غرفة الأخبار ـ نورث برس
منذ تسع سنوات وتحديداً في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، قدمت الحكومة السورية، إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية خطتها الرسمية بشأن تدمير برنامج أسلحتها الكيمياوية بشكل منهجي وشامل وقابل للتحقق.
وجاء ذلك بعد أسابيع من مجزرة الكيماوي التي حدثت في الواحد والعشرين من آب/ أغسطس 2013، إذ استيقظ سكان الغوطة الشرقية ومعضمية الشام بالغوطة الغربية، حينها على مجزرة غير مسبوقة في تاريخهم، استخدمت فيها صواريخ تحمل مواد كيميائية، وجاء الهجوم بعد 3 أيام من وصول بعثة مفتشين دوليين إلى دمشق.
وفي إفادة له في مجلس الأمن الدولي، والذي عقد اجتماعه الأخير في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، قال روبرت فورد، الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة بالولايات المتحدة الأميركية، يواصل “نظام الأسد” المدعوم من روسيا التعتيم والتأخير بدلاً من الإعلان الكامل عن مخزونات الأسلحة الكيمياوية التي استخدمها مراراً وتكراراً وانتهك بذلك التزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي انضم إليها في العام 2013.
القرار
في السابع والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2013، صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع على القرار رقم (2118) بشأن نزع السلاح الكيماوي من سوريا، والمجزرة التي ارتكبها “النظام” في الغوطة الشرقية.
وأودعت الحكومة السورية، لدى الأمين العام، في الرابع عشر من أيلول/ سبتمبر 2013، صك انضمامها إلى اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين واستعمال الأسلحة الكيميائية وتدمير تلك الأسلحة وأعلنت أنها ستمتثل لأحكامها وستحترمها بأمانة وإخلاص.
وكانت سوريا انضمت في الثاني والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 1968 إلى بروتوكول حظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو ما شابهها وللوسائل البكتريولوجية، الموقع في جنيف في السابع عشر من حزيران/يونيه 1925.
وفي الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2013، بدأ فريق مفتشو منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، المؤلف من 19 شخصاً، الإشراف على تطبيق القرار المتعلق بتدمير الترسانة السورية من الأسلحة المحظورة. وتقدر هذه الترسانة بأكثر من ألف طن، وهي موزعة على نحو 45 موقعا في مختلف أنحاء سوريا، بحسب تقارير صحفية.
وتنص المادة 21 من القرار 2118، على تجريم كل من يستخدم السلاح الكيميائي، وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ويتضمن قرار مجلس الأمن، إجراءات خاصة للتعجيل بتفكيك برنامج الحكومة السورية للأسلحة الكيميائية وإخضاعه لتحقق صارم ويدعو إلى تنفيذه تنفيذاً كاملاً في أسرع وقت وبأسلم وجه.
ويقرر ألا تقوم دمشق باستخدام أسلحة كيميائية أو استحداثها أو إنتاجها أو حيازتها بأي طريقة أخرى أو تخزينها أو الاحتفاظ بها أو بنقل الأسلحة الكيميائية بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى دول أخرى أو جهات من غير الدول.
ويقرر أن يأذن بفريق متقدم من موظفي الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في وقت مبكر إلى أنشطة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا. ويطلب من المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمين العام أن يتعاونا بشكل وثيق في تنفيذ قرار المجلس التنفيذي.
غياب التوافق
ولكن “نظام الأسد”، بحسب كلمة “فورد” في مجلس الأمن، يواصل منع نشر فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا، مما يعد انتهاكاً واضحاً لالتزاماته بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2118.
وفي نيسان/ أبريل 2013، أعلن غينادي غاتيلوف، نائب وزير الخارجية الروسي أن مجموعة محققي الامم المتحدة بشأن استخدام السلاح الكيميائي في سوريا لا يمكنها أن تدخل البلاد نظراً لعدم وجود توافق على تفويضها.
وأضاف حينها، أن رغبة الأمم المتحدة في التحقيق بشأن الكيميائي على كامل الأراضي السورية أمر غير مقبول بالنسبة لدمشق.
وبهذا الخصوص قال “فورد”: “نواصل على هذا النحو دعوة القادرين على التأثير على نظام الأسد إلى تشجيع دمشق على السماح فوراً بعودة الفريق إلى سوريا وحل التناقضات والمساعدة في ضمان التخلص من برنامج الأسلحة الكيمياوية السوري بشكل قابل للتحقق بموجب التزاماته بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية والقرار الدولي”.
ولكن تجدر الإشارة إلى أنه “حتى عندما قدم النظام السوري المعلومات، كانت تصريحاته عن الأسلحة الكيمياوية مليئة بالثغرات والتناقضات والفوارق التي لم يتم حلها. ولهذا يواصل المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيمياوية تقييمه أنه لا يمكن اعتبار الإعلانات السورية دقيقة أو كاملة”، بحسب “فورد”.
