حماس ذراع إيران السني.. ما الظروف الإقليمية التي دفعتها للعودة إلى دمشق؟
درعا ـ نورث برس
شكلت عودة حماس الأخيرة إلى دمشق حالة من الانقسام بين مؤيد ومعارض لها وبين ما قلل من شأن إعادة علاقات بين دمشق وحماس انقطعت لعشرة أعوام.
الاختلاف في الرؤى وصل بقسمٍ من مؤيدي الحكومة بنعت حماس بـ”الخائنة” بسبب المشاركة في حربها على سوريا، أما القسم الآخر فوصف عودتها بسبب الصمود في وجه “المؤامرة الكونية”.
المعارضة السورية استنكرت على لسان أكبر أجسامها عودة العلاقات بين حماس ودمشق واعتبرها الائتلاف الوطني خيانة للأمة وانسلاخاً عن القضية.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية أغلقت بالشمع الأحمر مكاتب حركة حماس مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2012 بما فيها مكتب رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل في حي المزة وسط العاصمة دمشق.
وجاء ذلك حينها، رداً على إدانة الحركة قصف القوات الحكومية مخيم اليرموك للاجئين السوريين في دمشق، ومخيمي سبينة والحسينية في ريف دمشق، مما أدى لمقتل وجرح العشرات من الفلسطينيين.
وقبل أسبوع، التقى وفد يضم ممثلين عن فصائل فلسطينية، مع الرئيس السوري بشار الأسد في دمشق، وهي الزيارة الأولى للحركة منذ قطع علاقاتها مع الحكومة السورية ومغادرة دمشق عام 2012.
تدخلات إقليمية منعت العودة سابقاً
ميس الكريدي الباحثة في العلاقات الاستراتيجية الدولية في دمشق، قالت لنورث برس، إن زيارة حماس الأخيرة لدمشق هي “وضع حتمي ومنطقي لطبيعة الموقف السوري من القضية الفلسطينية ومن المقاومة”.
وأضافت أن تأخر عودة العلاقات بين حماس ودمشق، “تعطل بفعل تداخلات إقليمية وعمل ممنهج كبير ضمن أجندة دولية كبيرة لإبعاد سوريا عن محور المقاومة”.
وأوضحت أن عودة العلاقات أو الزيارة الأخيرة، هي “أمر متوقع” لأن سوريا هي “الحاضن الأساسي والداعم الرئيسي للقضية الفلسطينية وللمقاومة، وهذا منطقها وحتى أنها لم تتصرف برد فعل اتجاه كل ما حصل في الفترات السابقة وضمن دخول حماس في الاشتباكات الإقليمية حتى ضد سوريا”.
واستبعدت “الكريدي” انخراط روسيا في إعادة العلاقات بين حماس ودمشق، ولا تتوقع أن هناك تدخلاً روسياً بهذا الشأن.
فلسطينيو سوريا أكبر الخاسرين
الكاتب الصحفي الفلسطيني ماهر الشاويش، قال لنورث برس، إن “حماس لا تحتاج لمكان آمن لقياداتها فهي موجودة في أكثر من بلد وفي أسوأ الأحوال بوسع حزب الله أن يشكل لهم غطاءً في لبنان إذًا كانوا يريدون بلداً من بلدان الطوق”.
وأشار إلى أنه وبناء عليه فحماس “ليست مضطرة للذهاب إلى سوريا من أجل مكان آمن فسوريا ذاتها غير قادرة على حماية نفسها والطيران الإسرائيلي لا يكاد يغادر سماءها”.
ولم يستبعد الصحفي الفلسطيني وجود تأثير روسي لعودة حماس إلى دمشق، “لكنه الأقل”، وأضاف: “فالحاجة الروسية ليست بحجم الحاجة الإيرانية وحاجة حزب الله”.
وأشار أن هناك رغبة “بإعادة تعويم نظام الأسد، وقد تخدم عودة حماس هذه الرغبة وتدعمها من جهة تسويق أن النظام بات مقبولاً من الجميع”.
ونوه أنه لا يمكن إغفال حالة المناكفة بين روسيا وإسرائيل، وبالتالي كان ملف تحسن العلاقات بين دمشق وحماس “هو من هذه البوابة ووفقاً لهذا المنطلق”.
وأفاد أن الجزائر ترغب بعودة حماس إلى سوريا، “والجزائر رأس حربة في إعادة تعويم نظام الأسد عربياً وسعيها واضح بهذا الصدد وكذا إصرارها على إتمام خطوة المصالحة الفلسطينية قبيل عودة حماس إلى سوريا وكذا قبيل قمة الجامعة العربية”.
