الجفاف وقلة الدعم.. مزارعو منبج يتخوفون من زراعة القمح
منبج – نورث برس
على غير العادة، يفكر عمار بزراعة الخضروات هذا العام، بعد خسائر لحقت به نتيجة زراعته للقمح الموسم الماضي، يحاول الرجل التغيير في نمط المواسم المعتادة، إذ يعتبر أن الخضروات تدرُّ ربحاً وفيراً، وموسمها “مضمون”.
وتساور المزارع مخاوف، من الجفاف، في ظل نقص معدلات الهطولات المطرية في العامين الماضيين، الأمر الذي جعله يفكر بزراعة الخضروات، لكن قلة المياه الجوفية والدعم القليل بالمحروقات، يفاقم مخاوفه من الزراعة بشكل عام.
يقول عمار الحسن (48عاماً)، وهو مزارع من قرية عوسجلي صغير، “هذا العام، نمر بجفاف وقحط غير مسبوق، وغلاء في الأسعار، فنسبة الجفاف كبيرة، ومياه الآبار انخفضت بشكل ملحوظ، ووصلت لمستوى متدنٍ، من 80 متراً إلى 100 متر في جوف الأرض”.
وعلى ذلك، بات محرك المياه لدى “الحسن” يحتاج لاستبدال، وتوصيل “قساطل” جر المياه من البئر، وهذه القطع التي يحتاجها لتشغيل محرك استجرار المياه خاصته باهظة الثمن وجميعها بالدولار.
وشهدت الليرة السورية تدهوراً كبيراً في قيمتها أمام الدولار، إذ وصل سعر الصرف لأكثر من خمسة آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، الأمر الذي فاقم معاناة المزارعين في منبج، حيث أنهم يبيعون محصولهم بالليرة السورية ويشترون مستلزماتهم بالدولار.
كما يترتب على المزارعين و”الحسن” من ضمهم شراء المازوت، وغالباً ما يشتريه المزارعون من السوق السوداء في ظل قلة الدعم المخصص للزراعة من قبل الإدارة الذاتية، واستخدم بعض مزارعي منبج مخصصات التدفئة الشتوية لسقاية محاصيلهم، ليواجهوا الشتاء بالحطب.
ويشدد “الحسن”، على ضرورة زيادة كمية المحروقات، والنظر بوضع المزارعين وتسليمهم قروضاً من قبل اللجنة الزراعية في منبج، لمساعدة المزارعين على زراعة أراضيهم، في ظل التكاليف الباهظة للزراعة.
وينضم خليل الموسى (44عاماً) من ذات قرية “الحسن”، لنظيره في التشديد على ضرورة توفير قروض للمزارعين، لا سيما أن قريتهم تشتهر بزراعة القمح، وتصل مساحة الأراضي الزراعية فيها إلى 150 هكتاراً.
ويرى أنه على الإدارة المدنية في منبج مساعدتهم وتلبية احتياجاتهم خاصة في ظل الجفاف الذي تعاني منه المنطقة، حيث اضطر نتيجة قلة المياه الجوفية لتبديل محرك المياه خاصته، من محرك بأربعة رؤوس لآخر بستة.
ويشتكي مرعي الإبراهيم (50عاماً) وهو مزارع من قرية العوسجلي أيضاً، من الجفاف وتدني مستوى المياه الجوفية، وقلة الدعم بالمحروقات، لذا بات الرجل يتخوف من زراعة القمح هذا العام.
وتشتهر قرية العوسجلي بزراعة القمح، إذ وصل إنتاج القرية من القمح في الموسم الماضي إلى 600 طن، ويعتمد غالبية سكان القرية على الزراعة في تأمين معيشتهم، ويتخذونها كمصدر دخل أساسي.
لكن في ظل ارتفاع تكاليف زراعة القمح، من أجور حراثة وأسمدة وبذور ومبيدات، وأيدي عاملة، بالإضافة للمناخ، بدأ الكثير من المزارعين يتخوفون من الزراعة، ويفكرون بتركها.
ومنعت الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، في تعميم نشرته السبت الماضي، حفر الآبار الجوفية السطحية منها والعميقة، اعتباراً من مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، تحت طائلة المساءلة القانونية وحجز الحفارة.
وقالت الإدارة إن سبب قرارها هذا هو “الحفاظ على مخزون المياه الجوفية للمنطقة”.
وعلى ذلك، يتخوف غالبية مزارعي القمح من الجفاف ونقص المياه الجوفية، في ظل عدم نية الإدارة الذاتية توزيع محروقات للزراعة.