ويضيف: “إن عدم تمكن سوريا من تقديم معلومات كاملة ودقيقة أمر مقلق جداً، إذ يمكن أن يستخدم نظام الأسد الأسلحة الكيمياوية مرة أخرى وكما فعل مراراً وتكراراً ضد شعبه”.
خمسون مرة
وتقدر الولايات المتحدة الأميركية أن “نظام الأسد” قد استخدم الأسلحة الكيمياوية ما لا يقل عن خمسين مرة منذ انضمام سوريا إلى الاتفاقية في العام 2013.
وأكدت آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة وفريق التحقيق وتحديد الهوية التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشكل مستقل استخدام “النظام” للأسلحة الكيمياوية في ثماني مناسبات.
ويواصل فريق التحقيق وتحديد الهوية عمله، بحسب “فورد”، ويضيف: “نتطلع إلى تقريره التالي حول هجوم نيسان/أبريل 2018 على دوما”.
وأمس، دعت موسكو واشنطن وشركاءها لتزويد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ببيانات حول المنشآت الكيمياوية المزعومة التي تسببت في هجمات على سوريا في 2017 و 2018.
وقال نائب رئيس الوفد الروسي إلى اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة، كونستانتين فورونتسوف: “ليس من المستغرب أن تكون المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، الذين يصرخون الآن بأعلى صوت بشأن التضليل الروسي، تحت ذرائع كاذبة، قد ارتكبوا أعمال عدوانية مرتين ضد سوريا – في عامي 2017 و2018”.
والشهر الماضي، قال مندوب سوريا لدى “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية”، ميلاد عطية، إن الولايات المتحدة ودول غربية حوّلت تلك المنظمة إلى أداة للتلاعب السياسي وأبعدتها عن مهنيتها، وقوضت مصداقيتها.
ولكن الممثل البديل للشؤون السياسية الخاصة بالولايات المتحدة الأميركية، كان قد أشار إلى أن رفض “النظام” المستمر لتقديم الإجابات أو المعلومات التي طلبها فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في سوريا منذ سنوات، يمثل “إهانة” للمنظمة ولهذا المجلس وللمجتمع الدولي، بحسب
تهديد للشعب
وفي الوقت عينه، يشكل “إخفاقه” في الإعلان عن مخازن أسلحته الكيمياوية وتدميرها “تهديداً للشعب السوري والمنطقة الأوسع، وهذه السلوكيات مجتمعة تقوض أمننا الجماعي وتجعل العالم أقل أماناً”.
وأكد “فورد” على أن الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة بمحاسبة “النظام السوري” على استخدامه للأسلحة الكيميائية، وتدين بشديد العبارة استخدام الأسلحة الكيمياوية في أي مكان ومن قبل أي طرف وتحت أي ظرف.
وقبل أيام اتخذه الإدارة الأميركية إجراءات لمحاسبة ثلاثة مسؤولين عسكريين تابعين “للنظام السوري” شاركوا في الضربات الجوية في آب/أغسطس 2013 على الغوطة، وباتوا وأسرهم المباشرة غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، دعت الولايات المتحدة الأميركية، مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ “إجراءات حازمة” بحق “النظام السوري” لاستخدامه الأسلحة الكيمائية ضد مواطنيه، فيما طالب أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بتحديد هوية كل مَن استخدموا هذه الأسلحة في سوريا ومساءلتِهم.
وشدد “فورد”، على وجوب أن “يكف النظام عن عناده ويفي بكل بساطة بالتزاماته بموجب كل من قرار مجلس الأمن رقم 2118 واتفاقية الأسلحة الكيميائية في أسرع وقت ممكن”.
وفي العاشر من آذار/ مارس الماضي، قالت الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، إيزومي ناكاميتسو، إنه لم يتم إحراز تقدم بشأن الجهود التي يبذلها فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتوضيح جميع القضايا العالقة المتعلقة بالإعلان الأولي والإعلانات اللاحقة للحكومة السورية، منذ آخر اجتماع للمجلس بشأن هذه المسألة.
وجاء ذلك خلال مناقشة التقرير الشهري رقم 101 لمدير عام منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية، فرناندو آرياس، بشأن قرار مجلس الأمن 2118، بشأن القضاء على برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، بالإضافة إلى آخر المستجدات المتعلقة ببعثة تقصي الحقائق.
وأعربت، حينها، عن الأسف لمواصلة سوريا وضع شروط لنشر الفريق الأممي، بما يتعارض مع التزاماتها المتعلقة بإعلانها، وكذلك التزاماتها بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، على حد تعبيرها.
وأضافت أنه “يؤسفني إبلاغكم أن الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لم يتسن لها حتى الآن بدء الجولة الـ25 من المشاورات في دمشق؛ من جراء رفض سوريا إصدار تأشيرة دخول لأحد أعضاء فريقها”.