وسط مخاوف من انتشار الكوليرا.. لحوم وأطعمة غذائية مكشوفة تباع في القامشلي
القامشلي – نورث برس
تتجنّب سارة، هذه الأيام، شراء اللحوم والأطعمة الغذائية المكشوفة من سوق مدينة القامشلي، وخاصةً بعد سماعها أنباء عن إصابات وحالات اشتباه ووفاة بمرض الكوليرا، في مناطق شمال شرقي سوريا.
سارة مصطفى، (50 عاماً)، التي قدمت منذ ساعات الصباح من قريتها؛ إلى القامشلي للتبضُّع، تقول إنها اشترت مؤخّراً لحماً من سوق القصابين، وبعد إحضاره للمنزل عرفت أنه فاسد لا يصلح للأكل، لتقوم بإرجاعه لصاحب الملحمة خوفاً من تسببه بأمراض.
ووسط تزايد حالات الاشتباه بالكوليرا، تعبِّر السيدة الخمسينية؛ عن مخاوفها من وصول المرض لأفراد عائلتها، وخاصة أنها لا تعرف شروط ذبح الحيوانات وطريقة تقطيعها، بالإضافة إلى طريقة صناعة المواد الغذائية.

والثلاثاء الماضي، أعلنت الإدارة الذاتية، أنها سجّلت أكثر من 5365 حالة منذ بداية انتشار المرض، يشتبه بإصابتها بمرض الكوليرا، فيما وصل عدد الإصابات المؤكّدة إلى 105 حالة، و17 حالة وفاة.
وقبل ذلك بأسبوع، كان عدد حالات الاشتباه بالكوليرا؛ 2867، والحالات المُثبتة 78 حالة، والوفيّات 16 حالة، بحسب ما أعلنته هيئة الصحة في الإدارة الذاتية؛ عبر مؤتمرٍ صحفي.
وبمجرد مرورك في سوق القامشلي، تشاهد الباعة يعرضون منتجاتهم الغذائية من الجبن واللبنة والزيتون ودبس الفليفلة والمخلّلات وغيرها دون تغطيتها، ما يسمح للحشرات بالتجمّع على بعضها وخاصة في الأيام التي ترتفع فيها درجات الحرارة.
في حين تُذبح مئات المواشي من الأغنام والأبقار في مسلخ القامشلي، وتُنقل اللحوم من المسلخ لسوق القصابين بالمدينة؛ بسياراتٍ مكشوفة وسط أجواء مغبّرة وانتشار الحشرات والذباب حولها.

وأثناء تجولك بسوق القصابين، تنبعث الروائح الكريهة جرّاء تراكم النفايات وتجمعها بآخر السوق, الأمر الذي يجبرك للمرور سريعاً وحبس أنفاسك لمنع استنشاق تلك الروائح.
وترى اللحوم معلقة دون تغطيتها بأكياس، بينما يتجمّع الذباب حول “فوارغ وأمعاء” موضوعة على الأرض.
وعلى رصيفٍ مجاور لأحد محال بيع اللحوم، ينهمك شاب بكسر عظام المواشي المذبوحة إلى أجزاء، على الأرض التي تكون موطئ أقدام عشرات إن لم يكن مئات من السكان يومياً.
وفي ذات السوق، يؤكد جهاد حمدو، حرصه “الشديد” على نظافة محله واللحوم التي يبيعها، مشيراً إلى أن هيئة الصحة تقوم بحملات مراقبة وإعطائهم إرشادات، وتشدّد على موضوع نظافة السوق لتجنّب انتشار مرض الكوليرا.
لكن في ذات المحل، تشاهد عظام حيوانات مرمية على الأرض بين أقدام صاحب المحل، كان قد فصل اللحم عنها تمهيداً لكسرها وبيعها.
ويعبّر “حمدو”، عن مخاوفه من تفشّي المرض في المنطقة؛ الأمر الذي قد يتسبّب بخسائر مادية له، كباقي بائعي اللحوم، كما حدث خلال العامين الماضيين أثناء انتشار فيروس كورونا، وفرض فترات من الحظر الكلي بالمنطقة.
وينتشر الكوليرا في المناطق التي تعاني شحّاً في مياه الشرب، أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي، وينجم في أغلب الأحيان عن شرب مياه ملوثة أو طعام ملوث، بحسب منظمة الصحة العالمية.
ومنذ أن ذاعت الأنباء عن وجود إصابات بالكوليرا، في شمال شرقي سوريا؛ يحرص نصر الدين ملك، (60 عاماً)، هو الآخر على اختيار المواد الغذائية والخضار والفواكه بعناية، خوفاً من إصابة أفراد عائلته بالمرض.
وتزداد مخاوف الرجل الستيني، من سكان القامشلي، وخاصة أن هناك مزارعون في المنطقة يسقون مزروعاتهم الورقية بمياه الصرف الصحي، دون علم أحدٍ بذلك.
وتعتبر ظاهرة استخدام مياه الصّرف الصّحي في تفاقم بعد الحرب، وخاصة في المناطق التي لا تتوفر فيها المياه العذبة، وسط ارتفاع تكاليف ضخّها أو الحصول عليها، الأمر الذي يجعل الاعتماد على مياه الصّرف الصّحي “سلوكاً اعتيادياً”.
وبالعودة إلى سوق القامشلي، ترى بائعاً يملأ لأحد الزبائن عدة كيلوات من الجبن في كيسٍ أبيض؛ بيديه؛ دون استعمال الكفوف، وفي المقابل يحرص البعض لاستخدام المعالق، لكن أطعمتهم المعروضة للبيع مكشوفة.
ويقول مسعود هلوش، صاحب محل بيع القيمر والعسل بالقامشلي، إنه بعد تسجيل إصابات بالكوليرا في المنطقة، بات يحرص على النظافة أكثر بمحله وبمنتجاته.
ويؤكّد “هلوش”، قيامه بوضع الأغطية على الأطعمة مثل الجبن والقيمر والعسل، والاحتفاظ بها داخل البراد, “لأن كشفها يعرِّضها للذباب والتلوث وقد يسبّب تناولها أمراض”.