“ارتفاع أسعار وانهيار عملة إلى أين نذهب؟”.. سكان من منبج يتساءلون

منبج – نورث برس

يدأب إبراهيم على الحضور باكراً إلى سوق الهال في منبج، أملاً بزيادة غلته اليومية، حيث يعيل الرجل أطفاله الثلاثة، من عمله بـ”العتالة” في السوق.

ويجني الرجل يومياً من 10 آلاف ليرة سورية إلى 12 ألفاً، وفي حال مرضه، وتغيبه عن العمل، يبيت أطفاله بلا إحدى الوجبات.

ويعاني سكان منبج، شمالي سوريا، من الأجور المتدنية وارتفاع تكاليف المعيشة، في ظل ارتفاع أسعار السلع وربطها بالدولار الأميركي.

ويشتكي إبراهيم العلي (31 عاماً) وهو من سكان منبج، من صعوبة تأمين لقمة العيش، في ظل تدني قيمة الأجور اليومية، ويعاني الرجل أوضاعاً اقتصادية سيئة.

يقول “العلي” إن دخله اليومي لا يتناسب مع احتياجات أسرته، خاصة وأنه يتقاضى أجرته بالليرة السورية.

وأثرت ظروف الحرب منذ العام 2011 على الوضع الاقتصادي للسكان، وألحقت ضرراً بالغاً بالعملة السورية التي تدهورت بنسبة تزيد عن 100%، وفاقم قانون قيصر 2020 من تدهور العملة السورية.

وسجلت الليرة السورية تدهوراً حاداً وصل لمستويات “قياسية”، الأسبوع الماضي، حيث تجاوز سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة السورية حاجز الـ 5000 ليرة.

وحال سامي ليس ببعيد عن إبراهيم، إذا يعمل سائقاً لسيارة أجرة داخل منبج، هو الآخر يشتكي من عدم التناسب بين ما يجنيه، وما يترتب عليه من مصاريف.

يقول سامي إبراهيم (40 عاماً)، “أصبح عملي لا يلبي احتياجات المنزل، فاليوم المصاريف أصبحت كثيرة وما أجنيه من عملي لا يغطي ما تحتاجه أسرتي وسيارتي”.

ويضيف، أن الوضع المعيشي أصبح “سيئاً للغاية”، إذ يجني من عمله على تكسي الأجرة، في اليوم الواحد من 15 إلى 20 ألف ليرة.

هذا المردود لا يناسب “إبراهيم”، “أي عطل في سيارتي سأضطر لدفع ما أجنيه في اليوم، وأحياناً اضطر للاستدانة، فقطع غيارات السيارات جميعها بالدولار”.

وأمام الغلاء وتدني قيمة الأجور، يفكر عمر بالهجرة، ويرى الشاب أنها الحل الوحيد لمشكلة من هم في جيله، حيث لا تؤمن الأجور المتدنية مستقبله وأقرانه.

ويقول عمر العبد الله، وهو شاب من سكان منبج، إن “الوضع أصبح لا يطاق”، ولن يستطيع أن يؤمن مستقبله، أو يتمكن من الاستقرار، “فأي شاب يفكر في الزواج أو شراء منزل أو إنشاء عمل خاص به، يعتبر مستحيلاً”.

ودفعت الأوضاع الاقتصادية السيئة وتدني قيمة الأجور بالكثير من الشبان للهجرة، لتحسين أوضاعهم المادية، وشهدت الفترة الأخيرة تزايداً في أعداد المهاجرين إلى أوروبا.

وتراجعت القيمة الشرائية لليرة السورية مع التدهور “الكبير” بقيمتها، لذا وجد كثير من محدودي الدخل أنفسهم أمام تحدي تراجع القدرة الشرائية لدخلهم، وتأمين تكاليف معيشتهم.

ومعدل الفقر، هو قدرة الأسرة على تأمين احتياجاتها الأساسية، أما الأمن الغذائي فهو القدرة على تحمل ارتفاع الأسعار، وبالتالي هناك ارتباط كبير بينهما.

والعام الماضي، قال مارتن غريفيث، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن “أكثر من تسعين في المئة من السكّان في سوريا يعيشون تحت خط الفقر”.

وفي أيار/ مايو الماضي، قال شفيق عربش المدير السابق لمكتب الإحصاء المركزي والأستاذ في كلية الاقتصاد السورية، إنَّ واقع الأمن الغذائي في البلاد مهدد حالياً، وسيُساهم بزيادة معدل الفقر.

وكشف عربش، أن نسبة معدل الفقر بين العامين 2020 – 2021 تتراوح بين 90 – 95%.

وأشار إلى أنه بحسب الإحصائية، “يوجد 8.3% من الأسر تعاني من انعدام شديد بالأمن الغذائي، 47.2% يعانون من انعدام متوسط، 39.4% يتمتعون بأمن غذائي مقبول، ولكنهم معرضون لانعدامه مع أي صدمة تتعلق بارتفاع الأسعار”.

ووجد علي الأحمد (35 عاماً) حرفي من سكان منبج، نفسه عاجزاً عن شراء حاجياته بكميات كبير، واضطر لشرائها بالقطعة والكيلو الواحد، أي بقدر يكفيه ليوم واحد.

ويقول، إن “انهيار العملة خلّف الكثير من الفقراء، والواقع ينذر بانعدام الأمن الغذائي وارتفاع معدل الفقر”.

إعداد: أحمد عبد الله – تحرير: زانا العلي