أملاك مسيحيي عامودا بعد هجرة غالبيتهم.. بين النسيان والإجراءات الخدمية المؤجَّلة
عامودا – ريم شمعون – NPA
كغيرها من مدن الجزيرة، اشتهرت عامودا، التي تقع في الشمال الشرقي من سوريا بتنوّع المكوّنات التي عاشت، ولا تزال تعيش فيها، حيث كانت الأغلبية من المكوّنين الكردي والسرياني، وخاصةً أثناء الهجرة المسيحية من الجانب التركي في عامي /1914/ و /1915/.
المدينة شهدت أيضاً قبل نحو /3/ عقودٍ من الزمن، هجرةً شبه جماعيةً لأبناء المكوِّن المسيحي، فبقيت أملاكهم موجودةً دون رعايةٍ أو اهتمامٍ يُذكر، حيث تحولت مقبرتهم والتي تُعرف الآن بـ"تل شرمولا" إلى مكبٍ للنفايات.
منال شيخ محمد، الرئيسة المشاركة لبلدية عامودا، تحدّثت لـ"نورث برس" عن الإجراءات التي من المقرّر أن تبدأ بها البلدية، لتأمين نظافة المقبرة.
وأوضحت شيخ محمد "أنّ جمعية عامودا لحماية البيئة قدمت طلباً للبلدية لتسوير المنطقة المحيطة بتل شرمولا وهي نفسها المقبرة، وتمت الموافقة على الطلب من المكتب التنفيذي للبلدية حيث تم رفعه لهيئة البلديات بكانتون القامشلي، وهذا الأمر جاء للحفاظ على أملاك المسيحيين".
وأضافت أنّه "يوجد إلى جانب المقبرة العديد من الأملاك الخاصة بالمسيحيين، ومنها عدة كنائس من بينها كنيسة مار إلياس التي تم إعادة تدشينها منذ سنتين في 2017".
وتُعتبر هذه الكنيسة من أقدم الكنائس الموجودة في المنطقة، حيث تم تدشينها وإعمارها في عام 1927، في السنوات الأولى لهجرة المسيحيين من تركيا واستقرارهم في مدينة عامودا.
في حين تحدّث محمد شيخ محمد مسؤول العلاقات العامة في مكتب شؤون الأديان، لـ"نورث برس"، حول واقع الكنائس الأخرى التي أصبح بناءها في حال يرثى له، وتل شرمولا الذي يُجرف بسبب الأمطار، ما أخفى عدداً من القبور.
إذ أكّد أنّه "لا يوجد حتى الآن إجراءاتٌ متَّبعةٌ من قبل المكتب للحفاظ على هذه الأملاك"، حيث أفاد أنّه "مستقبلاً يوجد العديد من المشاريع الخاصة لكافة الأديان والمعتقدات".
واستدرك شيخ محمد قائلاً: "لكن هذه المشاريع لا تزال قيد الدراسة، وبخصوص مشروع المقبرة سيتم طرحه خلال الاجتماعات القادمة لمناقشته".
كما لا تزال مدينة عامودا تضم خمسة عوائل من المكوِّن المسيحي، فيما تبلغ نسبة المواطنين الكرد فيها أكثر من /70%/ إضافة لنسبة نحو /20%/ من المكوّن العربي، فيما يتحّدث أبناء المدينة لـ"نورث برس" باختلاف تبعياتهم الدينية والعرقية عن اختلاطهم وتعايشهم مع بعضهم البعض.
التنوّع الديني
حيث يقول" سعيد جرجس" وهو من المكوّن السرياني الذي لا يزال مقيماً في المدينة: "عامودا عُرفت بتنوّعها واختلاف دياناتها، ولكن هذا الأمر كان له رونقٌ خاص، وهو ما كان يُميّز المدينة، وأنّ أهل المدينة من كُردٍ وسريانٍ وعربٍ، كانوا مميّزين في مختلف المجالات عن بقية أبناء المنطقة".
وحول أسباب الهجرة الكبيرة للمسيحيين يوضِّح جرجس بأنّ أوضاع المنطقة المعيشية كانت متدنيةً، وفرص العمل كانت قليلةً وغير متوفرة تقريباً، وكان الفقر منتشراً بين الأهالي، والمحلات التجارية لم تكن كثيرةً مقارنة بها اليوم، حيث يصل عددها لحوالي الألف متجراً حالياً، أما سابقاً لم يكن هناك سوى عشرون متجراً فقط.
وعن أملاك المسيحيين المهاجرين يؤكّد جرجس بأنّ الأملاك الخاصة "جميعها لا تزال موجودة من محلاتٍ أو بيوتٍ أو حتى أراضيٍ زراعيةٍ، بعضها تم تأجيره والبعض الأخر تم بيعه، والبقية يقوم أصحابها بزيارتها والاطمئنان عليها كل سنة تقريباً".
فيما وافق فهد حاج قاسو من المكوّن الكردي كلام جرجس، معتبراً أنّ الأسباب المعيشية هي من دفعت بالمسيحيين إلى الهجرة، وأنّهم كانوا يعيشون في المدينة دون النظر إلى ديانة الآخر، باعتبار الجميع أخوة، معرباً عن شعوره "بالأسف والحزن على أصدقائه الذين هاجروا".
في حين اعتبر عبيد محمد محمود الذي يعمل خياطاً في عامودا، أنّ "المكان الذي يتواجد به المسيحيين يتواجد به الخير، وأنّه سابقاً بوجودهم في المدينة كان هناك عمل أكثر".
وأضاف أنّهم "كشعبٍ يتقبلون الآخر كما أنّهم متحضرون من ناحية الفكر والمهن والتقاليد، وتمنى أن يعود المسيحيون إلى مدينتهم، معتبراً أنّ العلاقة التي كانت تجمعهم كانت مبنيّةً على المحبة والتفاهم والأخوة".