سكان حلب يبحثون عن الدفء مع غياب المازوت المدعوم

حلب ـ نورث برس

يعدم عبدالرحمن السيد (33 عاماً)، من سكان حي الأعظمية في حلب، الوسيلة لتدفئة أطفاله، فهو يخشى عدم حصوله على مادة مازوت التدفئة لهذا العام، إذ أنه استلم مخصصات العام الماضي المقدرة بخمسين ليتراً مع انتهاء فصل الشتاء.

ومنذ أسبوع تقريباً، وبسبب “إحباطه” من الوعود الحكومية وإجراءاتها الخاصة بتأمين مخصصات مازوت التدفئة، بدأ “السيد” سعيه الحثيث لتأمين المازوت من السوق السوداء، “هو خياري الوحيد في مواجهة برد الشتاء”.

يقول “السيد” وهو أب لثلاثة أطفال، لنورث برس: “من المؤكد أنني لن أحصل على أي ليتر مازوت من الحكومة، فالعام الماضي انتظرت الرسالة الخاصة باستلام هذه المادة ولم تصلني ولا أظنها ستصلني هذا العام أيضاً”.

وحتى لو شاءت الأقدار ولعب الحظ دوره مع “السيد”، ووصلته رسالة الاستلام، “فلن يتغير واقع الحال كثيراً فكمية 50 ليتر التي صدعت بها الحكومة رؤوسنا لن تكفيني لأكثر من أسبوع بأيام الشتاء الباردة، لذلك سأضطر للحصول على المادة من السوق السوداء”.

وفي الرابع عشر من الشهر الماضي، أعلنت وزارة النفط السورية، بدء التسجيل على مازوت التدفئة لموسم 2022-2023، بكمية 50 ليتراً كدفعة أولى، بالسعر الحرّ من المحطات المخصّصة، عن طريق البطاقة الذكية، اعتباراً من مطلع هذا الشهر.

وأوضحت الوزارة لوكالة “سانا” التابعة للحكومة، أن أولوية التنفيذ ستكون لأقدم عملية شراء سابقة.

ويُباع المازوت بالسعر الحرّ في مناطق سيطرة الحكومة السورية، بسعر 2500 ليرة سورية، فيما يتراوح السعر في السوق السوداء ما بين3500 ليرة كحدٍّ أدنى إلى 7000 ليرة سورية.

ويحق للعائلة طلب 50 ليتراً بالسعر المدعوم و50 ليتر بالسعر الحر، “ولكن يبقى مجرد طلب ولا أحد يعرف متى سيحصل على هذه المخصصات، بحسب “السيد”.

وفي تصريحات صحفية، قال مدير سادكوب في حلب عبد الإله ندمان، إن نسبة توزيع المازوت المنزلي وصلت “لـ16٪ بالمئة”، وأن الحكومة “أمنت لمدينة حلب حوالي 900 ألف ليتر ستصل قريباً، بالإضافة لكميات ستصل لاحقة”، دون أن يبين إذا ما كانت هذه الكميات ستكون كافية للسكان.

ويضيف: “أما في السوق فالمادة متوفرة وبالكمية التي تريد وتصل حتى منزلك، ولكن بسعر 7000 آلاف وأحياناً 8000 ليرة لليتر. حتى الآن لم أتمكن سوى من شراء 30 ليتراً بسعر 7200 ليرة لليتر الواحد”.

ويشير الرجل إلى أنه سيواصل شراء المازوت كلما توفر معه مبلغ من عمله في ورشة للخياطة، إذ يتقاضى مرتباً شهرياً يصل إلى 500 ألف ليرة سورية.

ويقول: “يجب أن أقتطع جزءاً من هذا المرتب لمصاريف الأمبيرات وأسطوانة الغاز والمازوت، والباقي إذا تبقى أصلاً فسيكون لتدبر باقي مصاريف المنزل من طعام وشراب وطبابة”.

ويتساءل زياد عجان (40 عاماً) وهو من سكان حي الشعار في حلب، عن الحد الأقصى لأسعار المحروقات عندما يحل فصل الشتاء.

ويقول لنورث برس: “50 ليتر مازوت ثمنها 400 ألف ليرة بالسوق السوداء وجرة الغاز بذات السوق 110 آلاف ليرة، والحطب يبلغ سعر الطن الواحد مليون و500 ألف ليرة. هذه الأسعار طبعاً والشتاء لم يصل بعد فكيف مع حلول البرد”.

ويضيف: “الحكومة لا تجيد سوى الكلام وإطلاق الوعود فمواد التدفئة على اختلافها غائبة من المخازن الحكومية لكنها متوفرة وبكثرة بالسوق السوداء، وهذه السوق هي للأغنياء، والفقراء عليهم تحمل البرد”.

وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات ومنها مازوت التدفئة، يتساءل عبد القادر حميد (47 عاماً) وهو من سكان حي الأكرمية في حلب، كيفية توفير وسيلة للتدفئة، إذا كانت عائلات لا تستطيع تأمين مستلزماتها البسيطة من المواد الغذائية والتموينية؟.

ويقول: “لربما بات الدفء من الكماليات بنظر الحكومة التي تغض النظر عن السوق السوداء وتتغاضى عن حقوقنا بتوفير وسائل دفء لأطفالنا”.

إعداد: جورج سعادة – تحرير: قيس العبدالله