد تجار السوق السوداء”.

واستشهد “موسى” على ذلك بتبريرات قرار رفع سعر المحروقات الأخير، عندما قالت وزارة النفط قبل رفع السعر إن الهدف من رفع الأسعار هو “تقليل الخسائر، وضمان عدم انقطاع المادة“، وجاء هذا بعد نفيها صحة الأنباء التي تتحدث عن زيادة قريبة في الأسعار، وقد ارتفعت أسعار المحروقات خلال هذا العام أكثر من 3 مرات.

أضاف “موسى” أنه مؤخراً تم الحديث عن رفع سعر الخبز ومن ثم نفي الخبر، “ولذلك من المتوقع ارتفاع سعر ربطة الخبز في أي لحظة”.

الخاسر الأكبر

وقد علقت وزيرة الاقتصاد الأسبق، لمياء عاصي، عقب رفع سعر ليتر البنزين الأخير إلى 2500 ليرة “بالتأكيد إن هذا الإجراء لا يلحظ الكلف غير المباشرة التي يدفعها الاقتصاد ككل، مثل كلفة النقل بين المحافظات وداخلها”، ونشرت عبر صفحتها أن “الخاسر الأكبر من هذا القرار هو البلد”، متسائلة: “كيف سيصل الطلاب والموظفون إلى أماكن عملهم؟”.

وأضافت “عاصي” أن رفع سعر ليتر البنزين أيضاً، أدى “لرفع معدلات التضخم، وغلاء أسعار جميع السلع وتدنٍ أكبر للقدرة الشرائية لليرة”.

بينما يقول أحد المتابعين للشأن الاقتصادي، أن اعتمادات الدعم في موازنة العام القادم الذي تم إقراره تقدر بنحو 4927 مليار ليرة. ويشير إلى أنها تراجعت بأكثر من 600 مليار ليرة بالمقارنة مع مخصصات الدعم في موازنة العام الحالي. “رغم أنها يجب أن تزيد مع استمرار ارتفاع الأسعار وتزايد عدد السكان”، حسب الاقتصادي.

ويضيف الاقتصادي، أن موضوع رفع الدعم “يؤرق حياة غالبية السوريين بسبب انتشار الفقر بعد اتساع الهوة الكبيرة بين الدخول والأسعار”.

وعدَّ الاقتصادي سياسية الحكومة في تأكيدها على التخلي عن الدعم للفئات الغنية “غير صحيح”، لأن دخل معظم تلك الفئات “المحرومة” من الدعم لا يتجاوز 250 ألف ليرة شهرياً.

وأشار المصدر لنورث برس، إلى أن للحكومة مبرراتها في التوجه نحو رفع الدعم، خاصة مع تدهور قيمة الليرة واستمرار العقوبات الاقتصادية وتراجع الإنتاج.

ولكن هذا الأمر يزيد الضغط على حياة السكان خاصة مع معاناتهم من النقص الشديد في مواد الطاقة التي تجعل بعض الأسر تنتظر وصول رسالة الغاز لأكثر من 100 يوم, وقد ينتهي هذا الضغط برفع سعر المادة، بحسب الاقتصادي.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله