الرقة – نورث برس
منذ مساء اليوم السابق، عزل حمود، خمسة رؤوس من قطيعه، وزاد من كمية العلف لها، تحضيراً لإرسالها إلى “الماكف” صباح اليوم التالي، وبالفعل أرسلها.
باع الرجل الرؤوس الخمسة، بمليون ليرة (حوالي مئتي دولار أميركي)، ويجد أن هذا المبلغ قليل، إذ لا يكفي لمصاريف عائلته، وعلفاً لأغنامه لأقل من أسبوع.
وتشهد أسعار الماشية تراجعاً كبيراً، في ظلّ غلاء الأعلاف وتكاليف المعيشة لمربيها، واضطرّوا لبيع عددٍ منها لتأمين الأعلاف، ما سبّب تراجعاً كبيراً بأعداد القطعان لدى المربين.
حمود الحسن، (٤٧ عاماً)، مربي أغنام، من قرية الكالطة، شمالي الرقة، شمالي سوريا؛ وجد نفسه مكتوف اليدين وهو ينظر إلى قطيع أغنامه يتلاشى.
يقول، إنه كان يملك مئة رأس من الأغنام، اشترى بعضاً منها بسعر 800 ألف للرأس الواحد (أكثر من مئتي دولار) حينها، واضطرّ لبيعها خلال العامين الماضيين؛ لعدم قدرته على تحمُّل أعباء مصاريفها.
ويُضيف، أنه بين الحين والآخر يضطرّ لبيع 10 رؤوس من أغنامه، لكي يشتري أعلافاً لبقية قطيعه، أو ليستأجر لها مرعى.
ويعاني مربو الأغنام في الرقة، من نقص في المواد العلفية، وغلاء بأسعارها، الأمر الذي أدى إلى تراجع الثروة الحيوانية، في ظلّ اعتماد غالبية سكان الريف عليها كمصدر أساسي في الدخل.
ويترافق تراجع الثروة الحيوانية، مع قلة الهطولات المطرية، حيث أدّت موجة الجفاف التي ضربت المنطقة في السنوات الأخيرة، لتراجع وانعدام المساحات الرعوية.
وعزف خليل الحيوي، (٤٠عاماً)، من مزرعة العدنانية، غربي الرقة؛ عن تجارة الأغنام بعد التراجع الكبير بأسعارها، وتعرّضه لعدة خسائر نتيجة انخفاض الأسعار وارتفاع تكاليف تربيتها.
يقول، إنه كان يجني أرباحاً “جيدة” من التجارة بالأغنام، حيث كان يشتري “الحيوي” رؤوساً من الأغنام، يقوم بتسمينها ويبيعها، لكن غلاء الأعلاف أجبره على ترك هذه المهنة.
ويُضيف أن آخر قطيع اشتراه منذ نحو عام ونصف، خسر في الرأس الواحد 300 ألف ليرة.
ويبلغ سعر الكيلو غرام من مادة الشعير 3 آلاف ليرة، بينما بلغ كيلو “التبن” 350 ليرة، أما القمح فقد وصل سعره إلى 2500 ليرة.
أما بالنسبة لأسعار استئجار (ضمان) الأراضي الزراعية ؛ يصل سعر الدونم الواحد من البرسيم أو القطن أو غيرها من المحاصيل؛ حوالي ٢٠٠ ألف ليرة كلاً في موسمه، حسب مربي ماشية.
من جهته، يقول خلف الحسين، عضو مكتب الثروة الحيوانية في الرقة، إن نسبة تراجع عدد الأغنام في العام الجاري 2022، بلغت حوالي الـ 30%، عن العام الماضي 2021.
وبلغت أعداد الأغنام في عام 2021، أكثر من مليونين و900 ألف رأس، في حين تراجع عددها في العام 2022 ليصبح مليوناً و900 ألف رأس تقريباً، للمقيمين والوافدين، بحسب مكتب الإحصاء في لجنة الزراعة في الرقة.
وتمثل الأغنام عماد الثروة الحيوانية، وترافق تراجع أعدادها؛ مع قلة مساحات المناطق الرعوية، نتيجة تدنّي معدلات الأمطار، والجفاف الذي ضرب المنطقة.
ويرى “الحسين”، أن كمية الأعلاف (النخالة) المقدّمة من قِبل الجمعيات؛ لمربي الأغنام غير كافية، “لكنها ضمن الإمكانيات المتاحة”، ويُعزي السبب؛ لقلة مادة النخالة، بسبب وجود معمل واحد يُنتج 60 طناً يومياً و”هذه الكمية قليلة جداً”، على حدّ قوله.
ويُضيف “الحسين”، لنورث برس، أن عدم وجود قرار يُمنع بموجبه ذبح إناث الغنم، زاد من نسبة التراجع في أعداد الأغنام في المنطقة، كذلك غلاء الأعلاف وعدم قدرة المربين على تأمينها، وقلة المراعي، وغلاء “الضمان” للأراضي المزروعة بمراعي الماشية.
وأشار، أن بعض مربي الأغنام من الوافدين، رحلوا مع أغنامهم خارج مناطق الإدارة الذاتية؛ بسبب قلة المناطق الرعوية، (البور، البادية).
وفي هذا الوقت من العام؛ تكثر الأمراض التي تصيب الأغنام، كالجدري، الحمّى القلاعية “الضلاع”، والدميّة، إلا أن مكتب الثروة الحيوانية؛ قال لنورث برس، “لا خطة لدينا لتقديم الأدوية لمكافحة هذه الأمراض”.
وفي السادس والعشرين من شباط /فبراير، الماضي، قال مسؤول في لجنة الزراعة، إن صعوبة إدخال المواد العلفية للماشية إلى مناطق شمال شرقي سوريا، تهدّد الثروة الحيوانية، وأضاف لنورث برس، حينها؛ أن استيراد الأعلاف “أمر مكلف للغاية”، ويضاعف أسعارها.