واستشهد “الشاويش” بكلام رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج (وهي أعلى هيئة علمائية في حماس) الدكتور نواف التكروري، معلقاً على قرار عودة حماس لحضن دمشق: “القرار سُلق سلقاً وأُخذ بطرائق لا تصلح لاتخاذ مثل هكذا قرار مفصلي”.
وأكد أن هذا التصريح “أهم وأخطر” تصريح من قبل قيادي في حماس بهذا الحجم ومؤشر خطورته يكمن في دلالاته على الطريقة التي يُصنع فيها القرار داخل المنظومة القيادية العليا في حماس وآليات نقاش القضايا المفصلية لديها.
وذكر أن هناك تحوّل وتغيّر ملحوظ في البنى القيادية للحركة انعكس على التوازنات داخلها “قد يؤسس لقرارات قادمة أكثر خطورة لا تمس حماس وحدها وحسب بل تؤثر على الكل الوطني الفلسطيني”.
وبين أن حزب الله اللبناني هو “أكثر المستفيدين” من عودة حماس لدمشق، “فقد جاء من يشاركه، لابل ويغسل عنه عار الموقف اللاأخلاقي، وأتاحت له حماس فرصة تسويق صوابية مواقفه كجهة إقليمية فاعلة تمتلك رؤية ثاقبة وبصيرة نافذة”.
وأكد أن فلسطينيو سوريا هم “أكبر الخاسرين” فقد “استغلتهم وظلمتهم جميع الفصائل الفلسطينية قبل الثورة السورية، ثم خذلتهم وباعتهم بأبخس الأثمان بعدها”.
وأشار إلى أنه “ثمّة تدافع داخل حماس في ما يتعلق بإعادة علاقتها مع النظام السوري. باختصار الغلبة فيه كانت لمن يؤمّن فاتورة الرواتب وملحقاتها ويتحكم بمسار تدفق المال في شرايينها، وحتى اللحظة يبدو أنه خط وتيار إيران”.
ضغوط إقليمية وراء العودة
وقال محمود الأفندي، الأمين العام لحركة الدبلوماسية الشعبية السورية في موسكو، لنورث برس، إن من الواضح أن الدول العربية بشكل عام ودول العالم “تشعر بأن هناك استقراراً سياسياً بسوريا، حيث استقرار بسلطة الحكم ووقف إطلاق النار وخفض التصعيد”.
وأكد أن ما جعل حماس تعيد علاقاتها مع سوريا هو “الضغط عليها من دول مثل قطر وتركيا وإيران، حتى لو سحب خليل الحية نائب رئيس حركة حماس تصريحه الذي يقول فيه إن الحركة ذهبت إلى دمشق بمحض إرادتها”.
وأضاف أن عودة حماس إلى سوريا، “كانت بعد لقاء القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأمير قطر تميم بن حمد، حيث أن هذا اللقاء أثمر فعلياً عن عودة حماس إلى سوريا، وبعدما قطر دعمت حماس في عودتها إلى دمشق نستطيع القول أن قطر سوف ترفع يدها عن المعارضة السورية”.
ونوه أنه بلا قطر وتركيا “كان من المستحيل عودة حماس إلى سوريا، كما أن كان هناك دور إيران في إعادة حماس للحضن العربي وإلى محور المقاومة والممانعة”.
وأفاد أن “الوقت حان لعودة سوريا إلى الحضن العربي، وذلك بعد انتهاء المعارضة السياسية بشكل كامل في سوريا والمعارضة العسكرية تحت السلطة التركية”.
وأكد على عودة العلاقات بين دمشق وحماس “بسبب وجود اللاعب الأساسي وهو تركيا، حيث أن الأخيرة وإيران وقطر، (الدول الأساسية الداعمة لحماس) هي داعمة لهذه الزيارة مما يعني عودة العلاقات لما قبل 2011، وسيحصل أيضا تطورات في العلاقات”.
وأعرب عن اعتقاده أنه في بداية العام القادم “سوف نلحظ تغيير في سياسات الدول المجاورة لسوريا والبعيدة منها مثل الدول العربية والدول الإقليمية حيث سنرى موجة إعادة العلاقات مع سوريا”.
وشدد على أهمية الوساطة التي تلعبها روسيا بين سوريا والدول العربية، حيث بدأت بالإمارات وفلسطين، “سوف نشهد موجة كبيرة من التطبيع مع الحكومة السورية”.