الفلتان الأمني يشلُّ أسواق درعا وينعكس على الوضع المعيشي

درعا ـ نورث برس

بتخوف خلدون نصرالله، وهو أحد تجار مدينة درعا البلد جنوبي سوريا، من الوضع الأمني المتردي في المحافظة، فبعد كل عملية اغتيال تشهد الأسواق أيام من الركود نظراً لتخوف السكان من عمليات الاغتيال والملاحقات.

هذا الحال، بالإضافة لضعف القدرة الشرائية للسكان في درعا، يؤثر على واقع التجارة في المحافظة، بحسب “نصر الله”.

ويضيف التاجر لنورث برس: “التخوف من الوضع الأمني جعل التجار من باقي المحافظات يتريثون في إرسال البضائع لدرعا، بالإضافة للإتاوات على الحواجز المنتشرة بكثرة والتي تفرض الأموال على أبسط البضائع مما انعكس سلباً على أسعارها”.

ويرى التاجر أن التدهور الاقتصادي المرتبط بالفلتان الأمني، أجبر السكان على شراء المواد الأساسية فقط.

وما يثير قلق “نصر الله”، هو تفاقم حالة الركود، “منذ عام 2018، أي بعد التسوية ولغاية الآن ومحافظة درعا نحو الأسوأ، فلتان أمني شل أسواق وتجار درعا”.

وانعكس الفلتان الأمني على جميع القطاعات في محافظة درعا، تراجعٌ في مستوى التعليم، كسادٌ في المنتجات الزراعية، أسواق تجارية تعاني ركوداً غير مسبوق، كل هذا زاد من معاناة السكان الواقعين بين تهديدات أمنية وخسائر مادية تزداد بشكل يومي.


اقرأ أيضاً:


تضييق أمني

يشرح عبد الحكيم المصري وزير المالية في الحكومة المؤقتة التابع للمعارضة السورية تأثير الوضع الأمني والتضييق الحاصل في درعا على تزايد البطالة بين شباب المحافظة.

ويقول لنورث برس: “حواجز النظام الي لا تسمح للشباب أن يغادروا خارج منطقتهم لأن أي شخص يخرج يصبح عرضة للاعتقال، فقسم كبير منهم لم يذهب للجيش، وبمجرد خروجه يتم سحبه على أقرب حاجز إلى الجيش لذلك يفضلون البقاء في بيوتهم وهذا يؤدي إلى تزايد البطالة”.

ولكنه يشير إلى أن قسماً من الشباب حالفهم الحظ وتمكنوا من الهجرة، بعد أن اضطر ذويهم لبيع ممتلكاتهم وأراضيهم بأسعار مخفضة، بغية خروج شخص أو أكثر من العائلة الواحدة إلى إحدى الدول الأوروبية.

ويضيف: “إلا أن لتلك الهجرة تداعيات سلبية على اقتصاد المحافظة، حيث أثرت على توفر اليد العاملة لبعض المهن والمصالح، وهو ما كان سبباً في تعطيل العمل والسكان”.

ومما أثر على اقتصاد المنطقة، هو عدم قدرة المزارعين على الوصول إلى أراضيهم بسبب التوترات الحاصلة في المنطقة، “كما حدث قبل فترة في مدن جاسم وطفس، وهذا ما كبّدهم خسائر كبيرة”، بحسب وزير المالية في “المؤقتة”.

ويرى “المصري”، أن “النظام السوري لا يريد أن يكون هناك استقرار في المنطقة الجنوبية ويحاول السيطرة على كل شيء وإعادة الأمور كما كانت قبل عام 2011. ولكن هذا صعب على الأقل لعدة سنوات قادمة”.

معاناة الشباب

يضطر عماد الزعبي، وهو موظف في إحدى المنظمات الأهلية، للسير لمسافات طويلة تجنباً للمرور على الحواجز العسكرية، حتى يستطيع الوصول إلى مقر عمله ثم العودة إلى منزله، إذ أنه مطلوب للخدمة الإلزامية.

ويسعى “الزعبي”، وهو من سكان ريف درعا الشرقي، لتأمين تكاليف السفر، “حينها سأغادر سوريا كما فعل عدد من زملائي سابقاً”.

ويصف الباحث والصحفي حسام البرم المقيم في فرنسا، العلاقة بين الجانب الأمني والوضع المعيشي بـ”الطردية والمهمة جداً والأساسية”، حيث لا يمكن أن يكون هناك استمرار و وازدهار في الوضع المعيشي بدون توفر وضع أمني بشكل عام.

كل في منطقته

وبسبب التخوفات من الوضع الأمني المتردي في درعا، اقتصرت عمليات بيع وشراء المواشي كلٌّ في منطقته.

ويقول محمود الرشيد (55 عاماً) وهو أحد تجار المواشي في محافظة درعا، لنورث برس، إن الفلتان الأمني الذي تشهده المحافظة أثر على تجارة المواشي وتحركاتهم.

ويوجد أكثر من أربعة أسواق مركزية لتجارة المواشي في المحافظة، لكن بسبب خشية التجار على أنفسهم وأموالهم من السرقة، اقتصرت حركة شراء وبيع المواشي كل في منطقته، وخاصة خلال العامين الأخيرين.

وقبل العام 2011، كان تجار محافظة درعا يقصدون أسواق العاصمة دمشق لبيع المواشي فيها.

وأشار “الرشيد” إلى أن عمليات اختطاف وقتل السكان أثرت بشكل سلبي على الوضع المعيشي، حيث ألغى الكثير منهم أعماله بسبب عدم القدرة على التنقل، خوفاً على أنفسهم.

وحمّل التاجر، الأجهزة الأمنية التابعة للقوات الحكومية التي تنتشر “بشكل مكثف” في مسؤولية الفلتان الأمني وكثرة عمليات الاغتيال والاختطاف.

وأوضح أن عمليات القتل والاختطاف “دائماً تسجل ضد مجهول ولا تحرك الشرطة المدنية ساكناً فلا يتم التحقيق في أي عملية قتل أو متابعة حيثياتها رغم أن الكثير من عمليات القتل تتم قرب الحواجز العسكرية الحكومية”.

إعداد: إحسان محمد ـ تحرير: قيس العبدالله